الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

هل سيكون العام الجديد عام الوطن والمواطن؟

الاقتصاد اليوم:

كتبنا منذ سنتين بنهاية العام مقالة تنبُّئية سمّيناها عام الاحتواء والاستيعاب، ومغزاها أنه عام احتواء الأزمات المعقدة الناجمة عن الحرب القذرة وما خلفته من آثار اقتصادية واجتماعية ونفسية وثقافية، ولنكتب تنبؤاً بالعام الذي يليه وبداية عام 2018 عام الانطلاقة الفاعلة القوية، ومغزاه وضع أولويات لإعادة الحياة الاقتصادية وتخفيف الآثار الاجتماعية، وهو ما كان بشكل عام.

ونتنبأ أن يكون العام الجديد عام الوطن، بعد أن تعود السيطرة السورية على كل الأراضي، بعد التخلص من مخلفات الإرهاب و الأدوات التي لم تترك وسيلة لتدمير الاقتصاد وبث السموم إلا فعلت، وقُدّرت الخسائر الاقتصادية المباشرة بحوالي 500 مليار دولار عدا مئات آلاف الشهداء ومحاولة تفريغ البلد من الشباب بشتى الوسائل، وبالتالي قتل منتوجات التنمية المتتالية التي أوصلت سورية بداية الألفين إلى عداد بلدان العالم الثاني وفق مؤشرات التنمية البشرية، وهو ما شهدناه من تدمير مشافي تعد من أهم المشافي بالمنطقة وسرقة الأجهزة والأدوات في المشافي وتدمير المدارس والجامعات وتدمير المنشآت النفطية وسرقتها وحرق المحاصيل وقطع الأشجار وتلويث التربة وتدمير الجسور والمناطق الأثرية، إضافة إلى تهجير العقول المتميزة والتخلص من جزء منها بالقتل. ورغم ذلك كان هناك انطلاقة في كل المجالات وفق الأولويات والإمكانات، فوجدنا عودة بالمجال الزراعي والحيواني فقد زاد المعروض ولو ضمن ظروف صعبة وشروط لم يتعود الفلاح عليها وضمن عقلية السوق وتقويض دور الوحدات الإرشادية وجمعيات الفلاحين التي كانت تتكفل بتأمين الأدوات والعدد وما يلزم العملية الإنتاجية وحتى التسويق، وقد تعافى هذا القطاع جزئياً وينتظر أن يتعافى بشكل شبه كامل مع أمطار الخير واستعادة أغلب الأراضي للحكومة، والنوايا الحكومية لتطويره حسب الإمكانات.

وكذلك قطاع الصناعة بعودة الحياة للمناطق الصناعية وتقديم التسهيلات وعودة العافية للكثير من الصناعات والحرف.

ويبقى موضوع القطاع العام وكيفية التعاطي معه وفق تصريحات بنيّة إصلاحه لأنه حاجة ضرورية في ظل الحاجة إلى تعاون وتكامل كل القطاعات الإنتاجية في مرحلة إعادة الإعمار. ولكن التطبيق والتسريبات في واد آخر هي مهتمة بما آلت إليه الظروف ولا حتى بتلاشي فكرة الخصخصة عالمياً، في ظل قطاع عام مسيطر حتى في البلدان التي تعد رأسمالية أو قائدة الفكر الليبرالي. ويبقى السؤال في ظل الحاجة الماسة إلى حوالي مليوني شقة وما يتبعها، وفي ظل محدودية الخيارات، هل يكون إصلاح القطاع العام الإنشائي حاجة أم خياراً؟ وهل تستطيع الأفواه المفتوحة السوداء التصدي له فرادى دون إمكانات الدولة، أم تبقى الأسطوانة نفسها: تعهّد الدولة لأشخاص ينفذون بأدوات القطاع العام وعلى حسابه؟

في ظل الأزمة وفي ظل معرفة بخفايا كثيرة، وفي ظل تضليل بالمعلومات ضروري خلال أزمة انتقلت من الإرهاب العسكري للاقتصادي للسياسي بررت الكثير من السياسات ومنها التضخمية، للتحكم بالعرض والطلب وعدم رفع الأجور رغم الفجوة التضخمية التي قاربت 225 ألف ليرة بين الأجر وما تتطلبه المعيشة لأسرة من 5 أشخاص، في ظل محدودية العرض واتساع الطلب. وهنا لابد من ملاحظة الحاجات المتزايدة وعودة المهجرين وقلة الإعانات، وبالتالي زيادة الطلب في العام الجديد ويفضل المساعدات العينية إن عرض أو خيرنا من أجل استقرار الليرة، وهذه الليرة التي عانت من تأرجحات وتبدلات أغلبها حسب ما اتضح مبرمج، وجزء كان نتيجة الفساد الأحمر بالدماء وعلى عاتق سعر صرفها ستقاد عملية تحسين مستوى المعيشة الذي كان خيارنا بالعمل لتخفيض سعر الصرف مع ضبط الأسعار، وسط التعامل بصدق وبنية جادة للتحكم بها بأدوات حكومية وسط ذهولنا من استمرار العمل بعقلية حرية السوق في بلد شلّته حرب لو وقعت في أكبر البلدان لتفتّت.

وفي هذا الخصوص يستشف زيادة المعروض من العملات الصعبة عبر زيادة أعداد العائدين من الخارج وزيادة التحويلات وزيادة عائدات الترانزيت وعودة الحياة للسياحة الخارجية التي يجب أن يبدأ العمل للترويج لها بعد عودة الأمان شبه التام لأغلب المناطق، وخاصة لما تتميز به بلدنا من مزايا لا تحتويها بلدان اخرى بمنتوج سياحي متنوع ديني ثقافي طبيعي مناخي تراثي وغيرها وبنية سياحية متميزة، وضبط الأسعار كفيل بزيادة المداخيل. وكل ما تقدم سبب للانتعاش ولكنه غير كافٍ في ظل استمرار تفشي الفساد المسرطن والذي لم يترك مفصلاً إلا أصابه وسط ترقيعات مجتزأة بالتعيينات لقطع الطريق عليه، ولكنها لم ولن تكون كافية لأن الإحاطة بالفساد لتقويضه بحاجة إلى منظومة مواجهة لمنظومته تكون عبر عملية إصلاحية شاملة في إطار برنامج واضح لحكومة إصلاحية ذات صلاحيات واسعة، تتبنى برنامجاً وطنياً تعلن برنامجها وتحاسب عليه وتكون لها حق التعيينات على أساس الحاجة والكفاءة وليس على أي أسس لا وطنية.

د.سنان علي ديب:

المصدر: صحيفة النور المحلية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك