أستاذ اقتصاديات الأسعار في جامعة دمشق يتحدث عن أهم ما يجب تعديله في قانون حماية المستهلك
الاقتصاد اليوم:
يمكن أن نسميه عصفاً ذهنياً، وبعضهم يستبشر خيراً من المحصلات والنتائج المرتقبة، ولو أنّ ثمة إحباطاً أفرزته معظم التجارب السابقة لندوات و ورشات الحوار المفتوح.. فالجدل حول المرسوم التشريعي رقم 8 الخاص بالسوق والمستهلك والذي ينظم عمل وزارة التجارة الداخلية، وعلاقتها مع مهامها واسعة الطيف مع السوق، بدأ منذ بعيد صدور القانون، ولعلّ أكثر ما فيه من حيثيات مثيرة للقلق هو أنه تضمن عقوبة السجن للتجار المخالفين، وكما نعلم فالتاجر صوته عالٍ، لذلك أثير ما أثير من لغط حول المرسوم.
مؤخراً انطلقت ورشات عمل موسعة لإعادة النظر بمعظم القوانين المتعلقة بعمل وزارة التجارة الداخلية، ومن الطبيعي أن يكون المرسوم 8 صاحب النصيب الأكبر من الجدل، وتابع الجميع الحوارات الساخنة التي جرت داخل قاعات الاجتماعات.
الأحاديث ذهبت باتجاهات مختلفة، لكن بعض الأصوات حافظت على رصانتها وهدوئها، أملاً بتقديم أفكار بناءة بالفعل، ومن هؤلاء أستاذ اقتصاديات الأسعار في جامعة دمشق الدكتور مظهر يوسف، الذي كانت له وجهة نظر في إجابته عن سؤال حول رؤيته لتطوير المرسوم 8 .
قصور
في البداية يرى الدكتور يوسف، أنه من الضروري إضافة جملة مواد وبنود إلى المرسوم، حيث إن المرسوم الحالي “8” لم يتطرق إليها أو تطرق إليها بشكل عابر أولها: التعاقد عن بعد وحماية المستهلك الإلكتروني ومن ضمنها موضوع التجارة الإلكترونية.. هذا إلى جانب ما يتعلّق بالممارسات التجارية المجحفة مثل: الإعلان عن منتجات غير متوفرة ولا يمكن توفيرها، والادعاء بأن منتجاً سيتوافر لمدة محدودة أو بشروط محدودة أو كمية محدودة … الخ.
كما أنّ المرسوم الحالي ينطوي على ثغرة تتعلق بالشروط المحظورة في العقود مثل: إعفاء المشغل الاقتصادي من التزاماته، منحه صلاحية فسخ العقد أو تعديله بإرادته فقط، استبعاد حق المستهلك باللجوء إلى القضاء … الخ.
ولم يتطرّق إلى الإعلان الإلكتروني: إرسال إعلانات إلى البريد الإلكتروني.. الخ., ولم يلحظ طريقة معالجة السلعة المعيبة، ولا طريقة التعامل مع السلع المستعملة والمجددة.
إضافة إلى ثغرات أخرى مثل، الالتزامات عند تكرار الخلل، والخطأ في تركيب المنتج، وما يتعلق بحق المستهلك في حماية خصوصيته وأمن بياناته وعدم استخدامها في أغراض الترويج والتسويق، إضافة عنوان المنتج إلى البيانات المطبوعة على السلعة.
أما بالنسبة لعقود الاشتراك بالخدمات: فيجب توضيح تفاصيل تجديد الاشتراك وخاصة التجديد الضمني، وانتهاء العقد … الخ، وإنشاء مجلس لحماية المستهلك: كما هو سائد في لبنان، الإمارات والأردن … ثم حل النزاعات: بالوساطة، أو عن طريق لجنة حلّ النزاعات .. الخ.
بكثير من التفصيل والوضوح يقترح أستاذ اقتصاديات الأسعار تعديلا ت وتصويب لبعض فقرات المرسوم ويلفت مثلاً
إلى أنّ المادة (10) نصت على أنه: يقع باطلاً كل شرط من شأنه الإعفاء أو الانتقاص من التزامات المورّد المنصوص عليها في هذا المرسوم التشريعي، في حين لا يجب الاكتفاء بذلك بل لا بدّ من التوضيح ببنود صريحة تركز على :
•حماية المستهلك من الشروط التعسفية.
•منع استغلال الضعف أو الجهل.
•الشروط المحظورة في العقود.
و بالنسبة لحق المستهلك في طلب التعويض:
يجب أن تكون مواد المرسوم أكثر وضوحاً حول: حق المستهلك إزاء الأضرار الشخصية أو المادية التي لحقت به نتيجة استخدام السلعة أو الخدمة، وبطلان كل اتفاق خلاف ذلك، والحصول على تعويض عادل عن الأضرار التي تلحق بالمستهلك أو أمواله بسبب شرائه أو حصوله أو استعماله العادي للسلعة أو تلقيه للخدمة، والحق في رفع الضرر، و أن تكون التسوية سريعة.
