الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

عن الليرة... والدولار... والرهاب القاتل!

الاقتصاد اليوم:

منذ سنوات عدة، وعندما بدأ سعر صرف الليرة يسجل تراجعاً بنسب كبيرة، نصح بعض الاقتصاديين المعروفين مؤسسات الدولة المعنية بعدم الخضوع لرهاب الدولار وسعر الصرف.

فالأولوية هي لتوفير احتياجات المواطن الأساسية بأسعار مناسبة، وهذه مهمة أي حكومة... سواء كان سعر الصرف متوازناً أو وهمياً أو أنه يشهد تقلبات كبيرة.

ففي النهاية الدولار هو سلعة كباقي السلع المطروحة في الأسواق المحلية، يتحدد سعره بناءً على العرض والطلب...

اليوم، وفي ظل ما يشهده سعر صرف الليرة في السوق السوداء من انخفاض كبير تحت ضغط عوامل عديدة، فإن الضرورة تقتضي أن نخرج جميعا من حالة "الرهاب" التي فرضها الدولار على حياتنا... ولو بشكل تدريجي.

وأقصد هنا تحديدا كي لا يفسر كلامي بغير معناه، أن تتجه مؤسسات الدولة إلى التعامل مع متغيرات سوق الصرف من خلال العمل على تأمين احتياجات المواطن الأساسية بأسعار مناسبة، وبعيداً عن حالات الاستغلال والاحتكار المصاحبة لكل تغير بسعر صرف الليرة.

هذا الأمر يمكن أن يتم بأشكال وطرق متعددة، بالاستناد إلى تجارب البلاد في منتصف الثمانينات وما بعد، أو عبر الاستفادة من تجارب بعض الدول الإقليمية والعالمية... والاتجاه الحكومي مؤخراً نحو توزيع مواد غذائية مدعومة سعرياً على البطاقة الالكترونية لكل عائلة سورية يمثل قراراً هاماً في هذا المنحى.

ودون شك مثل هذه الخطوة لا يمكن أن تنجح وتحقق مبتغاها إذا لم تكن مدعومة مالياً من قبل خزينة الدولة، وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية ستكون مساندة لقوة الدولة وصمودها في هذه المعركة الاقتصادية الجديدة.

بعد تأمين لقمة معيشة المواطن، خاصة الفقير وصاحب الدخل المحدود، تأتي الخطوة الثانية وهي عبارة عن حزمة إجراءات اقتصادية يجري اتخاذها للتأثير في سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية... وحالياً هناك اقتراحات كثيرة تقدم من قبل المهتمين بالشأن الاقتصادي لزيادة وارادات الدولة من القطع الأجنبي، وبعضها اقتراحات جديرة بالبحث والتطبيق...

لكنني هنا أعود إلى الوراء، وتحديداً إلى العام 2011 وما بعد، حيث طرح الدكتور الياس نجمة اقتراح القرض الإجباري على غرار ما جرى في بعض الدول التي تعرضت لأزمات اقتصادية مشابهة، بحيث تلجأ الدولة للاقتراض بشكل إلزامي من أصحاب الفعاليات الاقتصادية الكبيرة وصاحبة الملاءة المالية مبلغاً معيناً يساعدها على تغطية العجز أو جزء منه. وهو برأي الدكتور نجمة حلاً إسعافياً وضرورياً، ويمكن أن ينظم عبر تشريع يحدد مساهمة هذه المؤسسات والشركات والأشخاص (خاصة من الجهات التي نشطت خلال فترة الحرب وحققت أرباحاً كبيرة) والفوائد التي يستطيعون الحصول عليها ومدة القرض، وبهذا تكون الدولة آمنت جزءاً من احتياجاتها من العملة الأجنبية، وتحقيق تكافل اقتصادي واجتماعي يقوم على مبدأ اقتسام الأعباء على مستوى جميع الفئات، دون المساس بحقوق أصحاب الأموال الذين ستقترض الدولة منهم الأموال إذا يمكن لهم استعادتها مع فوائدها بعد 3 أو 5 سنوات.

اقتراح لا يلغي وغيره من الاقتراحات ضرورة ممارسة الدولة لقبضتها الحديدية في مواجهة ظاهرة تهريب القطع الأجنبي والسلع من سورية إلى بعض دول الجوار، وملاحقة أمراء السوق السوداء التي باتت للأسف تتحكم بحياة المواطن وتتسبب بمشاكل اقتصادية لا حصر لها.

الأهم من هذا وذاك... الاستماع لآراء الجميع ومناقشتها بعقلانية وموضوعية بعيداً عن الآراء والمواقف الجاهزة ورفض الآخر.

سيرياستيبس - زياد غصن

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك