الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

حِصّة الزراعة والصناعة معاً من الناتج لا تتجاوز الثلث!

الاقتصاد اليوم:

تعتبر قطاعات الاقتصاد الحقيقي، أي الزراعة والصناعة بشكل أساسي، القطاعات المنتجة للقيمة، حيث يتم خلق قيمة مضافة جديدة، مما يرفع معدلات النمو الحقيقي ويساهم في توفير فرص العمل. 

في سورية وخلال الفترة التي سبقت الأزمة توجهت الاستثمارات بشكل أساسي نحو المجالات غير الإنتاجية أي فروع الاقتصاد غير الحقيقي المتمثلة في ( العقارات، المال، التأمين والمصارف) التي تتسم بالميل نحو المضاربة وخلق الأزمات، حيث ارتفعت نسبة مساهمتها من الناتج المحلي الإجمالي مقابل تراجع حصة القطاعات الأخرى، مما ساهم بدوره في إضعاف صلابة الاقتصاد الوطني، تجاه التقلبات التي حدثت لاحقاً.

 استمرت القطاعات الإنتاجية بالتراجع مؤخراً، وتعمقت التشوهات الهيكلية للاقتصاد بفعل الأزمة والسياسات الحكومية المتبعة خلالها، حيث تشير دراسات: إلى أن حصة قطاعي الصناعة والزراعة من الناتج المحلي الإجمالي مجتمعين، تشكل نسبة 33% فقط عام 2015.

في 2010 تراجع حصة الصناعة والزراعة بنسبة 27%

توضح القراءة لتفاصيل الناتج المحلي الإجمالي خلال الأعوام 2000 إلى 2010 وجود خلل حقيقي في نمو مجمل القطاعات، حيث تراجعت نسبة مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي من 25% عام 2000 إلى 16% عام 2010، وحصة الصناعة من 30% إلى 24%. بينما استمرت حصة التجارة بالارتفاع خلال تلك السنوات، حيث انتقلت من 15% عام 2000 إلى 20% عام 2010، وكذلك الأمر بالنسبة لقطاع المال والتأمين والعقارات الذي ارتفعت حصته من 4% إلى 6% عام 2010.

تعكس تلك الأرقام ميل السياسات الحكومية إلى الاستثمار في القطاعات الخدمية والمالية، على حساب القطاعات الإنتاجية في فترة ما قبل الأزمة، حيث انخفضت حصة الزراعة والصناعة بنسبة 27% بينما ارتفعت حصة التجارة بنسبة 33% والمال والعقارات بنسبة 50%. مما أدى إلى إضعاف القطاعات الأساسية، وإنتاج معدل نمو وسطي للدخل لا يتجاوز 5% وهو معدل لا يكاد يغطي معدل النمو السكاني، ولم تنتج معدلات النمو الضرورية للتنمية، بل تفاقمت معدلات الفقر والبطالة.

في عام 2015 حصة الصناعة 4.8% فقط

خلال سنوات الأزمة، ومن عام 2011 حتى عام 2015، تعرضت القطاعات الإنتاجية، وخاصةً الصناعة، إلى ضربات عديدة مما عمق تراجعها، حيث تشير تصريحات رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية، أنّ الأضرار التي لحقت بقطاع الصناعة خلال سنوات الأزمة تجاوزت 100 مليار دولار.

ومن المؤكد أنّ الأزمة تسببت بدمار واسع للمنشآت والمعدات الصناعية والبنية التحتية، الّا أنّ السياسات الحكومية ساهمت بشكل كبير في إعاقة أي انتعاش في القطاع الصناعي، وخاصةً مع تحسن الأوضاع الأمنية في العديد من المناطق الصناعية، مثل: عدرا، وحسيا، والشيخ نجار. وذلك من خلال رفع أسعار السلع الأساسية، مثل: الوقود والكهرباء، وبالتالي رفع تكلفة الإنتاج، بالإضافة إلى عدم ضبط التجارة الخارجية، الأمر الذي أدى  إلى انهيار العديد من الحرف والورش الصناعية. أدى ذلك كله إلى تراجع حصة الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2015 بشكل كبير حيث بلغت بحسب دراسات 4.8% فقط موزعةً بين الصناعة الاستخراجية بنسبة 1.8% والصناعة التحويلية بنسبة 3.0%.

حصة الزراعة 28%

تشير الأرقام إلى ارتفاع حصة الزراعة من الناتج المحلي الإجمالي من 16% عام 2010 إلى 28% عام 2015. إلا أن الارتفاع لم ينجم عن زيادة في الناتج على المستوى القطاعي، لكن التراجع النسبي لبقية القطاعات وخاصةً الصناعة، هي التي أعطته حصةً أكبر في الناتج المحلي الإجمالي. ويعزى هذا النمو أيضاً إلى تحسن الإنتاج النباتي نتيجة للظروف المناخية الجيدة التي ساعدت في ارتفاع إنتاج المحاصيل الرئيسة. وعلى الرغم من زيادة المحصول عام 2015 إلى أن هذا القطاع شهد تدهوراً هائلاً خلال الأزمة، وتراجع الإنتاج النباتي بمقدار النصف تقريباً، بسبب صعوبة الوصول إلى بعض الأراضي من جهة، وارتفاع تكاليف الإنتاج، مع رفع أسعار الأسمدة والوقود، وكذلك ارتفاع تكاليف النقل من جهة أخرى.

حصة الاتصالات تتضاعف

ارتفعت حصة قطاع الاتصالات في الناتج الإجمالي من 8% عام 2006 إلى 15% عام 2013 حيث يعتبر الأداء الاستثماري في القطاع العام ضعيفاً عموماً، إلّا أنّ مؤسسة الاتصالات بقيت من المؤسسات الرابحة، وتضاعفت حصتها من الناتج الإجمالي. وهذا يشير إلى أن أثر الأزمة على القطاعات الخدمية لم يكن بمستوى أثرها على القطاعات الإنتاجية الأخرى، فهل للسياسات الحكومية الدور في ذلك؟

لاشك أن ظروف الأزمة انعكست سلباً بشكل كبير على الصناعة والزراعة. ولكن تراجع تلك القطاعات بدأ قبل الأزمة بأعوام، حيث تراجع دور الدولة في الاستثمار وقدمت التسهيلات للقطاع الخاص. وحيث إن الاستثمارات الخاصة تسعى دوماً إلى تحقيق الربح السريع، فإن البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية من زراعة وصناعة تم تهميشها، لتأتي السياسات الحكومية خلال الأزمة وتزيد الطين بلةً، من خلال رفع أسعار المواد الأساسية وبالتالي رفع تكلفة الإنتاج الصناعي والزراعي. إن توفير الحاجات الضرورية للشعب السوري، ورفع الاستقلالية النسبية للاقتصاد الوطني، يتطلب تحويل مركز ثقل الاقتصاد الوطني، من قطاعات الخدمات والتجارة، إلى القطاعات الحقيقية المنتجة للثروة في سبيل تصحيح التشوه الهيكلي للاقتصاد، بما يسمح برفع إنتاجيته الكلية كمًاً ونوعاً.

نقلا عن صحيفة قاسيون المحلية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك