الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

أسعار الألبسة في أسواق دمشق هستيرية! البالة والبسطات..ملاذ الفقراء في الشتاء

الاقتصاد اليوم ـ صحف:

مع بداية فصل الشتاء ارتفعت أسعار الألبسة في أسواق دمشق ارتفاعاً هستيرياً غير مسبوق، ما أدى إلى حالة ركود في المحال، ولجوء المواطنين إلى سوق البالة والبسطات التي ارتفعت أسعارها أيضاً ارتفاعات جنونية.

في جولتنا على أسواق دمشق: (الصالحية - شارع الحمراء- الشعلان - الحميدية - باب توما) لاحظنا ارتفاعات غير مبررة، فقد تراوح سعر الطقم الرجالي بين 20000 و 35000 ليرة سورية، بينما ترواح سعر البنطال الجينز الرجالي بين 4500 و6000 ليرة، في حين تراوح سعر الجاكيت الرجالي بين 7000 و12000 ليرة، وسعر كنزة الصوف تتراوح بين 6000 و7500 ليرة.

وأما أسعار الألبسة النسائية الشتوية، فلقد حلقت تحليقاً غير طبيعي، إذ يبلغ سعر كنزة الصوف 4000 إلى 5000 ليرة، والبنطال يتراوح سعره بين 5000 و7000 ليرة، في حين سعر الجاكيت الصوف يصل إلى 6000 ليرة وما فوق، وأما أسعار الفساتين فقد تجاوزت 30000ليرة سورية. أسعار الألبسة الولادي مرتفعة أيضاً، فسعر طقم ولادي شتوي يتراوح بين 8000 و 10000 آلاف ليرة، وسعر البنطال الشتوي بين 4000و 6000 ليرة.

وبرر أصحاب المحال هذه الارتفاعات في الأسعار بارتفاع سعر الدولار، وارتفاع تكاليف الإنتاج وأجور النقل واليد العاملة، مشيرين إلى حالة ركود في السوق.

وخلال جولتنا التقينا ببعض المواطنين الذين عبروا عن استغرابهم الأسعار المرتفعـة، متسائلين عن سبب غيب دور حماية المستهلك والرقابة، للحد من هذه الكارثة، بحسـب وصفهم.

وقالت شيرين (موظفة، لديها ولدان): (لم أستطع شراء الكسوة الكاملة لأولادي لهذا الموسم من الشتاء بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض جودة البضائع)، مشيرة إلى أنها قررت اللجوء إلى سوق البالة، قائلة: (صحيح أسعار البالة صارت مرتفعة متل المحلات العادية، بس ع الأقل النوعية أحسن).

وأما محمود (موظف ولديه أربعة أولاد)، فبيّن صدمته بالأسعار قائلاً: (فوجئت عند جولتي بسوق الصالحية ولم أستطع شراء الكسوة الكاملة لأولادي، لأن ثمنها تجاوز حدود راتبي الشهري)!

وقال محمود بسخرية: (أحتاج إلى أكثر من 100 ألف ليرة لشراء الألبسة للعائلة، وهذا لا يتناسب أبداً مع راتبي الشهري الذي يذهب ثلاثة أرباعه لإيجار المنزل).

سوق البالة

شهد سوق البالة أو الألبسة المستعملة إقبالاً ملحوظا، إذ يعتبره السوريون (ملاذ الفقراء) الأخير، ولكن حتى سوق البالة أصبحت أسعاره متقاربة جداً مع الأسواق الأخرى.

وخلال جولتنا بسوق البالة في (الإطفائية) بدمشق، لاحظنا وجود الكثير من الألبسة والاحذية والحقائب المستعملة،  ويمضي المواطنون وقتاً طويلاً في هذا السوق للشراء، يبدأ باختيار ما يلبي احتياجاتهم، وصولاً إلى (البازار)، أو المفاصلة على السعر.

وقالت ريم(معلمّة مدرسة)، وهي تقوم باختيار بنطال، وبلوزة من البسطة، إن جودة (الألبسة المستعملة أفضل من الجديدة وسعرها أرخص، وهنا أجد طلبي، وأستطيع شراء أكثر من قطعة بسعر مناسب).

وأما أبو محمد (صاحب بسطة بالة) فقال: (زبائن البالة لا يقتصرون على الفقراء، فثمّة زبائن يرتادون السوق من مختلف المستويات الاجتماعية، والمقتدرون منهم يجدون ضالتّهم هنا)، مشيراً إلى أن أغلب البضائع لديه هي عبارة عن تصافي المصانع، والمولات الأوربية.

وأضاف أبو محمد: (هذه التجارة مربحةً نتيجة الضائقة الاقتصادية التي يمر بها السوريون وعزوفهم عن المحال التجارية والماركات في الأسواق، وكثرة المهجرين الذين غادروا بيوتهم بسبب الحرب، وتركوا وراءهم كل شيء، بما في ذلك ملابسهم، وباتوا يقصدون (سوق البالة) لتوفير حاجتهم منها، لكنّهم يجدون أسعارها غالية مقارنةً بقدرتهم الشرائية المحدودة، إلا أنّ هذه الأسعار تبقى أرحم من باقي الأسواق).

البسطات.. ربح قليل وبيع كثير

البسطات التي تنتشر في المزة شيخ سعد، وجسر الرئيس والفحامة والحلبوني، لاحظنا أن حركة مبيعها جيدة نوعاً ما، وقال أحمد (صاحب بسطة في الشيخ سعد): (نحن نبيع بسعر أرخص من المحال لأننا نعتمد على سياسة الربح القليل والبيع الكثير).

ولدى سؤالنا أحمد عن كيفية الحصول على الرخص لأصحاب البسطات أجاب: (لا يعطى أصحاب البسطات أي تراخيص دائمة، لكن يوجد في محافظة دمشق تراخيص موسمية، يراعى في هذه الرخصة الموقع وعرض الرصيف، ومساحة الإشغال، وتسمى الرخصة في هذه الحالة (رخصة إشغال موسمي)..).

وعند لقاءنا عمر (أحد المواطنين الذي يشتري من البسطة) فقال: (إن البضائع الموجودة في المحال هي نفسها موجودة على البسطات، وأحياناً تحتوي البسطة على بضائع عالية الجودة تكون من العام الماضي أو الذي قبله).

وأما هدى (طالبة حقوق) فقالت: (البسطات تبيع بأسعار أقل بكثير من المحال لكونها تتحمل نفقات إضافية، وإذا ما قامت المحافظة بنقل البسطات إلى أطراف المدن أعتقد أن المواطنين سوف يذهبون إليها، ونحن مع إجراء هذه الخطوة لأنها تخفف الازدحام في مراكز المدن).

أما عليا (ربة منزل) فقالت: (صاحب البسطة يقبل بربح بسيط على عكس المحال التي تتمسك بالأسعار، أو تقوم بوضع أسعار وهمية تفوق كثيراً السعر الحقيقي للقطعة، لذلك أشتري من البسطات وخصوصاً أن القطع التي تُباع على البسطة هي القطعة ذاتها التي تُباع في المحال).

.. وماذا بعد؟!

غياب الرقابة يبقى العامل الأهم في الخلل الذي تشهده الأسواق السورية للألبسة ولغيرها من السلع، إضافة إلى تقلبات سعر الصرف التي انعكست على الغالبية العظمى من السلع، وهذا سهّل على التجار استغلال هذه العوامل لملء جيوبهم، ولو كان على حساب المواطن الفقير.. لذلك نرى أن أهم الخطوات لتدارك هذا الشرخ هي تفعيل الرقابة على الأسواق، وخلق آلية مناسبة لمعاقبة المخالفين، رحمة بالمواطن الذي ملّ كثرة المبررات، والذي تراجعت القيمة الحقيقية لدخله تراجعاً رهيباً في هذه السنوات العجاف.

أحمد إبراهيم إسماعيل

المصدر: صحيفة "النور" المحلية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك