الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

بعد أن تحوّل الإنتاج إلى فـائض..مزارعو الحمضيات يقتلعون الأشجار ويـزرعون أصنـافاً بديلة

الاقتصاد اليوم:

كانت سوريّة تستورد الحمضيات في سبعينيات القرن الماضي من دول الجوار وتدفع ثمنها من الخزينة العامة للدولة بالدولار، فأخذ وتعهد مزارع الساحل السوريّ على عاتقه القيام بزراعتها واقتلاع أشجار الزيتون ليزرع بدلاً منها أشجار الحمضيات في أجمل المواقع السيّاحية على شواطئ البحر المتوسط، تلك الأراضي التي لا تقدر قيمتها بثمن- زرعت بأشجار الحمضيات- وبعد أن أعطت وأجزلت العطاء… تحوّلت محافظتا طرطوس واللاذقية إلى مزارع للحمضيات على مد النظر… لتتحول سوريّة من دولة مصدّرة للحمضيات- توفر آلاف الدولارات سنوياً على خزينة الدولة- بعد أن كانت دولة مستوردة لها.. وفي ظل ارتفاع تكاليف هذه الزراعة المروية، وعلى مدار عشرات السنوات…

وفي ظل انخفاض أسعارها في الأسواق المحلية، وإخفاق الحكومات السابقة والحالية في عمليات التسويق الخارجية… صارت حمضياتنا تباع بأقل من التكلفة الفعلية…وبسبب عدم استطاعة مزارعي الساحل السوري الاستمرار والعمل بسبب الخسارات المتكررة للمزارع خلال السنوات السابقة والحالية… وعدم تمكن الحكومات المتعاقبة من إيجاد أسواق خارجية لتسويق الإنتاج من الحمضيات أو إيجاد معامل عصائرية لذلك فضل المزارعون-في السنوات الأخيرة- عدم جني ثمار أتعابهم وترك الثمار على أمّها لتسقط على الأرض بدلاً من قطافها «أوفر لهم» فثمن صندوقة الحمضيات الفارغة أغلى من كميات الحمضيات المملوءة فيها…؟!! كما لجأ المزارعون– هذا الموسم لاقتلاع هذه الشجرة… وتحويلها إلى أحطاب لتدفئة أبنائهم من برد الشتاء القارس بدلاً من الاستمرار في هذه الزراعة الخاسرة.

تراجع

أكد المهندس رفعت عطا الله رئيس دائرة الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة أن المساحة المزروعة بالحمضيات للموسم 2016- 2017 وصلت إلى /9085/ هكتاراً ووصل عدد الأشجار المثمرة فيها إلى خمسة ملايين شجرة و149/ ألف شجرة، وقدر الإنتاج فيها بـ /256.377/ طناً، أضاف عطا الله: وصلت المساحة المزروعة بالحمضيات للمواسم 2014 إلى /9.298.4/هكتاراً، في حين وصل الإنتاج إلى/ 229.742/ طناً وانخفضت خطة زراعة طرطوس من إنتاج الغراس للموسم 2014 إلى/ 49686/ غرسة، وإلى /39.704/ غراس للموسم 2015 وإلى /38.751/ غرسة للموسم 2016، وإلى أقل من /17/ ألف غرسة للموسم 2017 في حين كانت خطة إنتاج المحافظة من الغراس للموسم 2005/180/ ألف غرسة، بيع منها / 149.715/ غرسة مثمرة، ونتيجة لانخفاض أسعار الحمضيات في الأسواق المحلية إلى ما دون التكلفة الفعلية قام مزارعنا بهجر هذه الزراعة إلى غير رجعة وبدأ يتراجع عنها –حسب المهندس عطا الله، وعادت لتنخفض خطة زراعة طرطوس من إنتاج الغراس للموسم 2017-2018 إلى/65/ ألف غرسة حمضيات و/25/ ألف غرسة زفير؟!
 