يجب أن تكون مواد المرسوم أكثر وضوحاً حول: حق المستهلك إزاء الأضرار الشخصية أو المادية التي لحقت به نتيجة استخدام السلعة أو الخدمة، وبطلان كل اتفاق خلاف ذلك، والحصول على تعويض عادل عن الأضرار التي تلحق بالمستهلك
مصدر قلق التاجر
ونصل الآن إلى الحيز الأهم في هذا التشريع من وجهة نظر التجار، ويقف الدكتور يوسف في تصريحه ليصوّب، ويبدأ بعقوبة السجن التي يرى أنها يجب أن تقتصر على المخالفات التي تسبب إصابة الشخص بعاهة مستديمة أو مرض مزمن، مع العلم أنّ عقوبة السجن موجودة في قوانين عدد من الدول العربية: لبنان – الأردن – مصر – الإمارات – البحرين.
أما بالنسبة للغرامات الواردة، فيرى أنها يجب أن تكون متناسبة مع قيمة السلعة بدلاً من أن تكون مبلغاً محدداً حتى تشكل رادعاً للتاجر أو المورد، من جهة أخرى يجب أن تتضمن حداً أدنى لقيمتها.
يجب أن تكون الغرامات متناسبة مع قيمة السلعة بدلاً من أن تكون مبلغاً محدداً حتى تشكل رادعاً للتاجر أو المورِّد، من جهة أخرى يجب أن تتضمن حداً أدنى لقيمتها
الأسعار
ويوضح أستاذ الأسعار أنه ورد في المرسوم في سياق صلاحيات الوزارة في الفصل الثالث، المادة (11)، الفقرة ب:
“تحديد السعر متضمناً الحد الأقصى للربح محسوباً على أساس التكلفة الحقيقية، من دون المساس بحق المورد في تخفيض السعر بما يحقق مصلحة المستهلك
وهنا يرى ضرورة إعادة صياغة هذه المادة، لأن التكلفة الحقيقية ليست المعيار الوحيد للتسعير حيث إن هناك طرقاً أخرى للتسعير.
بالنسبة للجان المشكلة، كما في المادة (12): لجان تحديد الأسعار في كل محافظة، والمادة (14): لجنة تسعير مركزية بالوزارة، يرى الدكتور يوسف إضافة أعضاء تمثل جمعيةَ حماية المستهلك، وخبيراً اقتصادياً في التسعير.
ويبيّن أن المادة (70) أجازت للوزارة دعوة مندوبي الجمعيات للمشاركة في مناقشة السياسات المتعلقة بحقوق ومصالح المستهلك، لكن هذه المادة لم تحدد دور وأهمية مندوبي الجمعيات، وبالتالي لا بدّ من تحديد غاية حضوره بدقة أكبر.
المستهلك
الوزارة تضطلع بمهمة حماية المستهلك بطبيعة الحال، هكذا هي تسميتها، وقد نص المرسوم 8 على ما يخص ذلك في شطر وافٍ منه، إلّا أن للدكتور يوسف ملاحظاته في هذا الجانب، فبالنسبة لحقوق المستهلك وتمثيله في الهيئات واللجان ذات العلاقة بحماية المستهلك: أنيط هذا الدور بجمعيات حماية المستهلك من خلال المادة 68: ” ج- تمثل الجمعية مصالح المستهلكين وتقوم بالدفاع عنها لدى الجهات المعنية”.
و حسب القانون السوري: المادة (2): ج- تعريف المستهلك بحقوقه لا تتضمن أي آلية لتعريف المستهلك بحقوقه من قبل الوزارة وتم إلقاء الموضوع على جمعية حماية المستهلك، من سيرفع الدعوى، المتابعة …. إصدار مجلات، منشورات، إعلانات، برامج إعلامية، تقديم المشورة…الخ.
كما تم تكليف جمعيات حماية المستهلك بمهام تفوق قدراتها وإمكاناتها الحالية، حسب ما ورد في المادة (69): تساهم الجمعية في إرشاد المستهلك وتثقيفه وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة، وعلى الخصوص في النواحي الآتية:
إرشاد المستهلك إلى طرق الاستهلاك الأفضل وتقديم الاستشارات والخدمات التي تزوده بالمعلومات الضرورية، والتنسيق مع الجهات المعنية في مجال الرقابة على المادة أو المنتج أو السلعة أو الخدمة المقدمة للمستهلك، و طلب الاستفسارات من الجهات المعنية وتقديم المقترحات التي تعنى بحقوق ومصالح المستهلك، ثم إصدار المجلات والنشرات والمطبوعات المتعلقة بتوعية المستهلك وفق القوانين والأنظمة النافذة.
أما التفصيل الأخير الذي كان موضع ملاحظة من الدكتور يوسف، فهي الفقرة المتعلقة بحق التقاضي مباشرة، ويشير إلى أنّ المادة (3) من حقوق المستهلك – الفقرة (ز) تتضمن: تقديم الشكوى عن المخالفات المنصوص عليها في هذا المرسوم التشريعي، لكن لا تتضمن حق المستهلك في التقاضي مباشرة.
وبالتالي لا بدّ من دور أكبر للوزارة في حماية حقوق المستهلك والدفاع عن مصالحه.
المصدر: جريدة تشرين
تعليقات الزوار
|
|