الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

أرقام الضبوط التموينية لا تسمن ولا تغني من جوع للمستهلك فهل سيتكرر السيناريو في رمضان

الاقتصاد اليوم ـ صحف:

تصريحات كثيرة أطلقتها الجهات الرقابية على الأسواق تحضيراً واستعداداً لشهر رمضان، فقد وضعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك خطة خاصة للتعامل مع الأسواق والأسعار وحالات الغلاء والاحتكار، التي قد تنجم عن استغلال بعض التجار حالة زيادة الطلب على بعض السلع والمواد وخاصة الغذائية خلال شهر رمضان، بحسب ما ذكره مدير حماية المستهلك في الوزارة باسل طحان.

الخطة تمثلت، بحسب طحان، بتكثيف دوريات حماية المستهلك في الأسواق والفعاليات التجارية، وخاصة خلال الفترات المسائية التي عادة ما تنشط فيها حركة البيع خلال الشهر ذاته، (سيتم زجّ جميع العناصر المكلفين بالعمل الرقابي ضمن جهاز حماية المستهلك)، مبيناً أنه على سبيل المثال سيتم تخصيص مدينة دمشق بنحو 114 مراقباً تموينياً، كما سيتم توزيع دوريات حماية المستهلك وفق نظام المجموعات وتقسيم مدينة دمشق إلى قطاعات تتوزع عليها هذه المجموعات بشكل مستمر، وأنه سيتم التركيز في الأيام الأولى على المواد الغذائية، وخاصة التي يرتفع عادة الطلب عليها في مطلع شهر رمضان، وفي المرحلة الثانية من الشهر سيضاف إلى ذلك التركيز على صناعة الحلويات وأسعارها، وفي المرحلة الثالثة من الشهر سيضاف التركيز على الألبسة وخاصة ألبسة الأطفال، لأن الطلب عليها يرتفع ارتفاعاً كبيراً في الأيام الأخيرة من شهر رمضان التي تسبق عيد الفطر، وستقوم الدوريات بطلب البيانات المالية من الباعة وإبراز الفواتير والتدقيق فيها، والتشديد على إبراز الأسعار والإعلان عنها إضافة إلى سحب العينات بشكل مكثف على مدار الشهر، وإجراء التحاليل اللازمة لها للتأكد من صحتها ومطابقتها للمواصفات، إضافة إلى التشديد على عناصر دوريات حماية المستهلك التقيد التام بالمهام الموكلة إليهم من قبل مديريات التجارة الداخلية، والتزامهم بالمناطق وأماكن مهامهم وفق المهمة الرسمية التي يحملونها، إضافة إلى ضرورة إبراز الهوية الرقابية لكل مراقب والعمل على تنظيم الضبوط بحق المخالفين وفق الإجراءات النافذة.

إذاً، هذه هي الخطة المعلنة من قبل وزارة التجارة الداخلية لشهر رمضان القادم، ولكن سنقارن هذا الحديث مع ما حدث خلال رمضان الماضي، حين نظمت دوريات حماية المستهلك خلال شهر رمضان والعيد 20 ألف ضبط تمويني في دمشق وريفها، وفقاً لما أوضحه عضو اللجنة الاقتصادية في محافظة دمشق معتز السواح، لافتاً إلى أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، اتخذت إجراءات عديدة لضبط السوق وقمع المخالفات فيها والتلاعب بالأسعار، وخاصة أسعار المواد والسلع الأساسية التي يحتاجها المواطن يومياً ولاسيما الغذائية منها، وأنه تم تسيير دوريات نوعية في الأسواق لمراقبة حركة انسياب السلع والالتزام بالتسعيرة، وخاصة المواد التي حددت أسعارها وفق تكاليفها الفعلية وتحديد هوامش الربح لها، منبهاً إلى أن الوزارة عملت على توفير المواد التموينية المدعومة باعتبارها مكتسبات للمواطنين ولابد من توزيعها بشكل كامل وعادل على الجميع، وتوفير الإمكانات لإيصالها إلى جميع المناطق إضافة إلى تأمين مادة الخبز وتحسين صناعتها.

معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شعيب أفاد أيضاً خلال 2014 أنه تم خلال شهر رمضان تسيير 3249 دورية رقابة متخصصة، باستثناء محافظتي الرقة والحسكة وذلك للظروف الأمنية هناك، مؤكداً أن الدوريات رصدت خلال شهر رمضان أكثر من 5541 مخالفة تموينية.

السيناريو يتكرر والخطط توضع والمخالفات تكثر، و20 ألف ضبط تمويني في محافظتين فقط مؤشر كبير على التجاوز الكبير الذي يحدث في أسواقنا، وهنا نسأل ما هو العدد المتوقع من الضبوط التموينية الذي ستسجله أسواقنا خلال رمضان الحالي؟.. وخاصة أن معظم الجهات الرقابية على الأسواق حالياً تتسابق في تنظيم الضبوط وكأن الضبوط هي التي ستكبح جماح الأسعار، فكما ذكرنا سابقاً، المستهلك لن يهمه عدد الضبوط، ولن يهمه تكثيف دوريات حماية المستهلك، فهو ليس له بهذه التفاصيل ولن تهمه هذه الأمور، فكل ما يهمه هو الحصول على سلعة خالية من الغش والتدليس محققة للمواصفات الصحية والقياسية، بسعر معقول يتناسب مع دخله اليومي أو الشهري، هذا ما يهم المستهلك، فهل ستحقق الجهات الرقابية على الأسواق هذا المطلب الملح من المستهلكين من خلال خطتها التي وضعتها؟

الضبوط تنظّم ولكن الأسعار لا تنخفض

الضبوط تنظم ولكن الغش لا يزال موجوداً في أسواقنا.

الضبوط تنظم ولكن هناك الكثير من الأسواق وخاصة في ريف دمشق لا تزال بعيدة عن الرقابة التموينية.

الضبوط تنظم ولكن لا يزال الفساد والرشا، إلى هذه اللحظة شائعاً بين بعض عناصر التموين.

الضبوط تنظّم ولكن المستهلك يواجه صعوبات بالغة جداً في تأمين مستلزماته المعيشية على صعيد السلع الأساسية.. فماذا تنفعه الضبوط إن بقيت أسواقنا على حالها والأسعار ترتفع بشكل يومي... هناك خلل في أسواقنا، والضبوط وحدها لا تستطيع تنظيم هذا الخلل ولا تصويبه. الخلل في التضخم، الخلل في الأخلاق والضمائر، الخلل في بعض المحتكرين والتجار، هذا هو خلل أسواقنا، فهل لهذه الأمور من حل ياوزارة التجارة وحماية المستهلك؟.. هل خطتك السنوية والشهرية وضبوطك كفيلة بأن تؤمن للمستهلك مواده الأساسية بأسعار مقبولة ودون غش؟.. أعتقد أن المستهلك يحتاج إلى إجابة واضحة حول ذلك.

خطط كثيرة وضبوط تتضخم من حيث الأرقام، والمستهلك لم يلمس في حقيقة الأمر انخفاضاً في الأسعار ولا حتى منافسة بين البائعين، ولا ننسى أن لوزارة التجارة الداخلية دوراً كبيراً في تخفيض معدلات التضخم كما ذكرنا في مقالات سابقة، وذلك من خلال ضبط إيقاع الأسواق والأسعار، ورصد انسياب السلع، ومنع الاحتكار، فهل لعبت الوزارة دورها في خفض معدلات التضخم أيضاً؟..

في الختام نؤكد أن المستهلك يناشد أصحاب الضمائر الحية من التجار والصناعيين، ويناشد الجهات الحكومية الرقابية، ويناشد الفعاليات الاقتصادية على اختلاف أشكالها ونشاطاتها، بأن تقوم بدورها الاجتماعي خلال شهر رمضان الذي دائماً يتسم بعدم الرحمة في الأسعار، وأنه يحتاج إلى ضعف الدخل الذي ينفقه المستهلك مقارنة مع بقية الأشهر العادية، بسبب ارتفاع الأسعار. لا ننسى أن رمضان كريم، ونأمل أن يكون تجارنا كرماء ورحماء أيضاً، وأن يخفضوا من هامش أرباحهم، وأن تكون السمة العامة في أسواقنا الرحمة والتكاتف الاجتماعي وليس الغش والغلاء والاستغلال، فالجهات الرقابية مهما تعاظمت من حيث قدرتها فلن تستطيع ضبط أسواقنا مالم تتكاتف كل الجهات والفعاليات معاً، التجارية والمجتمعية والصناعية.

المصدر: صحيفة النور السورية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك