الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

خسرت نصف ناتجها المحلي.. هل تجد سورية في السوق الحر حلاً

الاقتصاد اليوم:

تقلص الناتج المحلي الإجمالي السوري بنسبة تزيد عن 50 بالمئة بين 2010 و2020، وأعيد تصنيف سوريا دولة منخفضة الدخل منذ 2018. كما انخفضت قيمة العملة المحلية، وارتفعت معدلات الفقر، وباتت البلاد الآن بين الدول الـ 10 الأكثر انعداما للأمن الغذائي عالميا.

هذه بيانات البنك الدولي، فماذا يمكن للإدارة السورية الجديدة فعله كي تحدث تغييرا ملموسا في حياة السوريين؟

يقول الباحث والأكاديمي الاقتصادي السوري، فراس شعبو إن الإدارة الجديدة في دمشق عبرت عن توجهها لإعادة بناء الاقتصاد الوطني القائم على "السوق الحر التنافسي"، بحيث أن يكون تدخل الدولة من خلال وضع القوانين والضوابط ومراقبة الأسواق لمنع الاحتكار.

وأضاف أن الإدارة الجديدة في دمشق قالت في تصريحات وجهتها لقادة أعمال إنها ستتبنى نموذج السوق الحر وستدمج سوريا في الاقتصاد العالمي في تحول كبير عن عقود من سيطرة الدولة الفاسدة.

وتفاقمت الأزمة الاقتصادية السورية بفعل العقوبات الدولية وجائحة كورونا والجفاف وأزمات اقتصادية في لبنان وتركيا. لكن السبب الأبرز هو فساد النظام السوري الذي أنهك البلاد بسياساته التي قامت على أساس نظام "السوق الاجتماعي".

من نظام "السوق الاجتماعي" إلى "السوق الحر"

قدر البنك الدولي الخسائر التراكمية للناتج المحلي الإجمالي السوري بين 2011 و2016 بحوالي 226 مليار دولار، وهو ما يفوق الناتج المحلي لسوريا في 2010 بأربع مرات.

ولمعالجة هذا الواقع وتغييره، يقول شعبو إن الإدارة الجديدة تحتاج إلى النهوض بالبلاد من تحت الرماد بإيجاد مؤسسات فاعلة وقوانين تضبط الاقتصاد، مستعرضا مسار الاقتصاد السوري باتباعه النظام الاشتراكي حتى عام 2005، عندما تغير إلى نظام السوق الاجتماعي، بينما تؤكد التصريحات الأخيرة الصادرة من دمشق إلى التوجه إلى "اقتصاد السوق الحر" لتدمج في الاقتصاد العالمي.

وقال شعبو إن أول مرحلة سيمر فيها الاقتصاد السوري "مرحلة التعافي" خلال أول عامين إلى ثلاثة أعوام، والتي تتضمن إعادة الثقة بمؤسسات الدولة، وتحقيق الاستقرار السياسي، ووضع قوانين جاذبة للاستثمار لإعادة الإعمار.

والاثنين عينت الإدارة الجديدة ميساء صابرين في منصب حاكم مصرف سوريا المركزي.

واتخذ المصرف خطوات، من بينها إلغاء ضرورة الحصول على موافقات مسبقة للتصدير أو الاستيراد وتشديد القيود على استخدام العملة الأجنبية، من أجل تحرير الاقتصاد الذي كان خاضعا بشدة لسيطرة الدولة.

ويعاني الاقتصاد السوري من مشاكل هيكلية بعد أكثر من 13 سنة على الحرب التي دفعت بأكثر من 90 في المئة من سكان البلاد إلى تحت خط الفقر بحسب الأمم المتحدة.

الجيل الضائع

في تقرير البنك الدولي بعنوان "مراقبة الاقتصاد السوري: الجيل الضائع" الصادر في يونيو 2022، تم التأكيد على أن النزاع المستمر منذ عقد قد دمر مكاسب التنمية في سوريا، حيث انخفض النشاط الاقتصادي بنسبة 50 بالمئة بين 2010 و2019.

وأدى الصراع إلى تدهور البنية التحتية وتزايد الشيخوخة السكانية بسبب النزوح الجماعي، فضلا عن تدهور التماسك الاجتماعي.

وتأثرت رفاهية الأسر بشكل كبير نتيجة النزاع، حيث تزايد الفقر المدقع بشكل مستمر منذ بدء النزاع، مما يعكس تدهور فرص العيش واستنفاد القدرة على التكيف.

كما أن التضخم المرتفع أثر بشكل غير متناسب على الفقراء والفئات الضعيفة. بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة للنزاع، يعاني الاقتصاد السوري من آثار جائحة كورونا، الأزمات الإقليمية، والاضطرابات الاقتصادية العالمية.

أما في الجزء الخاص بالتركيز على القضايا السكانية وسوق العمل، فقد أظهر التقرير وجود عجز في عدد الذكور في الفئة العمرية الرئيسية، وزيادة في مشاركة النساء في سوق العمل نتيجة لتدهور الظروف الاقتصادية، رغم التحديات التي تواجهها النساء في الوصول إلى الفرص الاقتصادية المتساوية.

وركز التقرير أيضا على التحديات الكبيرة في جمع البيانات الدقيقة في بيئات النزاع، حيث استخدم البنك أدوات جديدة مثل البيانات الجغرافية والبعيدة لتوفير تقييمات أفضل للتطورات الاقتصادية في سوريا.

المساعدات الفنية ورفع العقوبات

وحدد الخبير الاقتصادي، شعبو الأدوار المطلوبة من دول الإقليم أو المجتمع الدولي، بتقديم المساعدات الفنية الاستشارية واللوجستية، وأي مساعدات مالية ممكنة لإعادة الإعمار.

وقال صندوق النقد الدولي قبل أيام إنه مستعد لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار مع المجتمع الدولي، لكن الوضع على الأرض لا يزال متقلبا.

وأشار إلى أنه من السابق لأوانه "إجراء تقييم اقتصادي، إذ يتم "مراقبة الوضع عن كثب"، مع التأكيد على استعداده لدعم جهود المجتمع الدولي للمساعدة في إعادة الإعمار الجادة حسب الحاجة وعندما تسمح الظروف.

ودعا شعبو المجتمع الدولي إلى رفع العقوبات عن الاقتصاد السوري، إذ لا يمكن تحقيق الاستقرار من دون رفع هذه العقوبات، ولا يمكن انتظار وجود مؤسسات فاعلة حتى يتم هذا الرفع.

وتخضع سوريا والمصرف المركزي لعقوبات أميركية صارمة.

وفرضت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي ودول أخرى عقوبات صارمة على سوريا بعد أن تحولت حملة نظام بشار الأسد لقمع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في عام 2011 إلى حرب أهلية


وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن في إحاطة لمجلس الأمن الدولي أواخر ديسمبر إن إنهاء العقوبات على سوريا سيساعد في تلبية احتياجات هائلة.

وأضاف أن "هناك استعداد دولي واضح للمشاركة. الاحتياجات هائلة ولا يمكن معالجتها إلا بدعم واسع النطاق، بما في ذلك إنهاء سلس للعقوبات، واتخاذ إجراءات ملائمة بشأن تصنيف الجماعات أيضا، وإعادة الإعمار الكامل".

وفي يونيو 2020، فرضت واشنطن قانون العقوبات المعروف باسم قيصر، وقررت بموجبه عقوبات مالية على مسؤولين سوريين ورجال أعمال وكل أجنبي يتعامل مع دمشق، ونص على تجميد مساعدات إعادة الإعمار.

وعبرت أنقرة عن استعدادها لمساعدة إدارة سوريا الجديدة في بناء هيكل الدولة، بينما تعهدت عواصم عربية بتقديم الدعم لدمشق والاستثمار في إعادة الإعمار.

وأكد وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي قبل أيام ضرورة التمسك بسيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها ورفض التدخل الخارجي في شؤونها، داعين لرفع العقوبات عن سوريا.

وأعلنت ألمانيا الاثنين إنها ستقدم أكثر من 62 مليون دولار لدعم مشروعات في سوريا من أجل تعزيز التعليم وحقوق المرأة وقطاعات أخرى.

المصدر: الحرة

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك