الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

اقتصاد الأتاوات والترفيق بيد أبناء الفساد

الاقتصاد اليوم:

هكذا يبدو المشهد الاقتصادي حالياً في سورية، يحاول المنتجون رفع درجة حرارة الاقتصاد، وتسخين قطاعاته الأساسية، بإعادة تشغيل المتوقف من المعامل، وحرث البور من الأراضي الزراعية، فهبط مخترعو الترفيق بالباراشوت، مقتنصين الجهود الطيبة، مُستغِّلين المُنتجين الحقيقيين.

الجبهة الاقتصادية في سورية مكشوفة، ومتروكة للمضاربات، والاحتكارات، والفساد، وللقوى الجديدة النافذة. وأبسط شكل لهذه القوى، هو التعفيش، والابتزاز، والسرقة، والنهب، والخطف. فيما جاء المولود الجديد، من حمل غير شرعي لكل هذه القوى الباردة، فخُلِّق الترفيق. إنه اقتصاد مستجد، عالم مختلف، أسود، بلاقوانين، وبلا رحمة. اقتصاد هجين، لم يُدرّس في كليات الاقتصاد ،إنه سفاح كل من الفساد المقونن، والرعاية الحكومية في الظل، وتراجع المحاسبة، وغياب الحزم في المساءلة.

حرب معلنة بين أحفاد الفاسدين، أو ما يمكن تسميتهم المُرفقين ( من الترفيق) من جهة، والصناعيين والفلاحين والحرفيين من جهة ثانية. فيما الحكم المفترض انحيازه للجهة الثانية، أي الحكومة، شبه صامت، وملتزم الحياد السلبي، وكأنه ينتظر ما لاتحمد عاقبته، أي عزوف المنتجين عن العمل، والعودة إلى الاستيراد.

هذه الحكومة ليست للفقراء، كما زعمت عند تشكيلها، وهذا الاقتصاد ليس تشاركياً، وليس اقتصاد الحرب. وإذ تدل أفعال الحكومة على نهجها، وشكلها، وتصنيفها، فإن اقتصاد سورية الأن هو اقتصاد الأتاوات، (…) اقتصاد ينتظر مصاصو دماء معروفون، المنتجين الحقيقيين، لإذلالهم عبر إجراءات مثيرة للتساؤل؟

ازدادت كلفة النقل أكثر من المتوقع، بسبب ارتفاع أسعار الوقود، و قبل الجميع بقواعد اللعبة الجديدة، ورضخوا للأمر مكرهين، ففوجئوا بحواجز الترفيق، التي لاتقدم شيئاً سوى وصل غير رسمي، يقر بتقاضي مبلغ تحت مسمى الترفيق. طريق آمن بين دمشق والسويداء، يشهد مواجهات بين حواجز الترفيق، نقل البضائع محلية الصنع من حلب إلى دمشق، هو الأعلى كلفة عالمياً، لأنه لايوجد حواجز ترفيق، إلا في سورية. والأمر تجاوز إكرامية، يقدمها ناقلو البضائع لعناصر الحواجز، المسألة صارت أتاوة. نحن الأن أمام اقتصاد قطاع الطرق، و فرض الأتاوات بحجة الحماية، وليس الترفيق.

يحتاج نقل البضائع للحماية، لكن كيف؟ لماذا نذهب إلى اختراع الدولاب؟ لنعط دوراً لشركات التأمين الراغبة، أو إلزامها بما يجب القيام به، أو لتأسيس شركات حكومية أو خاصة، للترفيق، هدفها دعم ناقلي البضائع والسلع، وليس ابتزازهم.

حلب المظلومة اقتصادياً، ومنذ 2012، شن صناعيوها انتقادات محقة آنذاك، أن سيارات نقل البضائع، عند خروجها من حلب، ولحظة وصولها إلى (ايكاردا) على طريق الشام، يتربص بها اللصوص. وكان الصناعيون يرضخون لدفع الفدية للسائقين، وفك احتباس البضائع. الوضع مستمر منذ ست سنوات، ولم تحرك الحكومة ساكناً. بالمقابل، الجمارك تترصد البضائع داخل المدن، وحواجز الترفيق خارجها، ومن ثم نسمع آراء جوفاء عن توفر كل السلع الأساسية، واحتياجات الناس، متجاهلين المحدد الأساس في هذا الشأن وهو السعر.

هكذا هو واقع المنتجين الطيبين، واقفون بين فكي الكماشة، مطرقة فوق رؤوسهم، وسندان صلب يجلسون عليه. والقضية تنبأ بها ابن حلب أبو الطيب المتنبي ( أقول ابن حلب كونه عاش فيها في بلاط سيف الدولة الحمداني) عندما قال:
وسوى الروم خلف ظهرك روم/ فعلى أي جانبيك تميل

ابتزاز المنتج الحقيقي خيانة عظمى، سكين غدر في ظهر الاقتصاد المكلوم. وفيما يبلع المنتجون السكين، ولم يبق لهم سوى ضميرهم وكرامتهم، بات من الملح وضع حد لهذا الاقتصاد الابتزازي، وإسقاط شعاره المخيف: دعه يدفع دعه يمر.

ثامر قرقوط

المصدر: هاشتاغ سيريا

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك