الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

مخاوف دولية من ارتفاع أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل وسط حالة تضخم تضرب العالم

الاقتصاد اليوم:

تعد الطاقة أمراً حيوياً لكل جوانب الحياة الحديثة تقريباً، فهي تحافظ على دوران عجلة الصناعة، وعمل التكنولوجيا، وتبعث التدفئة داخل منازل الناس وتنيرها، فضلاً عن دورها الكبير في ديمومة حركة النقل. فالكثير مما نعتمد عليه اليوم مرتكز على الطاقة، لذلك فإن أي هزة تصيبها من المرجح أن يصل ارتدادها إلى الاقتصاد الأوسع ويشعر بها الجميع تقريباً. فعندما يرتفع سعر الغاز والكهرباء، ترتفع بالتوازي أسعار أشياء أخرى كثيرة. ومن هنا تظهر أهمية التعامل الجيد مع تحول الطاقة المستمر خصوصاً مع عمليات إزالة الكربون من إنتاج الكهرباء.

من هنا كثفت أميركا والهند واليابان ودول أخرى الضغط على أعضاء أوبك لزيادة الإنتاج وسط مخاوف من ارتفاع محتمل بأسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل، حسب «وكالات» أمس.

وقال مسؤولون من الولايات المتحدة واليابان والهند بعضهم مع بعضهم الآخر على انفراد، بعد أن تواصلوا أيضا مع مستهلكين رئيسيين للنفط والدول المصدرة بعد ارتفاع السعر إلى 85 دولاراً للبرميل إن هناك احتياجات متنامية على مواد الطاقة.

وأشارت المعلومات إلى أن أميركا واليابان والهند مع دول أخرى تمارس أقوى الضغوط الدبلوماسية على أوبك منذ أشهر مضت، بطرق علنية وأخرى سرية، في ظل توقعات أن تنضم الصين إلى حلف الضغط المتوقع.

وحسب «وكالات» فإن إدارة «بايدن» تشعر بمزيد القلق بخصوص ارتفاع أسعار البنزين التي وصلت إلى أعلى مستوياتها في سبع سنوات. ومنذ عدة أسابيع تحث مجموعة «أوبك» على إنتاج المزيد من النفط، في ظل توقعات رسمية بأنه من «الممكن جداً» أن يصل سعر برميل النفط إلى 100 دولار. وفي الوقت نفسه، إن دولاً كروسيا تعمل كل ما في وسعها من أجل استقرار سوق النفط بشكل كامل، إلا أن التوقعات تنبئ أن هناك طلباً كبيراً على مواد الطاقة، وزاد قلق الدول المستهلكة للنفط مع ارتفاع سعر النفط الخام، أولاً إلى 50 دولاراً للبرميل، ثم إلى 75 دولاراً، والآن إلى ما يزيد على 85 دولاراً. وتخشى هذه الدول من أن يرتفع سعر برميل النفط إلى 100 دولار.

وربط مهتمون الوضع الحاصل والتوقعات السلبية حيال تأمين مواد وسلع الطاقة بأنه نظراً لاستمرار العالم المتقدم بمواجهة التضخم للمشتريات جراء إنفاق المستهلكين مزيداً من الأموال على السلع ومنها ما يخصّ الترفيه، فإن سلاسل التوريد حول العالم تعاني أزمة وخاصة في مجال الطاقة.

وتعتمد الحياة اليومية على الحركة الدائمة لسلسلة التوريد، حيث تتنافس جميع السلع على إمدادات محدودة لا تستطيع في الوقت الحاضر مواكبة وتلبية الطلب. هذه المشكلة العالمية، خلقت تداعيات قصيرة المدى، أدت بالبعض إلى عدم الربحية، وأجبرت شركات على التوقف عن شحن البضائع والانتظار للحصول على أسعار أفضل، وفي بعض الأحيان تم فرض رسوم أكبر على المستهلك، لهذا أصبحت الكثير من الشركات في جميع أنحاء العالم أقرب إلى تصنيع السلع عوضاً عن استيرادها من أماكن بعيدة. لكن هذا الأمر يثير المزيد من القضايا حول الاستدامة فيما يتعلّق بالاستهلاك. فالأزمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا طالت جميع اقتصاديات العالم بلا استثناء، بما فيها أقوى اقتصاد عالمي – الولايات المتحدة الأميركية- الذي ارتفع فيه التضخم خلال شهر أيلول الماضي بأسرع وتيرة منذ 30 عاماً، ما ينذر بمخاطر على النمو والوظائف، ولفهم ما حدث ببساطة، تنشط الاقتصادات وتعمل وفق طبيعة دورية، تبدأ بتوسع النشاط الاقتصادي فبلوغه مرحلة الذروة ثم يبدأ في الركود، وبعد ذلك يصل إلى القاع إلى أن يبدأ في التعافي، وهو ما حدث في العالم خلال أزمة فيروس كورونا المستجد، فعندما تدور عجلة الإنتاج وينمو الاقتصاد، تكون هناك فرص عمل أوفر، وبالتالي يزيد الإنفاق.

وفي القارة العجوز، قفز التضخم في منطقة اليورو بشكل تجاوز التوقعات في تشرين الأول ليصل إلى أعلى مستوياته في 13 عاماً، وهو ما يفاقم أزمة البنك المركزي الأوروبي الذي ظل يقلل من تقدير نمو أسعار المستهلكين خلال العام المنصرم.

وارتفع معدل التضخم في 19 دولة تتعامل باليورو إلى 4.1 بالمئة في تشرين الأول، ارتفاعاً من 3.4 بالمئة في الشهر السابق، ومتجاوزاً توقعات عند 3.7 بالمئة، وزيادة أسعار المستهلكين بمعدل 4.1 بالمئة تمثل أكثر من مثلي المعدل المستهدف لدى البنك المركزي الأوروبي.

يذكر أن هذا الرقم هو الأعلى منذ تموز 2008 وهو يعادل أسرع معدل منذ إطلاق سلسلة البيانات المعروفة باسم مؤشر أسعار المستهلكين في 1997. وأظهرت بيانات مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) أن الارتفاع كان مدفوعاً بارتفاع أسعار الطاقة وزيادات ضريبية وتنامي ضغوط الأسعار نتيجة اختناقات العرض التي تحد من الإنتاج الصناعي، ولاسيما في صناعة السيارات.

هذا، وقفزت أسعار الطاقة وحدها بنسبة 23 بالمئة مقارنة بعام مضى، وهو ما يجعلها المساهم الأكبر في التضخم، وشهدت الخدمات تضخماً بنسبة 2.1 بالمئة.

وفي ظل هذه العوامل منفردة ومجتمعة، ما الصورة المستقبلية في ظل هذه الارتفاعات وعليه فإن السؤال المطروح الآن هو الكيفية التي يمكن من خلالها توفير الحوافز المناسبة للاستثمار، وخاصة في الطاقة المتجددة، وهنا فإن العقود الطويلة المدى لتوفير الكهرباء ومزادات الشراء قد تلعب دوراً حاسماً في تحسين كيفية عمل التجمع والتخفيف من قوة السوق. ونظراً للتخفيضات الكبيرة في الكلفة خلال العقد الماضي، تعد الطاقة المتجددة تنافسية حالياً وسوف تزدهر مادام الوقود الأحفوري لا يحظى بالدعم.

لو أرادت أوروبا تحرير المعركة ضد التغير المناخي من التعقيدات السياسية لأمن الطاقة، فسوف يجب عليها أولاً تحقيق مزيج طاقة متوازن في سوق متكامل، وهذا يعني أنها لا يمكن أن تتجاهل المساهمة المحتملة للتقنية النووية كما أشارت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. إضافة إلى ذلك، فإن من الضروري وجود سياسة طاقة أوروبية موحدة لشراء وتخزين الغاز، ومن الضروري أيضاً وجود استثمارات لتطوير تقنيات جديدة مثل التقاط الكربون والهيدروجين الأخضر، ولكن الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يكون ساذجاً، فالتغير المناخي مشكلة عالمية، ولو تم تعويض تخفيضات الانبعاثات في أوروبا في أجزاء أخرى من العالم، فلن يكون هناك أي تقدم وسوف تصبح أوروبا في نهاية المطاف أقل قدرة على المنافسة وستكون هناك حاجة إلى ضريبة تعديل حدود الكربون من أجل التعامل مع هذا الشأن.

ومع دخولنا الربع الأخير من عام 2021، ينتشر صدى أزمة الطاقة العالمية عبر الاقتصادات والصناعات في جميع أنحاء العالم، وكيف ارتفع الطلب على الغاز إثر إيقاف العديد من محطات الطاقة العاملة بالفحم في جميع أنحاء العالم، والأثر المزدوج لذلك والمتمثل في رفع أسعار الغاز واستنزاف مخزونه العالمي. وسط توقعات رسمية باستمرار ارتفاع أسعار الطاقة مع اقتراب فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي، في وقت باتت الدول تعيد حساباتها وعليها أن تنظر لنظام الطاقة لأنه مترابط وممتد، وتعقيد التحول له آثاره في جميع قطاعات وأبعاد الحياة، وأي شذوذ قد يُحدث اضطراباً عاماً، علينا إعادة التفكير في النموذج الكامل لكيفية استهلاك وإنتاج الطاقة، أي العرض والطلب.

الوطن

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك