الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

ماذا بعد الخبز؟

الاقتصاد اليوم:

وأخيراً.. وقعت الواقعة وارتفع سعر الخبز بنسبة 70%، تلك القضية التي كانت مجال تخوّف المواطنين منذ ربع قرن تقريباً، ومجال قلق الذين يستشفّون الأبعاد الخطيرة لعملية الرفع هذه. فقد جاءت هذه العملية بعد تمهيد طويل، تخللته دعاية واسعة حول تحسين نوعية الخبز الذي سوف ينجم عن رفع الأسعار، مع أن العلاقة بينهما غير مؤكدة، كما جاءت في ظل انفلات الأسعار إلى حد جنوني ليس بمقدور الجماهير الشعبية الواسعة تحمّله.

لقد اعتاد جمهورنا والنخب السياسية والاقتصادية على اعتبار أسعار مادة الخبز خطاً احمر لا يجوز تجاوزه، وإذا بهذا الخط لم يعد أحمر، وها هو يصبح كغيره من السلع التي لا تتمتع بالحصانة والحماية، كما في أغلب الدول النامية التي تعد الخبز مجال الاستهلاك الرئيسي للجماهير الفقيرة والمتوسطة. وأكثر ما يثير التساؤل والقلق لدى عامة  الشعب بل وحتى الاقتصاديين أن الخبز، إذا لم يعد محصناً ومحاطاً بالحماية والرعاية الحكومية، إذاً ما الذي سيبقى محصّناً بعده؟ أهو الكهرباء أم المحروقات أم الخدمات الصحية والتعليمية..؟

وإذا كانت أسعار كل هذه الخدمات والسلع قابلة للارتفاع ولن تتمتع بالحصانة بعد الآن، إذاً ما الفرق بين نظامنا الاقتصادي ونظام اقتصاد السوق الحر؟ وهل نحن أمام مرحلة من تحرير شامل للأسعار، التي طبقت في العديد من الدول، بذريعة الإصلاح الاقتصادي، والتي نجم عنها إفقار الجماهير الواسعة وفشل الإصلاح؟

ومع كامل تقديرنا لحراجة الوضع الاقتصادي التي نجمت عن العدوان الإرهابي والحصار الاقتصادي على سورية، فمن متطلبات هذا الوضع وزيادة موارد الخزينة ليس إلقاء العبء على جمهرة الناس، بل البحث عن مصادر أخرى لتغطية العجز واتخاذ خطوت صارمة قد لا تعجب البعض، ولكنها تخفف من آلام الذين يزدادون فقراً كل يوم.

وأخيراً نعبر عن قلقنا الشديد لاحتمال أن تكون خطوة تخفيف الدعم عن الخبز مؤشراً إلى بداية نهج جديد في الاقتصادي قوامه إضعاف دور الدولة والسير في طريق السوق الحر.

المصدر: صحيفة "النور" المحلية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك