الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

(رحلة الموت)..قصص سوريين يعيشون (على كف عفريت)

الاقتصاد اليوم:

ابتلع البحر أطفاله الثلاثة، في حين عاد هو و زوجته إلى الشاطئ، منتظراً الموج، عله يحمل معه جثة أحد أطفاله، بعد أن يأس من العثور عليهم أحياء، مع انقضاء ساعات النهار.كان هذا حال نوزت صبري ابن محافظة القامشلي قبل حوالي شهر من الآن، لكن فصول مأساته_ فيما يبدو_ لم تنتهي بعد. بحسب عائلته لا يزال هو وزوجته ينتظرون جهة أو منظمة أو حكومة ربما تتبرع بإيصال جثث أطفاله إلى مسقط رأسهم، بعد أن فقدوا من كانوا لأجلهم قد قرروا الهجرة.

قصة نوزت ليست إلا واحدة من عشرات المآسي التي ذاقها السوريون على دروب الهجرة خلال الأشهر القليلة الماضية، وبحسب الإحصائيات ، أكثر من 70 رضيعاً سورياً قضى غرقاً في رحلات تهريب اللاجئين منذ غرق آلان شنو في شهر أيلول الماضي، ومع ذلك لا تزال تغريبتهم مستمرة. المأساة التي شهدها نوزت صبري عادت وتكررت مع سوري آخر هو عماد ابن حي ركن الدين من محافظة دمشق الذي فقد زوجته وطفليه على أطراف جزيرة يونانية، فكانت الصدمة أن جعلته يحمل صورهم سائراً بها في الأزقة والطرقات، بحسب ما تناقلته وسائل إعلام يونانية، الألم ذاته عاشه محمد الباشا (35 سنة) من القامشلي، بفقدانه زوجته ربا أحمد27 سنة وابنته ماريا (5 سنوات) بعد غرق قاربهم بالقرب من إحدى الجزر اليونانية. رحلة الموت .

من جهة ثانية يتحدث الشاب عمار ياسين صحفي لـ " سيريانديز " عن رحلته الصعبة قائلاً: بدأت رحلة المجهول لأوروبا بأمل لحياة أفضل تزيل أثار خمس سنوات صعبة على جميع الأصعدة، واتخذت قرار السفر وليس الهجرة نهائيا، قرارا لم يكن سهلا وخاصة فراق الأحبة وفراق مهنتي بالصحافة. يتابع ياسين ثلاثة وعشرون يوما مدة الرحلة من دمشق إلى فرانكفورت بألمانيا، رحلة لم تخلو من الصعوبات والمتاعب فمن اسطنبول اولى المحطات بقيت فيها تسعة أيام بسبب فشل ثلاث محاولات للوصول إلى الجزيرة اليونانية، واعتراض الشرطة وخفر السواحل لنا عدة مرات ونجاح المحاولة الرابعة للعبور عبر البحر بمدة لم تتجاوز 40 دقيقة بالبلم حيث كان عددنا في البلم 37 شخص فقط، مما سهل عملية الابحار في الساعة الثامنة مساء، وكانت أبرز الصعوبات في تركيا طول الطريق من مقر الاقامة في ساحة اكسراي إلى نقطة الصعود بالبلم والتي تستغرق 10 ساعات. لم تكن سهلة.

اما محطة اليونان لم تكن اسهل من سابقتها فقد بقيت فيها ستة أيام وما آثار استياء الاستغلال للمهاجرين من حيث الاسعار، لكافة المواد وعدم وجود نظام بل الفوضى والشجار بين العرب والافغان، في أي دور يجب الوقوف فيه كان العنوان الابرز وتدخل الشرطة بعنف لوقف الشجار وتنظيم الصفوف للحصول على ما يسمى الخارطية التي من دونها لن يستطيع أي أحد الحجز بالباخرة إلى أثينا، وقد حالفني الحظ وحصلت على الخارطية خلال ستة ساعات بعكس الكثيرين الذين وصلت مدة حصولهم عليها لأكثر من أربعة أيام، ولكن التأخير سببه عدم وجود حجز في الباخرة وتم رفع السعر من 40 يورو إلى 70 يورو بسبب الضغط وكثرة المسافرين. حالة نفسية سيئة .. وبعد انقضاء مدة ستة ايام في اليونان وصلنا الحدود المقدونية وبقيت في الانتظار قرابة 12 ساعة في الباص للدخول إلى مركز الاستقبال والذي بقيت به قرابة 4 ساعات، وبعدها توجهنا للقطار وسعر التذكرة الصعود 25 يورو برحلة متجها للحدود الصربية والتي دامت نحو 6 ساعات وعند وصولي كانت الساعة 8 مساء، والامطار غزيرة وبرد قارص وكان يجب علينا السير لمسافة 2 كم للوصول للحدود الصربية، وبعد عناء في السير بين الحقول والطين وصلنا وأخذت تكسي للوصول الى مركز الاستقبال الذي يبعد مسافة 10 دقائق بالسيارة وكان يتوجب علي الانتظار بالدور الطويل للحصول على الخرائطية التي تسمح لي بالوصول إلى الحدود الكرواتية وحصلت عليها الساعة الرابعة صباحا وتم الحجز بالباص بسعر 35 يورو وبعد رحلة دامت نحو 13 ساعة وصلنا الحدود الكرواتية بحالة نفسية سيئة وارهاق جسدي كبير. الانتظار

 ويضيف ياسين، في كل مرة أسوأ ما نوجهه الانتظار على الحدود للدخول ومشاهدة أسوأ المشاجرات بين المشاغبين عديمي التفكير اشباه الحيوانات كما قالها: بعض رجال الشرطة في المعابر الحدودية. ولم تكن كرواتيا سيئة كغيرها فقد بقيت فيها يومين ليلة قضيتها في كامب الاستقبال حتى الساعة 3 صباحا، غادرنا البلاد بالقطار المتجه للحدود السلوفانية برحلة قاربت 8 ساعات. وفي سلوفينا تحسن الوضع نسبيا في بداية الامر، ولكن وعند المساء علمت أننا سنبقى في العراء ليلة لعدم وجود أماكن في الكامب الرئيسي وكانت ليلة قارصة لم نستطع النوم من شدة البرد والندى الذي تحول لماء على ملابسنا وبعدها غادرنا الى كامب مجهز وبقينا فيه ليلة حتى الخامسة فجرا توجهنا بعدها للحدود النمساوية أملا بمعاملة افضل حالا وكانت المفاجأة أن الكامب داخل النمسا مكتظ على اخره وبقينا بالانتظار في الطابور الذي امتد لأكثر من 200 متر نحو 12 ساعة من الخامسة صباحا حتى الخامسة مساء دون طعام أو شراب مع ضيق مساحة التحرك وطبعا لا ننسى ما حصل من عشرات حالات الاغماء بسبب الشمس وضيق التنفس، وبعد هذه المعاناة دخلنا النمسا بأول كامب لها وكان الازدحام سيد الموقف الاف المهاجرين واخذت قسطا من الرحلة حتى 3 فجرا وذهبت للوقوف بالصف بانتظار الدور وبعد انتظار 5 ساعات صعدت الباص المتجه للحدود الالمانية واستمرت الرحلة 4 ساعات ووصلنا الحدود ودخلت المانيا بعد انتظار نحو ساعتين واتجهنا لكامب رئيسي بقيت فيه لليوم التالي وبعدها اتجهنا لقطار دون معرفة الى اين الوجهة وبعد قرابة 5 ساعات سير بالقطار وعند التوقف في محطة فرانكفورت نزلنا وهنا انتهت الرحلة الطويلة الصعبة بتفاصيل معقدة. البرد والجوع ...اسوأ ما وجهناه فيها البرد والانتظار الطويل على الحدود والجوع في بعض الاوقات اضافة الى مشاعر الخوف للنساء والاطفال في البحر بين تركيا واليونان ولا ننسى صعوبة التعامل مع الجنسيات الاخرى بالأخص الافغان

ويقول ياسين الوضع في المانيا افضل قياسا لما مررت به في الرحلة من حيث الاستقرار ولا توجد صعوبات، تذكر الا اختلاف مدة الحصول على الاقامة بين شخص واخر وتعود لأسباب متعددة منها، الاوراق الثبوتية التي يقدمها طالب اللجوء اضافة الى عائق اللغة والتي يقال عنها بانها صعبة وتحتاج إلى وقت لنستطيع اتقانها. تجار البشر ..

وبالمقابل يقول عبدو أمدار يعمل في مجال تهريب الأشخاص عبر الحدود التركية السورية منذ أربع سنوات لـ " سيريانديز" ، يعزو السبب الرئيسي لتدفق المهاجرين هذا، “هو فتح طريق برية تكلّف فقط ما بين 2000 و 2500 دولار، في حين كانت الهجرة قبل ذلك تكلف الشاب ما يقارب الـ10 أو الـ 11 الف دولار”. ويؤكد أمدار أن هذا التدفق الذي شهدته أوربا كان وراءه هذا الطريق المنخفض التكاليف، مبيناً أن الرواية التي يتم تداولها بخصوص هذه الطريق ومن كان له السبق في اكتشافه، لافتاً إلى أن الفضل فيه يرجع إلى مهاجرين سوريين اضطروا تحت ضغط الفقر وعدم توفر ثمن طرق التهريب، الاعتماد على الخرائط لقطع ألاف الأميال وصولاً إلى أوربا مشياً على الأقدام. و يتابع أمدار الهجرة ضخمة وخطيرة وعواقبها ستكون وخيمة على السوريين ، ومصدر الخطورة هو أن معظمهم يبيع كل ما يملك لأناس لا يعرفونهم ويهاجرون إلى أوروبا، دون رجعة”.

المصدر: موقع "سيريانديز"

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك