الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

أعمق ملفات الفساد في القطاع الخاص...ماذا عن ضياع حقوق العمال وعدم تسجيليهم بالتأمينات الاجتماعية؟

الاقتصاد اليوم:

هل يمكن القضاء على حالة تهرب مالي يقوم بها أصحاب الأعمال في سورية ويمكن أن تساهم في تأمين ايرادات تصل إلى أكثر من 100 مليار ليرة أي ما يعادل ثلث إيرادات الخزينة من الضرائب والرسوم .

نعم يمكن وبقرار سد مسارب الفساد والتواطؤ بين موظفي التأمينات الاجتماعية من جهة و إلزام أصحاب العمل بتسجيل عمالهم تحت طائلة العقوبات التي تفرضها الدول غير المتحضرة فكيف في الدول المتحضرة .

تقول المؤشرات الرقمية أنّه يوجد في سورية أكثر من 300 ألف سجل صناعي وتجاري هذا عدا عن مكاتب المحامين و عيادات الأطباء والمطاعم والشركات السياحية ..

 . والرقم الفاجعة هو أن 210 آلاف موظف في القطاع الخاص مسجل في التأمينات الاجتماعية في الوقت الذي يجب أن يكون هناك ما يقارب المليون ونصف المليون موظف مسجل في التأمينات الاجتماعية . وهذا كله وفقا لمعلومات موثقة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل

لنقف على أعتاب واحد من أعمق ملفات الفساد في القطاع الخاص الذي يظلم عماله ويجعلهم في مهب الريح ليس هذا فحسب .

فهذا القطاع لديه الجرأة ليطالب الدولة بكل ما يريد ونجح في تسويق نفسه على أنه ضحية حرب وطالب بكل شيء ... كل شيء كي يعود ويعمل بل ورفع أسعاره وفحشَ فيها , ولكن مرّة لم يكن مستعداً لإعطاء هذا العامل أبسط حق له وهو تسجيله في التأمينات الإجتماعية التي يقوم بها القطاع الخاص في أكثر الدول تخلفا وبقوة القانون .

لن تكون المرة الأولى التي ننشر فيها عن هذا الموضوع ولكن دعونا نبدأ بعشرات الآلاف من الموظفين لدى مكاتب المحاماة والأطباء والمطاعم وغيرها التي تستخدم العمالة أولاً برواتب زهيدة وثانيا محرومة من تسجيلها في التأمينات كحق مكتسب لها . هذا ولانعرف إن كانت تدفع ما عليها من رسوم وضرائب بالشكل الصحيح ؟

ما المانع من أن يسجل محامي دخله بالملايين سكرتيرته او أي عامل يستقدمه للعمل في مكتبه بالتأمينات الاجتماعية وما المانع أن يفعل الطبيب ذلك أيضاً أليس من حق الموظفة التي تعمل معه طوال النهار ان تسجل في التأمينات في حين كان من حقه احتقار تسعيرة الدولة و فرض كشفيات على هواه .

في المطاعم التي تقص فواتير خيالية من زبائنها ما المانع من إجبارها على تسجيل موظفيها الذين يداومون من الصباح حتى المساء ومن المساء حتى ساعات الصباح الاولى , هذا ولن ننسى استغلال الفتيات في العمل لساعات طويلة مقابل أجور زهيدة ؟

يحق لصاحب مطعم أن يستثمر الأرصفة و أن يبيع زجاجة الماء ب 1500 ليرة و صحن الخيار المقطع ب 600 ليرة وو.. وأن يقدم الفواتير على هواه وخارج تسعيرة السياحة ومعها التموين ولكن لايحق لهذا العامل الفقيروالموظف المعتر أن يطالب بتسجيله في التأمينات ضمانا لقادم الأيام.

هذا ولم نتحدث عن المصانع والمكاتب التجارية التي تستورد بالمليارات وتتمثل في الغرف وليس لديها موظف واحد مسجل .

ما هذا الفساد والتخلف الذي ابتليت به الدولة وهي المطالبة بفعل كل شيء لكل أولئك الأشخاص الذين يملكون أعمال ونشاطات خاصة ولايريدون ان يضيع عليهم قرش واحد .

قبل أيام كان هناك اجتماع في مبنى الحكومة كان عنوانه تصحيح العمل في التأمينات الاجتماعية " ويبدو أنّ رئيس الحكومة عازم على إحداث تصحيح حقيقي في عمل هذه المؤسسة الضخمة " وأهم تصحيح طبعا هو تحصيل كلي وعادل لحقوق الدولة والعمال الذين يعملون بلا ضمان لهم وفي أي لحظة يمكن أن يصبحوا خارج عملهم " إيد من ورا وإيد من قدام " كما يقولون .

الآن لو افترضنا أن كل عيادة أو مكتب محاماة أو هندسي او مكتب سياحي أو مطعم أو كافيه أي نشاط لديه عامل أو عاملين . راتب العامل الواحد بالحد الأدنى 30 ألف ليرة وبنسبة تأمينات 7 % يدفعها العامل و17 % يدفعها صاحب العمل و 1% ضرائب و طوابع يكون المبلغ المدفوع للتأمينات شهريا 7500 ليرة وهذا سيمكنا من الوصول مليارات الليرات محصول رسوم تأمينات .

لابد من تحريك هذه المياه الراكدة مياه يجب أن لايطفو عليها أولئك الذين يريدون أن يحصلوا على كل المزايا وليس لديهم الحد الادنى من الإنسانية والأخلاق لتسجيل عمالهم في التأمينات الاجتماعية .

وفي كل الاحوال من حق الدولة أن تحصل على حقوقها المالية من أصحاب الفعاليات الاقتصادية أيا كان نشاطهم .

تناولنا اليوم جانبا من النشاطات التي تُشغل عمالة بأجور زهيدة وسط حرمانها من التسجيل بالتأمينات الاجتماعية وفي قادم سطورنا سنتحدث عما هو أخطر وعما يمارس في أماكن ومن قبل أُناس لن تتخيلوا مكانتهم ولن تتخيلوا كيف يغشون الدولة والمجتمع .

على كل الحكومة فتحت ملف التأمينات الاجتماعية ونعتقد أنّ لديها معطيات ومؤشرات رقمية واضحة ويمكن أن تبدأ من خلالها بمكافحة ملف طويل عريض اسمه فساد التأمينات الاجتماعية الذي يمارس علانية من قبل موظفي المؤسسة وبالتواطؤ مع أصحاب الأعمال ووسط تجاهل الجهات الرقابية .

إن كنا نريد أن نذهب ببناء بلدنا ليكون بلدا متحضراً فإن إعطاء العامل حقه هو أول دلالات هذا التحضر لأنّه يحمل معه تحضر القوانين ورقي قطاع الأعمال والأهم الإحترام العميق للقوانين ولحقوق الدولة و العمال .

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك