الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

استاذ في الاقتصاد: يجب إعادة النظر بكفاءة الدعم دون التخلي عنه..والحكومة عالجت الأمر وفق مبدأ الصدمة

الاقتصاد اليوم:

اعتبر الأستاذ في كلية الاقتصاد الدكتور عدنان سليمان أن تخلي الحكومة السورية عن فلسفة الدعم الاجتماعي ولو بشكل انتقائي يعد أمراً مكلفاً إذا ما قورن بالنتائج الاجتماعية التي ستظهر لاحقاً، موضحاً بأن التجربة التاريخية أثبتت أن كلفة التنمية من خلال ضخ الاستثمارات في الاقتصاد والمجتمع تحقق منافع للدولة أكثر من كلفة محاربة الفقر، على اعتبار أن تخلي الدولة عن دورها الاجتماعي سيترك المجتمع لاقتصاد السوق، وسوف يصبح أكثر فقراً وتحللاً وتملؤه الجريمة والبطالة، لذا ستكون كلفة محاربة هذه الظواهر المجتمعية أكبر من كلفة التنمية، مشيراً إلى أن القضايا الاجتماعية يجب ألا يكون فيها ربح أو خسارة لأن الدولة يجب أن تكون منحازة دائماً إلى الجانب الاجتماعي.

ولفت الدكتور سليمان خلال ورشة عمل أقيمت أمس في جامعة دمشق بحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور بسام ابراهيم وأمين فرع الجامعة للحزب الدكتور خالد الحلبوني ورئيس الجامعة الدكتور محمد أسامة الجبان وأدارها عميد كلية الاقتصاد الدكتور حسين دحدوح بعنوان «الدور الأبوي للدولة» من خلال ورقة عمل تتضمن قراءة تحليلية عن التجربة السورية، إلى أن الدولة إذا تخلت عن دورها في الدعم وسمحت للقطاع الخاص بقيادة المجتمع فسوق تفقد القدرة على ضبط التوازن، مطالباً بإعادة النظر بكفاءة الدعم دون التخلي عنه، متمنياً ألا يعاد ما حدث في المرة الأخيرة حيث عالجت الحكومة الواقع وفق مبدأ الصدمة، مسوغة ذلك بأن الدعم سوف يؤدي إلى زيادة عجز الموازنة العامة للدولة، في الوقت الذي سيؤدي التخلي عنه إلى انكفاء دور الدولة في المجتمع.

العجز ليس ربحاً وخسارة

وتابع: «تاريخياً، لا يمكن النظر إلى العجز على أنه ربح أو خسارة، فقد تخسر الدول مالياً أو فنياً ولكن يمكنها التعايش مع ذلك من خلال النمو الاقتصادي، فمعظم دول العالم لديها عجز يتجاوز أحياناً الناتج المحلي الإجمالي، ولكن تخفيف العجز نتيجة رفع الدعم سيؤدي إلى خسارة قدرة الدولة على إدارة السياسات العامة والاقتصاد والمجتمع»، معتبراً أن الخدمات العامة هي مجموعة خاسرة في كل دول العالم ولكن الدولة لا تتخلى عنها لأن فيها قدرة على ضمان استقرارها وسيادتها وحفظ التوازن في المجتمع.

نموذج مشوه

وفي سياق متصل، أشار سليمان إلى أن النموذج التنموي الاقتصادي المعمول به «اقتصاد السوق الحر»، قائم منذ ثلاثين عاماً، وهو مشوه ولم ينضج ولم يستطع تصحيح الاختلالات وقد وصل إلى سقفه التاريخي، أي أنه استنفد فرصته في تحقيق اقتصاد أقوى وسياسات اجتماعية أقوى وفي إعطاء الدولة دوراً قيادياً أكثر في الاقتصاد والمجتمع، مبيناً أن عمر النموذج الاقتصادي الذي يحتاج إلى تطوير أو تغيير هو 25 عاماً، لذا يجب إعادة النظر في تبني نموذج جديد ينسجم مع مرحلة ما بعد الحرب، مؤكداً أن الدولة المعاصرة هي الدولة القادرة على إدارة التناقض بين التيارات التي تعنى باقتصاد الطلب الذي يحفز نمو الإنفاق الاستثماري، وبين التيارات المعنية باقتصاد السوق التي تدير العرض وتحرر أسعار الخدمات ورأس المال، علماً أن الدولة قادرة على إدارة اقتصاد الطلب، ولكن مهمتها تحقيق التوازن بين الجهتين لتحقيق التكامل ومنع حدوث خلل وتشوه في آليات السوق والمجتمع، إضافة إلى أن مرحلة ما بعد الحرب تتطلب تدخلاً أكبر من الدولة.

ومن جهة أخرى، ذكر سليمان أن حجم الإنفاق الاستثماري كان يتراوح بين 40-45 بالمئة تاريخياً، ولكن هذه النسبة تراجعت خلال الحرب لتتراوح بين 12-17 بالمئة، لافتاً إلى أنه خلال إحدى الجلسات ضمن مجلس الشعب، تفاخر الوزراء أن الوزارات لم تنفق الـ17 بالمئة من الإنفاق الاستثماري، متسائلاً: «كيف لدولة أن تسيطر على أدوات التدخل في الأسواق وأن تحقق نمواً واستمراراً دون إنفاق استثماري؟»، مشيراً إلى أن دور الدولة في مرحلة ما بعد الحرب أن تعيد حجم الإنفاق إلى ما كان عليه سابقاً، وهذا ما يستلزم حضورها بشكل قوي.

الوطن

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك