اضطراب سعر صرف الليرة.. يربك الإنتاج ويستنزف المستهلك
الاقتصاد اليوم:
يشكل تذبذب سعر الصرف أحد أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد السوري حالياً، مؤثراً بشكل مباشر على الإنتاج المحلي والأسعار ومستوى المعيشة، فكل ارتفاع مفاجئ أو هبوط غير متوقع يقوّض قدرة الشركات على التخطيط المالي، ويزيد الضغوط على المستهلك، بينما يبحث المستثمرون المحليون والأجانب عن بيئة أكثر استقراراً لتوجيه رؤوس أموالهم.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن استقرار سعر الصرف ليس مجرد عامل فني، بل شرط أساسي لاستعادة النشاط الإنتاجي، وتحسين المعيشة، وبناء الثقة الاقتصادية، وهي اللبنات الأساسية لأي تعافٍ مستدام.
حاجز صعب
على مستوى المؤسسات الإنتاجية، يقف اضطراب سعر الصرف، بحسب رجل الأعمال والخبير الاقتصادي ياسر أكريم، “كحاجز صعب أمام أي خطة طويلة الأمد، فالمعامل التي تحتاج إلى مواد أولية مستوردة تجد نفسها عاجزة عن وضع تقدير دقيق للتكاليف، إذ إن سعر اليوم ليس سعر الغد، وتقلبات بسيطة كفيلة بتحويل أرباح متوقعة إلى خسائر.
وهكذا، بدلاً من أن يركز الصناعي على تطوير منتجه أو تحسين خطوط الإنتاج، يصبح جلّ تفكيره منصباً على كيفية النجاة من موجة جديدة في سوق القطع”.
ويضيف أكريم : إن المستهلك بات يدفع الثمن مضاعفاً، إذ يتحول كل ارتفاع في سعر الصرف مباشرة إلى زيادة أسعار السلع، حتى تلك المنتجة محلياً، بحكم ارتباطها الجزئي بالمواد المستوردة أو تكلفة التشغيل، وهكذا يُستنزف الدخل، ويتقلص الطلب، فيتراجع الإنتاج، ويزداد الركود، لتدور الحلقة ذاتها دون انقطاع.
هروب الرساميل
يرى رجل الأعمال والخبير الاقتصادي فايز الشيخ قويدر، أن تذبذب سعر الصرف يسهم أيضاً في تهريب الرساميل بدل جذبها، فالمستثمر – سواء كان محلياً أو خارجياً – يبحث عن بيئة يمكن التنبؤ بها.
ويوضح قويدر أن رأس المال يفضل المغادرة أو التجميد حين يصبح “كل مشروع مغامرة غير محسوبة”، وبرأيه، لا يتوقف التأثير عند هذا الحد، إذ ينعكس عدم استقرار الصرف على الثقة العامة، فالسوق الذي يغيب عنه اليقين يتحول إلى سوق مضاربات، إذ يربح القليل على حساب الكثير، وتذوب القيمة الحقيقية للنقود في جيوب السماسرة، بينما تخسر المؤسسات والأسر قدرتها على التخطيط للمستقبل.
بوابة عالقة
يصف أكريم سعر الصرف حالياً بأنه “بوابة كبيرة عالقة بين الفتح والإغلاق، وكلما استمرت في الاهتزاز، بقيت حركة الاقتصاد محصورة، لا هي قادرة على التوقف لترميم أعطالها، ولا على المضي بثبات نحو التعافي”.
ويواصل مصرف سوريا المركزي تثبيت سعر صرف الدولار في النشرة الرسمية عند 11,055 ليرة وسطياً، مع هامش حركة سعري يبلغ 7 بالمئة، وهي النسبة التي يمكن للمصارف المرخص لها التعامل بالقطع الأجنبي ومؤسسات الصرافة إصدار نشرات أسعار الصرف وفقاً لها.
وفي السوق الموازية، تواصل الليرة تذبذبها بعد أن وصل سعر الدولار إلى 12 ألف ليرة للمرة الأولى منذ أشهر، وذلك عقب فترة استقرار نسبي قرب مستويات 11 ألف ليرة.
الثورة
|
تعليقات الزوار
|
|















