الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

الأسرة السورية تواجه 70 بالمئة عجزاً في الدخل وتحتاج إلى 100 ألف شهرياً للغذاء فقط!!

الاقتصاد اليوم:

المستهلك رغم التصريحات الحكومية الرنانة عن انخفاض واستقرار والتدخل وتعزيز صمود”، إلا انه لا يزل إلى هذه اللحظة يدخل إلى “السمان” بوجه ويخرج بوجه أخر لا يفسر يعبر عن مدى رضاه عن الإجراءات الحكومية في تأمين لقمة عيش كريمة له ولأسرته، وخاصة بعد الإجراء غير المنطقي الأخير الخاص برفع أسعار المشتقات النفطية والتي جعلت من المستهلك يصاب بالجنون وخاصة أنها انعكست بشكل مباشر على الأسعار حيث ارتفعت الكثير من السلع بحدود 100 ليرة بشكل فوري أمس الجمعة،

الوضع الاقتصادي للمستهلك لا يحسد عليه، والقرارات الحكومية تلاحق المستهلك والشيء الغريب أن الكثير من الدراسات الاقتصادية التي نشرت والتي أقرت بأن أكثر من 80% من السوريين باتوا تحت خط الفقر في سورية، ومع ذلك فالحكومة مصرة ومستمرة برفع أسعار حوامل الطاقة ضاربة بعرض الحائط المستهلك ومصالحه وحياته ومعيشته، ولم يعد همها إلا تحسين الإيرادات على حساب زيادة الفقراء وربما الحكومة المؤقتة تسعى إلى رفع نسبة الفقر إلى 100% في سورية… ألم تشاهد الحكومة الموقرة مشاهد الطوابير والازدحامات التي حدثت مؤخرا أمام مؤسسات التدخل الإيجابي والتي قامت بتوزيع سلل غذائية رمضانية بأسعار قريبة للتكلفة، وطبعا الازدحام الكبير الذي حدث أمام صالات هذه المؤسسات يعتبر مؤشرا ودليلا واضحا على المعاناة الاقتصادية التي تواجهها الأسرة، وليس على “شطارة” هذه المؤسسات التي كانت تفتقر للزائرين قبل شهر رمضان الكريم، وبالطبع الكلمات السابقة تؤيدها ما وصل إليه التقرير الأخير للمركز السوري لبحوث السياسات الذي حمل عنوان «سوريا مواجهة التشظي!» (شباط 2016)، حيث أشار إلى أن معدل الفقر الإجمالي يبلغ 85.2 في المئة مع نهاية 2015 مقابل 83.5 في المئة في العام 2014 و73.3 في المئة في العام 2013، أي أن الملاحظ هنا أن معدلات الفقر ترتفع عاما بعد عام رغم “الحديث الحكومي عن تعزيز صمود الشعب وتوفير السلع وزيادة فرص العمل ووو”، وهذا ما يؤكد بأن الوضع الاقتصادي للمستهلك بات شديد الصعوبة حتى شد الحزام لم يعد حلا، فهو يحتاج لتدخل حكومي إسعافي، وفقا ما أكده الباحث الاقتصادي الدكتور نضال طالب بأن الأسرة السورية لا تستطيع نتيجة تآكل قيمة دخلها وارتفاع تكاليف معيشتها أن تحافظ على متوسط الاستهلاك الضروري، لذلك تلجأ إلى المناورة والتكيّف مع دخلها الشهري. وهذا يعني أنها تعاني من أزمة معيشية واضحة تتطلب من أصحاب القرار التعامل معها بجدية أكبر.

ولفت إلى أن الأسرة السورية، وتحديداً فيما يتعلق بالإنفاق على المواد الغذائية، شدت أحزمة التقشف إلى أقصى الدرجات. وهي دائماً في حال إعادة ترتيب لأولوياتها واحتياجاتها الضرورية.

وأشار طالب إلى أنه مع قدوم شهر رمضان الكريم تزداد المأساة الاقتصادية بما يرافقه من طقوس في الإنفاق على الغذاء في فترتي الفطور و السحور، ولا سيما مع ارتفاع أسعار معظم السلع المعيشية التي لا يمكن العيش دونها، و مع انخفاض في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، وهو ما فاقم الأزمة و ضخم من حالة العجز بين دخل الأسرة السورية و إنفاقها إلى نسبة تفوق 70%، أي أن عمل رب الأسرة يحقق مدخولاً يكفي 30% فقط من احتياجات هذه العائلة.

واقع الأسعار في الأسواق

على وقع وصول قيمة الدولار إلى ما يقارب 500 ليرة سورية في السوق السوداء، ارتفعت معظم أسعار السلع الاستهلاكية، و احتلت المواد الغذائية الصدارة في سيناريو الغلاء، ووصل ثمن 1 كغ من الرز المصري 600  ليرة، فيما بلغ ثمن صحن البيض 1200 ليرة. و كيلو اللبن 225 ليرة . أما كيلو السكر حوالي 350 و كيلو الشاي 2400 ليرة، والكيلو الواحد من الفاصولياء 350ليرة وعبوة الزيت النباتي 1 ليتر 700 ليرة، وعبوة السمنة واحد كيلو غرام 1200ليرة، بينما بلغ ثمن كيلو البندورة 125 ليرة والبطاطا 130 ليرة والخيار 250 ليرة، من جهة أخرى دخلت اللحوم الحمراء والدجاج ضمن قائمة الرفاهية للسوريين، إذ وصل وسطي سعر كيلو الدجاج النيئ حوالي 1500 ليرة وكيلو لحم العجل 3300 ليرة و كيلة لحم الغنم 5500 ليرة.

100 ألف ليرة للغذاء فقط

وأكد إلى أنه إذا ما اعتمدنا وجبتي الإفطار و السحور للأسرة السورية و حاجة أفراد الأسرة يومياً من السعرات الحرارية بحسب التصنيف العالمي و التي تعتمد على عوامل منها السنّ وحجم الجسم والطول والجنس ونمط الحياة والحالة الصحية ككلّ، و المقدرة وسطياً بـحوالي ( 2400 ) حريرة يومياً تتوفر بحسب التالي:

    الخبز /500/ غرام
    البيض /50/ غرام
    الجبن أو الألبان /25/ غرام
    اللحوم /75/ غرام
    الخضار /250/ غرام
    زيوت و أرز / 70/ غرام
    الفواكه / 200/ غرام
    السكريات / 112/ غرام

نحتاج مبلغ يزيد عن (650 ) ليرة سورية يومياً لكي نحقق تغذية سليمة للفرد بالحدود المقبولة وفقاً للتصنيف العالمي و دون مغالاة في الإنفاق، و بذلك تكون الحاجة شهرياً للفرد الواحد ( 19500 ) ليرة سورية، و لأسرة مكونة من خمسة أشخاص تحتاج حوالي  ( 97500 ) ليرة سورية شهرياً فقط فيما يخص الغذاء السليم لهذه الأسرة، و إذا ما أضفنا قيمة مشروبات ثمن شاي و بن و سكر( 6000 ) ليرة سورية تصبح قيمة الإنفاق شهرياً على الأغذية و المشروبات اللازمة لأسرة مكونة من خمسة أشخاص تزيد عن( 100000 ) ليرة سورية، و لم يؤخذ بعين الاعتبار اضطرار بعض العائلات لشراء مياه الشرب أو حاجتها لمياه التنظيف في بعض الأماكن.

70 ألف ليرة عجز

وأضاف طالب: “من جهة أخرى قدر المكتب المركزي للإحصاء عام 2010 متوسط إنفاق الأسرة السـورية شهرياً في حينه بحوالي 30.900 ألف ليرة سورية، منها نسبة (38%)  قيمة الإنفاق شهرياً على المواد الغذائية اللازمة لأسرة مكونة من خمسة أشخاص و تعادل حوالي (11700) ليرة سورية، ويعد هذا الرقم في سورية من أخفض الدول مقارنة مع دول العالم عام 2010، و بالمقارنة مع أسعار اليوم و ما تعيشه البلاد من معدلات تضخم و انخفاض في قيمة العملة المحلية نلاحظ بأننا وضمن نفس نسبة إنفاق الاسرة على الغذاء التي تبناها المكتب المركزي للإحصاء في بياناته لعام 2010 نجد بأن الأسرة السورية المكونة من خمسة أشخاص تحتاج ما يزيد عن /100/  ألف ليرة سورية للإنفاق على الغذاء فقط دون الحديث عن حاجاتها الأخرى في مجال السكن و المواصلات و الكساء و غيره.

و بذلك تكون نسبة العجز في ميزانية العائلة السورية المكونة من خمسة أشخاص للإنفاق على الغذاء فقط ما يقارب/70/ ألف ليرة في حال كان يعيلها فرد واحد فقط و بوسطي دخل شهري يبلغ حوالي /30/ ألف ليرة سورية، و لتغطية نفقات الغذاء فقط تحتاج الأسرة إلى ثلاثة من أفرادها لكي يعيلونها لتتجاوز العجز الحاصل في الإنفاق على الغذاء فقط دون النظر إلى كيفية تأمين باقي متطلبات الحياة من مسكن و ملبس و مواصلات و خدمات.

في ضوء هذه الظروف و بالرغم من سلبية الوضع الذي تعيشه الأسرة السورية إلا أنه يسجل لصالحها قدرتها مكرهة على التأقلم والتكيف مع الظروف الحالية، ليصبح شهر رمضان مدرسة اقتصادية تعلم الفرد أسس الاستهلاك المنظم، و تسعى بكامل طاقاتها لإعادة ترتيب أولوياتها في الإنفاق بحسب دخلها المحدود مما خلق تغير في العادات الاستهلاكية للمواطن السوري فهناك شريحة كبيرة باتت في ظل دخلها المحدود و انخفاض عدد المعيلين لديها و بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار باتت أمام اختصار العديد من أساسيات التغذية لديها و اكتفت بالحدود الدنيا منها.

نحتاج لحكومة مواطن

بعد عرض السابق يتضح لنا أن الأسرة السورية وخاصة “ذوي الدخل المحدود والمهجرين والعاطلين عن العمل والقائمة تطول…” تواجه تحديات مادية صعبة في كل يوم وفي كل شهر، وهذا التحدي ناتج عن الفجوة الكبيرة جداً بين الدخل وبين الأسعار، حيث أن ضعف القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار جعل من الأسر السورية تحتار في تدبير أمورها، وهنا يأمل المواطن السوري من الحكومة القادمة أن تكون حكومة مواطن قادرة على فهم احتياجات المواطن الاقتصادية أولا والاجتماعية ثانيا، وأن تعمل على استيعاب هذه الاحتياجات مهما كانت دقيقة، وان لا تكون مجرد حكومة كراسي واجتماعات وتصريحات نارية، بل حكومة مواطن بكل معنى الكلمة تدافع عن المواطن، وتدافع عن لقمته وتمنع التلاعب والفساد بقوته.

المصدر: سينسيريا

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك