(فنجان قهوة) يعادل قانون السير...والسائقون يغنون على ليلاهم
الاقتصاد اليوم:
اعتاد السوريين اليوم على الإزدحام المروري الذي تشهده بعض المدن، وبشكل خاص العاصمة دمشق، فإزدياد التعدد السكاني نتيجة احتماء بعض العائلات بالعاصمة بسبب الحرب هو أحد الأسباب المهمة، ولكن السبب الأهم الذي عانى ويعاني منه المواطن هو اهمال شرطي المرور، بحيث تخلى بعض عناصر الشرطة عن مهامهم التي أوكلت إليهم بحثا عن مصدر للرزق إلى جانب معاشهم الشهري، حتى وإن كان غير مشروع.
فمنذ سنوات ما قبل الأزمة، كل من يرتكب مخالفة يعلم جيدا أن بضع ليرات تفي بالغرض وتعفو عنه، وهذا يعتبر الغلط الأكبر الذي ساعد بتمادي شرطي المرور وتخليه عن مهتمه، بل وأصبحت الرشوة فريضة على المخالف أو غير المخالف، وخاصة سائقي السرافيس الذين يعملون وفق أهواءهم مقابل مبلغ مالي يدفع للشرطي في بداية كل صباح أو ما يعرف بـ "الصباحية".
وبحسب أحد المواطنين، فإن المخالفات التي يرتكبها سائقي السرافيس على خط السومرية جديدة عرطوز باتت لاتحتمل، فكل سائق يعمل على الخط الذي يريحه ويحقق له الربح، فمنهم من يقتصر خطه على اوتستراد المزة، ومنهم من يصل فقط إلى الآداب، والأنكى من ذلك أن الأجرة التي يتقاضها السائق هي ذاتها سواء وصل إلى السومرية أو الآداب فقط".
ومن جهته، محمد "موظف في شركة خاصة"، قال "أعمل في مؤسسة خاصة تقع آخر اتستراد المزة، وأسكن في مدينة جرمانا، فأنا أعاني بشكل يومي من المواصلات وبشكل خاص عندما أصل إلى البرامكة لكي أركب سرفيس السومرية الذي يصل إلى مكان عملي"، مضيفا "السائق يعامل المواطنين وكأنه وزير وهم عبيد عنده، فهناك عدد من السرافيس لا تصل إلا إلى الآداب ويقفون أمام شرطي المرور ويصيحون آداب فقط، والشرطي كأنه في واد آخر".
وتابع محمد "السرافيس التي تعمل بهذه الطريقة هي ذاتها لا تتغير وكأنهم متعاقدين مع الشرطي لتغيير خطهم مقابل مبلغ مالي يومي أو أن فنجان من القهوة الصباحية يفي بالغرض".
احمد "طالب في كلية الآداب"، يؤكد أن "سرافيس الآداب تنطلق من البرامكة إلى الآداب سالكين طريق آخر مخالف تماما للطريق المخصص لهم، فأمام عيني يصل السرفيس إلى جانب شرطي المرور يعطيه كأس شاي أو فنجان قهوة وينطلق من الطريق الذي يصل إلى دوار كفر سوسة ومن ثم وزارة الخارجية ليصل بعدها إلى الآداب ويعود إلى البرامكة دون أن يصل إلى آخر الخط، ودون أن يسكك خطه المعتاد الذي يصل به إلى ساحة الأمويين".
أما حسام فيقول، "معانتي اليومية مع سرافيس مهاجرين صناعة الذي قامو ا بتوحيد تسعيرتهم بـ 40 ليرة سورية مهما كانت المسافة، على الرغم من أن التسعيرة مجزءة من قبل النقل"، مضيفاً "بعد الساعة الثامنة مساءً يلجئ بعض السائقين لرفع التسعيرة إلى 50 ليرة، واللي ما عجبو يتفضل ينزل ويشتكي!!".
هنا يتساءل المواطن عن الدور الذي يقوم به شرطي المرور، وعن أمن البلد الموكل بحفظه من خلال القيام بدوره على أكمل وجه، فالشرطي اليوم يبحث عن مصدرا للرزق يكفيه إلى آخر الشهر حتى وإن كان بطريقة غير مشروعة، وهذا ما أكده عصام بقوله "شرطي المرور في منطقة جرمانا له دور آخر تماما مخالف لمهمته الاساسية، فالشرطي الذي يقف على الدوار في منطقة الباسل يعمل منذ ساعات الصباح الباكر على اصطياد سيارات النقل الصغيرة أو الكبيرة التي تدخل على المدينة أو تخرج عبر هذا المدخل".
وتابع عصام " أمام عيني أرى السائق يعطي الشرطي علب السجائر أو مبلغ مالي أو أي شيء من البضائع التي تحملها السيارة، رغماً عنه أو أنه يتعرض لمخالفة لم يرتكبها"، وهذا ما أثنى عليه علاء سائق سيارة مغلقة"، أسعى يوميا لتجنب المرور في هذا الطريق، لكي لا يعترض طريقي، فتجارتي باتت غير مربحة بسبب ما أعطيه له من مال أو بضائع، وهذا من حق أطفالي الأربعة الذين أعمل طوال يومي لتأمين حاجاتهم، فإذا اعترضنا في اليوم 4 شرطيين يصبح عملي مخصصاً لهم ولمصروفهم".
لعل من أهم الأسباب التي أدت إلى الوصول لهذه الحالة هو الرواتب المنخفضة التي يحصل عليها الشرطي، ففي أغلب بلاد العام المتحضرة شرطي المرور يحصل على مرتب عالي نوعا ما كي لا يمد يده للمواطنين ويكسب أموالا غير مشروعة، وبالتاي هذا ما يساهم في ضبط الحركة المرورية، وانتشار النظام.
أحمد إبراهيم إسماعيل
المصدر: صحيفة "النور" المحلية
تعليقات الزوار
|
|