انخفاض الأسعار

وأضاف المهندس عطا الله وصل عدد غراس الحمضيات الجاهزة للبيع والتوزيع للموسم– 2016-2017 إلى/ 92800/ غرسة، في حين تراجع عدد الغراس المبيعة لتاريخه إلى/13/ ألف غرسة فقط وسبب التراجع في شراء وزراعة غراس الحمضيات يعود إلى تراجع تسويق المنتج وانخفاض أسعاره في الأسواق المحلية مع عدم وجود أسواق تصديرية للخارج، وعدم وجود المعامل العصائرية ولم يكتف ِمزارعنا بالعدول عن زراعة غراس الحمضيات لا بل لجأ المزارعون إلى أسوأ من ذلك بكثير، اقتلاع أشجار الحمضيات واستبدالها بزراعة الأفوكادو وغراس الدراق وغيرهما.

بيّن عطا الله أن التراجع الكبير في مبيعات الحمضيات بدأ مع بداية عام 2013 ولتاريخه… حيث كانت نسبة مبيعات زراعة طرطوس من غراس الحمضيات للعام 2013، 60% من الإنتاج الفعلي و40% من إنتاج العام 2014 و30% من إنتاج العام 2015 وأقل من 20% من إنتاج الموسم 2016وأكد عطا الله أن الغراس التي لم تبع تبقى عبئاً على المشاتل وتؤدي لزيادة الأعباء المادية.

أين المشكلة؟

أكد المهندس تيسير بلال مدير زراعة طرطوس أنه لا توجد مشكلة مهمة في اقتلاع أشجار الحمضيات وزراعة أشجار أخرى بدلاً منها سواء كانت استوائية أو غير استوائية كالجوز واللوز والأفوكادو وغيرها…وتساءل مدير الزراعة: ما المشكلة فيما إذا كانت هناك تسعة آلاف هكتار حمضيات وقام المزارع باقتلاع نحو أربعة آلاف هكتار على سبيل المثال لا الحصر…؟!! وزراعة هذه المساحات بزراعة أكثر اقتصادية؟!! ولفت مدير الزراعة إلى أنه لا توجد مشكلة تذكر.

وبدورنا نقول للسيد مدير زراعة طرطوس: أين خطط الغراس التي تقوم بوضعها وتنفيذها.. إذا لم تكن هناك من ضرورة لزراعتها والتقيد بالتنفيذ…؟!! وهل صحيح أن نقول: لا توجد مشكلة من اقتلاع أشجار الحمضيات واقتلاعها..

تسويقية

المهندس سهيل حمدان مدير مكتب الحمضيات المركزي أكد أن عمل مكتب الحمضيات علمي وفني بحت ونعمل على زراعة الحمضيات وتطويرها ورفع إنتاجيتها بالتعاون مع اتحاد الفلاحين، وبين أنه وصل إنتاج طرطوس من الحمضيات للموسم الحالي إلى/260/ ألف طن، يقدر إنتاج سوريّة من الحمضيات للموسم الحالي بمليون و/ 150/ ألف طن، وعدد الأشجار المثمرة /14/ مليون شجرة ووصلت المساحة المزروعة بأشجار الحمضيات إلى/43/ ألف هكتار منها /9/ هكتارات في محافظة طرطوس، وأكد مدير مكتب الحمضيات أن حمضيات سوريّة نظيفة وخالية من الأثر المتبقي للمبيدات، وإنتاجنا يغطي جميع الأسواق المحلية ومشكلتنا ليست إنتاجية وإنما تسويقية، فلا يوجد تسويق لمنتج الحمضيات والأسواق المحلية أغرقت بالحمضيات… وأضاف تحتاج ثمار الحمضيات إلى مشاغل لفرز وتوضيب وغسل الثمار من بقايا الأوساخ، ومعامل للعصائر«ونحن كوزارة» نعمل كجهة مشرفة على عملية الإنتاج ومساعدة المزارعين في زيادة إنتاجهم، كما تابع مدير مكتب الحمضيات المركزي: تأتينا شكاوى واتصالات يومية بشأن قيام المزارعين باقتلاع أشجار الحمضيات، وزراعة زراعات أخرى أكثر اقتصادية بديلة عنها وتساءل المهندس حمدان: عن دور المصدرين في تصدير فائض إنتاجنا من الحمضيات؟.

واقترح مدير مكتب الحمضيات المركزي إيجاد أسواق للتصدير الخارجي مع إيجاد مشاغل للتوضيب وفرز الحمضيات وتشميعها، وهذا غير موجود في طرطوس، كما اقترح إيجاد معامل للعصائر فجميع إنتاجنا من الحمضيات عصائريّة.

اقتلاع الحمضيات

المهندس علي مهنا عضو المكتب التنفيذي لاتحاد لفلاحين ورئيس مكتب التسويق قال: تعمل بزراعة الحمضيات في طرطوس مئات الأسر، وكانت– سابقاً- تعيش على إنتاج هذه الشجرة آلاف الأسر الطرطوسيّة، وتعد مصدر رزق لهم، إلا أنه وخلال الفترة الأخيرة تراجعت زراعة الحمضيات على مستوى المحافظة، ولجأ عدد كبير من مزارعي الحمضيات إلى اقتلاع شجرة الحمضيات، وبين مهنا أنه لا توجد خطة تسويقية، فقدرات مؤسسات الخزن والتسويق« السورية للتجارة» قليلة ومحدودة والكميات المسوقة عن طريقها قليلة فحتى تاريخه لم تسوق أكثر من /700/ طن أضاف– حالياً- التسويق متوقف، ولفت مهنا إلى أن جميع أهالينا في الريف والمدينة -المنازل الأرضية- يزرعون أشجار الحمضيات في حدائق المنازل كنوع من الاكتفاء الذاتي بمعنى أنها لا تشتري الحمضيات من الأسواق أيضاً، والحل –حسب عضو المكتب لاتحاد الفلاحين إيجاد أسواق للتسويق الخارجي، وإيجاد صيغة لإعادة تسويق منتج الحمضيات، وإنقاذ ما تبقى من محصول الحمضيات عند مزارعي الساحل السوريّ. وإنشاء معمل عصائر، وأكد مهنا أنه لا يمكن الاعتماد على إمكانات مؤسسات الخزن والتسويق القليلة والمتواضعة ولا يوجد أيّ مردود مادي للمزارعين من إنتاج أشجار الحمضيات، وأضاف: المزارع يبيع الحمضيات بسعر أقل من التكلفة الفعلية، فحسب الدّراسة المعدّة من قبل اتحاد الفلاحين والزراعة تصل تكلفة الكغ من الحمضيات إلى /49/ ليرة، في حين يباع في الأسواق المحلية بأقل من /30/ ليرة للنوع الممتاز. وأكد على نظافة إنتاجنا وخلوه من الأثر المتبقي للمبيدات الكيماوية.

كما أكد المزارع أحمد سليمان أن عدداً كبيراً من المزارعين لجأ إلى اقتلاع أشجار الحمضيات وزراعة غراس لأشجار مثمرة أخرى بديلة عنها كالزراعات المحمية وغيرها…لكون هذه الزراعة «خاسرة وغير اقتصادية» وأضاف أنه تباع العبوة الفارغة بـ/250/ ليرة بسعر أكثر من البرتقال الموجود فيها، فحتى الآن لا توجد سياسة تسويقية حقيقية وواضحة، والاستهلاك المحلي من الحمضيات لا يتجاوز /400/ ألف طن ويوجد نحو /800/ ألف طن فائض عن حاجة السوق المحلية. نتيجة هذا الفائض المحلي مع عدم إمكانية التسويق الخارجي والأسعار أقل من قيمة تكلفة الفلينة الفارغة لذلك فضلنا «كمزارعين» ترك ثمار الحمضيات تسقط على الأرض بدلاً من بيعها بخسارة، والجميع يعلم أن الحل في التسويق الخارجي وإنشاء معمل للعصائر تستوعب جزءاً من فائض الإنتاج، وجزء منه يذهب للاستهلاك المحلي.

«الحكي ما بينفع»

وبدوره مضر أسعد رئيس اتحاد فلاحي محافظة طرطوس أصر على عدم الحديث بموضوع تسويق وإنتاج الحمضيات لأن «الحكي ما عاد بينفع» وإنتاج المزارعين من الحمضيات يباع بخسارة، أو يترك على الأشجار من دون جني…؟!! وختم بقوله «أنقذوا مزارعي الحمضيات في الساحل السوريّ» قبل أن نخسر الحمضيات والمزارعين معاً ونعود للاستيراد من جديد…؟!!

أين الاستثمارات؟!!

بدورنا نؤكد أن الاتحاد العام للفلاحين في سوريّة يملك ملايين الليرات «فلماذا لا يقوم باستثمارها وتوظيفها في مشروعات إنتاجية واقتصادية تعود بالفائدة والمنفعة لجميع الفلاحين على مستوى سوريّة…»؟!! كإقامة معمل للعصائر في الساحل السوريّ أو في طرطوس أو اللاذقية لعصر فائض إنتاج المزارعين ولماذا لا يقوم بشراء خطوط لتوضيب وفرز الحمضيات وإعدادها للتسويق الخارجي… ومن ثم القيام بتصديرها إلى خارج القطر… وجميعنا يعلم أن اتحاد الفلاحين كان قد قام بإدارة مشروعات استثمارية ضخمة على مستوى سوريّة ونجح فيها وحقق ريعية عالية للفلاحين مثال قيام اتحاد الفلاحين باستثمار ثلاث معاصر للزيتون في طرطوس، وتحقيق أرباح كبيرة للمنظمة والفلاحين معاً وحماية المزارعين من الاستغلال والظلم الذي قد يقع عليهم.وقيام الاتحاد باستثمار محطات للمحروقات لمصلحة المنظمة… إلى جانب استثماره مشروعات إنتاجية كبيرة أيضاً فهو أولى بالمزارعين وحمايتهم…

هذه الطروحات نضعها برسم الجهات المعنية.

تأثير التسويق

بدوره محمود معلا إبراهيم رئيس مركز بحوث طرطوس أكد قيام المزارعين باقتلاع أشجار الحمضيات وأضاف هناك سيّارات تقوم بشحن أشجار الحمضيات المقطوعة يومياً لأسباب عائدة للخسارات المتكررة لإنتاج محصول الحمضيات فالإنتاجية الاقتصادية الضعيفة للحمضيات عند المزارعين صفر هذا العام والأعوام السابقة، حيث يباع كيلو الحمضيات بسعر/30/ ليرة، وهي أقل بكثير من أسعار التكلفة الحقيقية لكيلو الحمضيات والتي تصل إلى /49/ ليرة للكيلو غرام الواحد. والآن يقوم المزارع باقتلاع شجرة الحمضيات كي يزرع بدلاً منها الخضر والزراعات المحمية لكونها أكثر اقتصادية. واقترح رئيس مركز البحوث العلمية، توجيه دائرة الحمضيات بالتعاون مع مركز وقسم بحوث الحمضيات لإجراء دراسة اقتصادية، عن طريق توزيع استمارة على المزارعين والمعنيين بالأمر لمعرفة تأثير المشكلات التسويقية في تطور زراعة الحمضيات في سوريّة، ولفت إلى أنه بصدد عقد اجتماع مع دائرة الدّراسات الاقتصادية، لدراسة واقع شجرة الحمضيات في الساحل السوريّ والأسباب والعوائق التي تعوق تطور وزيادة إنتاجية هذه الشجرة وتكاليف الإنتاج للمزارع.

تشرين

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك