أولى خطوات الوزير في الاتجاه الصح..وضع الإصبع على جرح إخفاء الفواتير
الاقتصاد اليوم:
ينبئ تصريح وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد الله الغربي حول قيامه بجولات ميدانية على الأسواق أسفرت عن “ملاحظته لوجود مراقبين تموين مرتشين، وأن أغلب الضبوط التموينية تكتب بتاجر المفرق وأكثرها جائرة ومتكررة” عن إدارة جديدة بعقلية غير نمطية يمكن التعويل عليها لإحداث فارق في الأسواق. ليس هذا وحسب بل وضع الغربي إصبعه على الجرح أثناء لقائه الأخير بأعضاء غرفة تجارة دمشق بقوله: “لا يجب نسيان مشكلة المستوردين التي تكمن بعدم إعطاء فواتير صحيحة أي بسعر غير صحيح، ويرفق كشف الحساب للتعويض عن فرق السعر، وعند دخول الدوريات التموينية للمحال التجارية يكون سعر المادة غير متوافق مع الفاتورة، لذلك يخالف التاجر”. ليؤكد بموجب ما سبق أن القرار الذي يجب أن يصدر جراء هذا الاجتماع يجب أن ينصف المستهلك والتاجر معاً ولن يكون هناك أحد فوق القانون, الجميع مواطنون متساوون بالحقوق والواجبات والقانون مفروض على الجميع.
لن نأت بجديد بقولنا: إن ما سبق هو عين الصواب، فالمشهد واضح للقاصي والداني، ولكن أثبتت التجارب السابقة أن الجولات الميدانية لسالفيه لم تثمر أبداً، كون أن الخلل يكمن في حقيقة الأمر بمراقبي التموين، ما يعني بالنتيجة أن الوزير الغربي على محك التعاطي مع ملف شائك طالما شكل تحدياً كبيراً للوزارة ومفاصلها، وبالتالي فإن وزير التجارة الداخلية أمام إشكالية تغيير الكادر التمويني والاستعانة بكادر نزيه إلى حد ما لضمان صوابية الضبوط ومنطقيتها من جهة، وضبط واستقرار الأسعار من جهة ثانية.
لا شك أن وزارة التجارة الداخلية هي محط انتقاد كبير في هذا السياق وينظر إليها أنها المسؤول الأول عن ملف الأسعار وحيثياته، كون أن عملها بالدرجة الأولى يكتسب طابع المواجهة مع شريحة المستهلكين لاسيما في هذه الظروف، لكن منطق الأمور يستوجب علينا الاعتراف بأنها لا تستطيع الاضطلاع بهذه المسؤولية لوحدها، فهي بحاجة لتظافر جهود عدة جهات أخرى في هذا المضمار، ونعتقد بالوقت نفسه أنه لا مانع من أن تأخذ الوزارة دورها الحقيقي في هذا الاتجاه وتقوم بمبادرات كفيلة بعملية الضبط الحقيقي للأسعار ولو نسبياً..!.
فأولى الخطوات الواجب على الوزارة تبنيها في هذا الاتجاه، هو ضرورة الإسراع بإنشاء المركز البحثي المتخصص بقضايا الأسعار والتضخم – الذي سبق وتم طرحه في رئاسة مجلس الوزراء – وذلك لأن تحقيق هدف استقرار الأسعار، يستوجب دراسات، وأبحاث، وبيانات عن مستويات الأسعار وتغيراتها، ففي ظل غياب هذه المعطيات ونقص المعلومة لا يمكن رسم وبناء سياسة سعرية صحيحة، وخاصة أن البيانات الرسمية المنشورة عن معدلات التضخم هي عبارة عن تغيرات الرقم القياسي لسلة المستهلك، وهي غير كافية لوحدها لوضع سياسة تعمل على استقرار الأسعار.
وتتمثل الخطوة الثانية بكسر حلقة سوق الهال من خلال تدخل مؤسسات التدخل الإيجابي، وإحداث أسواق هال بديلة، إضافة إلى دعم المنتج المحلي لزيادة العرض السلعي حتى ولو على مستوى معمل واحد، والتشدد في تداول الفواتير بين حلقات التداول الرئيسية (المستوردين، المنتجين الأساسيين و تجار الجملة) الأمر الذي يمكِّن من معرفة موطن الخلل ومعالجته.
لقد ملّ المستهلك من كثرة الضبوط التي ثبت أنها لا تغني ولا تسمن من جوع، ولم يعد لديه أدنى ثقة بأي إجراء أو تصريح حكومي حول الأسعار بالذات، ما يستدعي بالنتيجة اتخاذ تدابير وإجراءات غير تقليدية تنعكس بالفعل بالإيجاب على الأسعار علّها تُجسِّر – بالنتيجة – الهوة بين المواطن والحكومة..!.
تعليقات الزوار
|
|