الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

دمشق أمام تحدي العطش: خطوات التحول من التقنين إلى الإدارة الذكية للمياه

الاقتصاد اليوم ـ خاص:

بقلم المهندس سامر العاصي / مهندس مدني عام ماجستير في اداره المشاريع الهندسية

في ظل تصاعد أزمة نقص المياه التي تعاني منها العاصمة السورية، بدأت تظهر إلى العلن مبادرات وخطط مدروسة تهدف إلى حماية سكان المدينة من شبح العطش، وتأمين مصادر مائية أكثر استدامة. من أبرز هذه المبادرات، خطة شاملة تمتد من عام 2025 وحتى 2027، تسعى إلى إدارة المياه بشكل أكثر كفاءة وتنويع مصادرها وتقوية التعاون الإقليمي.

تهدف هذه الخطة إلى تأمين الحد الأدنى من الأمن المائي لمدينة دمشق ومحيطها، خاصة خلال فترات الجفاف، وتخفيف الاعتماد على مصادر غير مضمونة مثل الأمطار ونهر بردى.

أربعة محاور رئيسية

أولًا: الإدارة الذكية والتوزيع العادل

تقترح الخطة تقسيم العاصمة إلى مناطق توزيع مائي منتظمة، بحيث تحصل كل منطقة على المياه يومًا أو يومين في الأسبوع حسب الإمكانيات. كما تشمل الخطة تركيب عدادات إلكترونية ذكية في المناطق التي تسجل استهلاكًا مرتفعًا، بالإضافة إلى إطلاق تطبيق وخط ساخن للإبلاغ الفوري عن الأعطال والتسربات، مع إنشاء فرق تدخل سريع لصيانتها.

ثانيًا: تنويع مصادر المياه

من الحلول المقترحة، حفر آبار جوفية في مناطق مثل الغوطة والقلمون بإشراف الدولة، مع رقابة دقيقة على نوعية المياه وكميات الضخ. كما تتضمن الخطة إنشاء محطة معالجة مياه صرف صحي بسعة 10,000 متر مكعب يوميًا لاستخدام المياه المعالجة في ري الحدائق وغسل الشوارع. إضافة إلى ذلك، تسعى الخطة إلى نشر نظام حصاد مياه الأمطار عبر خزانات في المؤسسات الحكومية والمدارس، مع دعم مالي للأسر لتركيب خزانات منزلية.

ثالثًا: تعاون إقليمي ودولي

تتضمن ضمان حصول حصة سوريا من مياه نهر الفرات، وإقامة شراكات مع منظمات كـ"الفاو" لإدخال تقنيات ري حديثة في الزراعة.

رابعًا: التوعية المجتمعية المستمرة

الخطة لا تغفل أهمية دور المواطن، حيث تقترح إطلاق حملات إعلامية متواصلة في التلفزيون والإذاعة، إلى جانب تنظيم مسابقات مدرسية ونشر كتيبات وملصقات توعوية حول أهمية ترشيد المياه.

الواقع يفرض التحرك

بين تراجع الموارد الطبيعية، وارتفاع الطلب السكاني، وسنوات من الإهمال البنيوي، يبدو أن دمشق تقف على عتبة تحدٍّ مائي حقيقي. إلا أن هذه الخطة تمثل بارقة أمل إذا ما تم تطبيقها بدقة وبالتعاون بين الجهات الرسمية والمجتمع المحلي والدولي.

المهندس سامر العاصي، واضع هذه الخطة، أكد في حديث خاص أن "ضمان قطرة الماء اليوم، لا يأتي فقط من البحث عن مصادر جديدة، بل من تغيير السلوك، وتحديث الإدارة، والعمل المشترك."

يبقى الأمل أن تجد هذه المبادرات آذانًا صاغية، وإرادة جادة، قبل أن تصل دمشق إلى مرحلة اللاعودة.

الاقتصاد اليوم

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك