الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

(نوابنا) أجانب..

الاقتصاد اليوم:

فريدة بالفعل تلك المطالبة التي أطلقها «نواب» في مجلس الشعب بضرورة صرف «جزء» من رواتب العاملين في الدولة بإحدى العملات الأجنبية؟!، ففي تاريخنا -قديمه وحديثه- لم يحدث أن انتقص شركاء أصيلون في حماية السيادة الوطنية، من رمز سيادي أصيل كما هي «الليرة الوطنية»: الشاهد الحي على قرن مضى من حياة السوريين، تماما كما الحدود واللغة وكل الأشياء الأخرى التي أضحت تمثل انبثاق الروح الوطنية جيلا بعد آخر، بغض النظر عن لحظة وظروف اعتمادها كـ«معادل للقيمة».

أسوأ ما يمكن توقعه من «الفكرة الفذة» التي طرحها أولئك «النواب» على وزير المالية تحت قبة مجلس الشعب هو أن تكون قد قفزت من مخيلة نائب أو أكثر ممن «قفزوا» إلى مقاعدهم التشريعية إثر ترشحهم على لوائح «العمال والفلاحين»!.. لكن مهلا، لِمَ العجب!.. فأقرانهم في السلطة التنفيذية المعنيون بإحقاق مصالح هؤلاء «العمال والفلاحين» والذود عنها، ما فتئوا يقدمون فروض الطاعة للعملة الأجنبية مع كل صباح جديد، ليتحولوا بفعل الزمن إلى مجرد مسطرة صماء تقيس تناسبية جميع العملات العالمية مع عملتنا الوطنية.. وحيواتنا: يقرون الضرائب في المطعم بناء على ارتفاع الدولار!.. يتجاهلون الأسواق في غليانها تفهما لتبدلات أسعار الصرف.. ويعتمدون سياسة القفز في تسعير الخبز والأساسيات الأخرى تبعا لتغير كلفة مستلزمات صناعتها أو استيرادها، أمام الدولار!.. لا بل حتى إن الليرة «السيادية» ذاتها لم تلق منهم من يدافع عنها، أو يمسك بيدها إبان جولات سقوطها الحر المتتالي أمام الدولار؟!..

كل ذلك لم يستفز المشاعر الحكومية الفياضة تجاه ما تمثله عملتنا الوطنية من سيادة وطنية!، وحده الحديث عن الرواتب هو من يفعل، وفقط بغرض الدفاع عن تدنيها يمكن فهم رفض وزير المالية الحاسم للمقترح البرلماني «الفذ» متذرعا بـ«الشأن السيادي»!!.

ثمة ما هو أسوأ من كل ما ورد آنفا من أشياء سيئة..

فإبان انبثاق «الومضة المبدعة» عن مخيلة ممثليهم في مجلس الشعب، طفق موظفو القطاع العام يتباحثون في المقترح «الفذ»، وذهب أكثرهم إلى استحسانه كحل مقبول لحال رواتبهم المتدهورة باطراد، مستسلمين- في وضح النهار وبفتوى تشريعية- لما يعكسه ذلك من هتك لقدسية علاقتهم العاطفية والوطنية مع ليرتهم المنهكة جراء الاستسلام الحكومي لتقلب أسعارها أمام العملات الأخرى. إذاً ما المانع- بعد ذلك- أن نستمر «حكومة بالعملة الصعبة» أو «نواباً مستوردين»؟!.

المصدر: صحيفة "الوطن" المحلية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك