التحديات ترافق الإصدار المرتقب للعملة السورية الجديدة
الاقتصاد اليوم:
قال دكتور الاقتصاد ياسر الحسين إن الليرة الجديدة من المتوقع أن تبسط الحسابات اليومية وتخفف الضغط على الأنظمة المصرفية، وتمنح رمزية وطنية عبر أوراق حديثة أكثر أماناً، كما ستساعد في إعادة جزء من السيولة النقدية إلى النظام الرسمي، ما يعزز قدرة المصرف المركزي على ضبط التضخم، والإصدار قد يشكل أيضاً إشارة سياسية واقتصادية للانفتاح وجذب الاستثمارات والتحويلات الخارجية”.
السلبيات والتحديات والمخاطر المحتملة
أول هذه التحديات يتمثل في الخطر التضخمي إذا لم تُدر العملية بشكل مدروس؛ إذ قد يستغل بعض التجار والمضاربين مرحلة الانتقال بين العملة القديمة والجديدة لرفع الأسعار تحت ذرائع تقنية أو بحجة تقريب الأرقام، ما يحمل المواطنين أعباء إضافية.
التحدي الثاني يتعلق بالكلفة الفنية واللوجستية للعملية؛ فطباعة أوراق نقدية جديدة بمواصفات أمنية، وتأمين نقلها وتوزيعها إلى مختلف المحافظات، وتجهيز المصارف وأجهزة الصراف، جميعها خطوات تتطلب موارد مالية وإدارية كبيرة.
أما التحدي الثالث فيرتبط بمستوى الثقة الشعبي؛ فإذا لم يشعر المواطن أن العملة الجديدة ترافقها سياسات حقيقية لضبط الأسعار وتحسين الدخل، فقد ينظر إلى التغيير بوصفه إجراءً شكلياً لا يمس جوهر المشكلة.
التحدي الرابع مرتبط بانعكاس مرحلة التعايش بين العملتين على التجارة والصناعة في ظل تداول عملتين؛ إذ يضطر المنتجون والتجار للتعامل مع عقود وأسعار وتكاليف محسوبة بالعملة القديمة، بالتوازي مع فواتير وتسعير جديد بالعملة المعدلة.
وقد يسبب ذلك حالة من الإرباك في احتساب كلفة الإنتاج وهوامش الربح، ويفرض أعباء تقنية على المنشآت لتحديث أنظمتها المحاسبية، كما يمكن أن تنشأ خلافات في تفسير الأسعار بين مختلف حلقات السوق، ما قد يؤدي إلى تباطؤ مؤقت في حركة التبادل والتعاقد ريثما تستقر منظومة الأسعار بالعملة الجديدة.
بهذا الخصوص يضيف الدكتور الحسين: “إن حذف الأصفار لا يعالج ضعف الإنتاج أو التضخم المزمن، ما يجعله إصلاحاً شكلياً إذا لم يرافق بخطوات هيكلية، كما أن هناك مخاطر تضخمية عند عودة السيولة دفعة واحدة، إضافة إلى تكاليف الطباعة والتحديث والارتباك خلال الفترة الانتقالية”.
ولنجاح الإصدار يقترح الدكتور الحسين أن يتم ربطه بإصلاحات اقتصادية شاملة ودعم الإنتاج المحلي، مع حملة توعية تشرح آليات التحويل بين الفئات، كما أن تحديث الأنظمة المصرفية والصرافات قبل التطبيق ضروري، إضافة إلى إدارة السيولة بسياسات نقدية واضحة، واعتماد الشفافية والمساءلة لبناء ثقة مستدامة.
بالعموم، يتوقف نجاح طرح عملة سورية جديدة على أن يُنفذ بوصفه جزءاً من رؤية اقتصادية شاملة، لا كمجرد خطوة تقنية لتبديل الأوراق النقدية، فأي عملة جديدة تحتاج إلى بيئة داعمة من ضبط للعجز المالي، وتحفيز للإنتاج، وتحسين لمناخ الاستثمار، بحيث تستند قيمتها إلى قوة الاقتصاد الحقيقي، كما أن وجود سياسة نقدية واضحة وشفافة تنسق عن قرب مع السياسة المالية يعد شرطاً رئيسياً للحفاظ على استقرار سعر الصرف والحد من التضخم.
وسبق أن أكدت مصادر مطلعة أن إشهار العملة الجديدة سيكون في 8 كانون الأول المقبل، تزامناً مع عيد التحرير، على أن يبدأ الإصدار الفعلي نهاية العام الحالي، إذ يواصل المصرف المركزي تحضيراته لإطلاق العملة ضمن خطة إصلاحية واسعة تهدف إلى تعزيز الثقة بالليرة السورية وتنظيم التداول النقدي وتفعيل دور القطاع المالي في دعم النشاط الاقتصادي.
صحيفة الثورة
|
تعليقات الزوار
|
|















