الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

من مخرجات الأزمة في سورية... رجال أعمال (لا يفكون) الخط!

الاقتصاد اليوم:

أسماء غير معروفة تجارياً، وبأعداد تتجاوز من دون شك المئات، هذا رغم عدم اعتراف غرفة تجارة دمشق بهذا الرقم، بعضهم جاء من المحافظات يحملون معهم مئات الملايين، وباتوا أمراً واقعاً في عالم قطاع الأعمال، والبعض الآخر جاء من مهن لا تليق بشريحة رجال الأعمال، وهؤلاء للأسف ربما سيلعبون دوراً لا يستهان به في رسم السياسة الاقتصادية للبلد مستقبلاً، وهذا سيكون على حساب دور عدد كبير من رجال الأعمال، صناعيين وتجار، المعروفين باستثماراتهم وتاريخهم الاقتصادي أباً عن جد.

رجل أعمال، فضل عدم ذكر اسمه، أكد" أنه كل 30 إلى 50 سنة تتغير بنية الطبقة التجارية في البلاد، أسماء تظهر وأخرى تنقرض، فمن منّا بات يسمع بعائلة الشلاح أو السيوفي وغيرها، فهناك أسماء لتجار لم تكن معروفة منذ ثلاثين عاماً، واليوم هي من العلامات التجارية. لكن الأمر خلال الأزمة يختلف، فالأسماء الجديدة، والتي دخلت غرف التجارة والصناعة، ساعدتها الأزمة بأن تطفو على السطح وجاؤوا بأموال غير معروفة المصدر، إنما أغلبها من التهريب والرشا والمتاجرة في السوق السوداء، كونهم ليسوا بحاجة إلى الحصول على إجازة استيراد للاستيراد أو التعامل مع البنوك، باختصار هم تجار الأزمات.

قد يكون الحديث عن هذا الموضوع بحاجة لشيخ الكار، الذي فنّد  كيف ظهرت تلك الطبقة والأسماء الحركية للبعض.

يقول رئيس اتحاد غرف التجارة غسان القلاع: خلال الأزمة وجدت طبقة جديدة نتيجة الوضع الراهن، تولت القيام بأعمال تجارية غير مشروعة نتيجة عدم إتاحة الفرصة للتجار النظاميين، فصارت البضائع تأتي بحراً وتفرغ في ميناء مرسين التركي وتدخل إلى محافظة إدلب والرقة، وتتسلل بشتى الوسائل إلى مناطق حماة حيث تدخل معظم المدن السورية، وهؤلاء يقبضون قيمة بضائعهم التي السوق والمواطن بحاجة لها بالليرات السورية، فأصبح عندهم كتل نقدية كبيرة يستبدلونها بالسوق السوداء بالقطع الأجنبي، ما شكل ضغطاً على القطع الأجنبي، وارتفعت قيمته عدة مرات، وأصبحوا من "الميسورين الجدد".

ويضيف القلاع إنه متأكد من أن معظمهم ليسوا تجاراً، والتجار لا يعرفون أسماءهم، ولا يحصلون على سجل تجاري، وليس لهم مقر إقامة دائم، وبالتالي هم غير مسجلين في غرف التجارة في جميع المحافظات، بالنظر إلى أنه ليسوا بحاجة للتسجيل بغرف التجارة والحصول على هوية، لأن لهم عملاءهم بكل أنحاء العالم ويستطيعون عن طريق الهاتف أو النت تأمين طلباتهم وشحن بضائعهم من موانئ غير سورية، وبالتالي ليس مهماً بالنسبة لهم أن يطلبوا الحصول على إجازات استيراد، وبالتالي إبراز السجل التجاري أو تسجيلهم بالغرفة.

والأمر الآخر عدم حاجتهم للتعامل مع مصارف، فمخزنهم "عبهم" يستبدلون النقد السوري بنقد أجنبي من دون المرور بالمسالك النظامية، لذلك كله ليس بالضرورة أن تكون هذه الشريحة مسجلة بغرف التجارة، وإذا وجد البعض من هؤلاء مسجلين بالغرفة، فهذا تم بالمصادفة البحتة، وبوقت سابق فقد ركبوا الموجة وانساقوا تحت أسماء حركية لا تعرف أسماءهم الحقيقية.

في المقابل هناك عدد كبير من التجار وصلوا بفعل ظروف الأزمة إلى حالة الفقر، وبعضهم توقف عن ممارسة المهنة لأنهم لا يستطيعون أن يقارعوا العمل غير النظامي.. وهكذا.

وأضاف القلاع: كل من يحصل على سجل تجاري غير ملزم بالتسجيل بالغرفة، في حين إنه في ستينيات القرن الماضي كان يجب على التاجر أن يسجل بالغرفة أولاً، ليجري لاحقاً الكشف عن محل ممارسة عمله بمعرفة عنوانه الحقيقي ويطلب منه عقد الإيجار وسند الملكية، ومن ثم يأخذ شهادة الغرفة ويذهب إلى السجل التجاري ليسجل فيه بموجب الشهادة الممنوحة له من الغرفة.

أما اليوم -حسب القلاع- فقد انقلبت الآية، إذ إن التاجر يحصل على السجل التجاري من دون أن يكون ملزماً بالتسجيل لدى غرفة التجارة.

ويتابع القلاع قائلاً: بتقديري، وقد أكون مخطئاً، فإن هذه الطبقة الجديدة لن تبقى عند انتهاء الأزمة، بل ستأخذ كتلتها النقدية وتطير خارج البلاد، ربما قلة منهم سيبقون، لكن لن يكون لهم الدور الذي يتم الحديث عنه، فالعقلية والتربية مختلفتان، ولابد من الوعي حين التعامل مع تلك الطبقة.

بدوره عمار البردان عضو "غرفة تجارة دمشق" أكد أنه خلال الأزمات تظهر طبقة جديدة ذات قوة اقتصادية نجمت عن ممارسة أعمال غير مشروعة كالتهريب، أفرادها أسماء غير معروفة، وليس لها سيرة ذاتية، لكنهم وبقوة المال حجزوا لهم حجراً صلباً.

ومعظمهم -كما يقول البردان- كانوا يعملون بمهن أقل ما يمكن القول عنها إنها لا تتناسب ومجتمع الأعمال السوري والتاجر والصناعي الدمشقي "بمعنى لا يفكون الخط" لدرجة أن البعض يعرض على غرفة التجارة تقديم المعونات!

من جهته باسل هدايا عضو غرفة تجارة دمشق، رأى أن هذا الموضوع مخفي عن الغرفة، فمن يمارس التجارة من خلال سجل تجاري يصل عددهم إلى 130 ألفاً، في حين أن المسجلين في غرفة تجارة دمشق نحو 10 آلاف تاجر.

وأضاف هدايا": تلك الطبقة باتت بأعداد كبيرة وخلقتها ظروف الأزمة، حيث استفاد منها الطفيليون عن طريق التهريب والغش، بعيداً عن أعين الجمارك والمالية والتموين على حساب التجار النظاميين.

وأشار إلى أن سياسة الدولة للمرحلة القادمة هي من تحدد تأثير تلك الطبقة التي لا تملك أياً من الشروط البسيطة لقطاع الأعمال والتجارة، فرسم هوية الاقتصاد للمرحلة القادمة يحتاج إلى كفاءات علمية تجارية والعمل على تشجيع عودة رؤوس الأموال الوطنية التي غادرت البلد مجبرة لظروف قاهرة.

صحيفة "الأيام"

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك