تحديات الكبرى أمام الصناعة السورية
الاقتصاد اليوم:
بين نائب رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها الأستاذ لؤي نحلاوي، أن التحديات التي تواجهها الصناعة الوطنية، هي تحديات كبيرة وجسيمة خاصة في ظل غياب حماية الصناعة الوطنية، وخفض نسبة الجمارك على المنتجات المستوردة التي وضعتها وزارة الاقتصاد خلال الفترة السابقة، والتي لا تكفي لحماية الصناعة، في ظل ارتفاع كلف الإنتاج الصناعي، كارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء، وكلف الجمارك على مستوردات المواد الأولية، مقارنة مع دول الجوار، موضحاً في مثال عن ذلك مع لبنان، (وليس مع مصر وتركيا)، فإن مدخلات مواد الإنتاج في لبنان صفر جمارك، بينما في سوريا قيمة الرسوم بالإجمال التي يتم دفعها تصل ٣٠٠ دولار وأحياناً تصل في بعض المواد الأولية إلى ٥٠٠ دولار على الطن، وبالتالي فإن النسبة تصل إلى ٣٠٪ لبعض المواد وبعضها إلى ٤٠٪، ويمكن في بعض المواد إلى ١٠٪ ، باستثناء الحديد الذي انخفضت نسبة الجمارك عليه
معاملة بالمثل..!
وأوضح نحلاوي خلال رده على سؤالنا حول تغير المناخ المحلي والدولي تجاه صناعة الوطنية، أن سوريا اليوم أصبحت سوقاً مفتوحاً تجاه كل العالم، حيث نقوم بالاستيراد من تركيا وكل الدول، ونستورد من الأردن بينما الأخيرة لا تستورد من سوريا، لافتاً إلى أن هناك بيئة مناخ ممتازة بالنسبة لدول الجوار، إلا أنهم لم يفتحوا أسواقهم للمنتجات السورية، بغض النظر عن التكاليف المرتفعة أو الرخيصة، وخاصة أن هناك بعض الصناعات السورية، لديها القدرة على المنافسة، وبالتالي لم تتأثر كل الصناعات بارتفاع التكاليف، متطلعاً إلى المعاملة بالمثل مع الدول المجاورة، ومنها الأردن في كل شيء…!
نحلاوي: حبس السيولة في المصارف، والتأخير في دفع المستحقات، يضعف سوق الاستثمار، وهروب رأس المال المحلي والخارجي..!
وبخصوص تأثير إلغاء بعض القرارات التي كانت تعوق الصناعة ومنها المنصة، أشار نحلاوي إلى أن التكاليف انخفضت بإلغاء المنصة، إلا أننا لسنا مثاليين بكلف التصنيع السورية، منوهاً في مثال، بقدوم شركة إماراتية لإنشاء معمل وبعد دراستها لبيئة العمل في سوريا لم يتشجعوا لإنشاء المعمل، وإنما قاموا بإنشائه في لبنان، كون بيئة العمل في لبنان جيدة والجمارك صفر، مبيناً أن المستثمرين الأجانب الذين يرغبون بالاستثمار في سوريا، عندما يقومون بإجراء دراسة ومقارنتها مع دول الجوار يذهبون إلى لبنان والأردن، لأن الامتيازات الموجودة في هذه البلدان لا توجد في سوريا، ككلف الطاقة، والاستيراد، والإدخال المؤقت الميسر، موضحاً أن كل هذه الأمور التي يتطلبها الاستثمار غير موجودة في سوريا.
واقع مشجع للهروب
وقال نحلاوي: أي مستثمر أجنبي إذا جاء إلى سوريا غير معتاد على وضع مليارات وملايين في خزنته حتى يتعامل بالنقد للبيع والشراء، خاصة أن كل دول العالم تعمل بموجب المصارف والبنوك في التحويلات، والإيداعات والسحب، لافتاً إلى أن حبس السيولة اليوم في البنوك، وعدم دفع المستحقات لأصحابها بغض النظر عن المنصة، كل ذلك يدفع بالمستثمرين للهروب، مؤكداً أن المستثمر يحتاج إلى بيئة استثمار وعمل مريحة حتى لو كان سورياً، وبالتالي الوضع يحتاج إلى إعادة نظر، مع كامل الاحترام للحكومة، التي يجب أن تعمل على معالجة الكثير من النقاط السلبية، منوهاً بأنه حتى الآن لا يوجد تشاور أو تعاون مع غرف الصناعة والتجارة، والقرارات التي تصدر لا نعلم بها إلا من خلال الإعلام مثل كل الناس، آملاً أن تكون الأيام القادمة أفضل لسوريا، في ظل وجود بعض التحسن، والذي نريده أن يكون أسرع من ذلك، وخاصة أننا لا نريد لصناعتنا التراجع، ولا خسارة أسواقنا المحلية والدولية، آملين اتخاذ إجراءات سريعة لها علاقة بالتنمية وبتشغيل اليد العاملة، خاصة أن هناك ٤٠٠ ألف سوري عادوا إلى سوريا منذ التحرير، وإن كل هؤلاء يحتاجون لفرص عمل، وبالتالي يتطلب ذلك تحسين بيئة العمل، وتشجيع المستثمرين سواء السوريين، أم الأجانب للاستثمار في سوريا، وتوسيع الاستثمارات القائمة.
ويرى الباحث الاقتصادي عصام تيزيني أن أهم الصعوبات التي تواجه الصناعة السورية اليوم هي انتقال الصناعيين من جو العمل تحت ما يسمى “حماية الصناعة الوطنية” إلى جو العمل في ظروف الانفتاح، والتنافس مع ما يأتي من الخارج، حيث انعدمت الحماية الموجهة، التي بدأت أول تسعينيات القرن الماضي، عندما بدأ وعي الجيل الثاني من قتلة الاقتصاد ومصاصي دماء البسطاء، حيث تشكلت حينها ثقافة الدعم الوهمي للصناعة والحماية، ومنع استيراد المنتجات المماثلة فصارت مراكمة الثروات أمر سهل بسبب إقصاء المنافس..
إنها الحماية الموجهة “السم الذي قتل الصناعة الوطنية وإبداعاتها، هذه الحماية التي كانت تخدم الصناعي فقط أما المستهلك فهو آخر المستفيدين بدل أن يكون أولهم، وهذا ما يفسر اعتراض الكثير من الصناعيين الآن، على إنهاء سياسة إحلال بدائل المستوردات التي كانت معتمدة، هذه السياسة التي دمرت الصناعة السورية، لأنها جعلتها تتراخى وتهمل نفسها، وكل ذلك كان يتم بأيدي الصناعيين أنفسهم ونفوذهم وضغطهم وخصوصاً الحيتان منهم وبالتعاون طبعاً مع وزراء السلطة البائدة..!
المشكلة الحقيقية التي تواجه الصناعي السوري الآن متعلقة به نفسه وبقدرته على التنافس، واقتناعه بمنطق الربح الناتج عن الكفاءة، وليس الربح الناتج عن الحماية، أما الحديث عن طلبات من الحكومة الحالية بحماية وكهرباء وتخفيض ضرائب وسيولة، ونقد وسعر صرف وسواها (طبعاً مع أحقية بعضها)، فهذا من باب الحفاظ على المصالح الخاصة وليس العامة، كما هو واجب على الجميع الآن والآن ثم الآن تحديداً..!
المصدر: صحيفة الحرية
تعليقات الزوار
|
|