الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

الأسعار أصبحت أحجية..فهل تنفع 3 خطوات لكبح جماحها..؟

الاقتصاد اليوم:

الأسعار أصبحت أحجية، فحالياً اجتمعت مسببات ارتفاع الأسعار معا على المستهلك، دولار وتجار ونقل ومحروقات لتضاف إلى هذه القائمة حجز البضائع في المرافئ مما سبب نقصا في المواد الأولية اللازمة للصناعة وأيضا شحا في بعض المواد الأخرى.. وكل ذلك على (جيبة) ذوي الدخل المحدود.. فرغم كل التصريحات الحكومية التي تؤكد بأن الحكومة ستبقى داعمة للمواطن وأنها ستعزز من إلا أن المستهلك لا يزال يخشى أن تبقى هذه الوعود وعودا وشعارات تطلق فقط في المؤتمرات أو في الاجتماعات الحكومية، دون أن يلمس أثر هذه الوعود على أرض الواقع.

حاليا بات المستهلك لا يفهم طبيعة الأسعار ولا آلية عمل السوق، ولكنه يؤكد حقيقة واحدة هي أن دخله لم يعد يكفي إلا بضع أيام فقط.

التضخم..

باحث اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه، في حديثه عن هذا الشأن أنه لكي تنخفض الأسعار في الأسواق ولكي تستطيع الحكومة منع السيناريو من التكرار جراء تحرك سعر الصرف، فلا بد من زيادة الدور التدخلي و الرقابي للحكومة بالأسواق، لأن تحرك سعر الدولار صعوداً يعني بالمقابل انخفاض في القيمة الشرائية لليرة السورية، وبالتالي ارتفاع في معدل التضخم وذلك يعود لثلاثة أسباب رئيسية: الأول هو ارتفاع غير حقيقي ناتج عن مضاربات تجار العملة وجشعهم وهنا بالرغم من قيام الحكومة بمجموعة إجراءات لملاحقة هؤلاء المضاربين واغلاق مكاتبهم، إلا أن ظروف الأزمة تجعل أعدادهم ونشاطاتهم في ازدياد، مما يتطلب جهود مضاعفة إضافية للمحاسبة والعقاب وتعديل التشريعات المعمول بها لتكون أكثر صرامة.

وأضاف “كلنا يذكر حين استصدار تشريع جديد صارم بحق المتورطين بعمليات الخطف كان الملاحظ انخفاض حالات الخطف بشكل واضح”.

أما السبب الثاني للتضخم، هو سبب حقيقي ناتج عن انخفاض الكميات المعروضة من السلع والخدمات مع بقاء الطلب كما هو أو ازدياده، مما يخلق فجوة ويزيد الطلب وبالتالي ترتفع أسعار المواد، الأمر الذي يتطلب زيادة الدور التدخلي للحكومة في الأسواق وعدم الاكتفاء بالمراقبة بل استخدام أذرعها الموجودة من مؤسسات تجارة داخلية و خارجية “الاستهلاكية – الخزن والتسويق – التجارة الخارجية و غيرها” والعمل على سد فجوة الطلب المتزايد من خلال طرح سلع وخدمات في الاسواق بهدف تحقيق التوازن والحد من المنافسة وبأسعار اقتصادية مدروسة.

ويشمل السبب الثالث، ارتفاع تكاليف الإنتاج الناجم عن ارتفاع تكاليف المواد الأولية المحلية والمستوردة نتيجة العقوبات الدولية المفروضة على الاقتصاد السوري، ونتيجة طبيعية للأزمة التي تمر بها البلاد وارتفاع أسعار النقل والطاقة والوقود، وهنا يمكن أن يكون دور الحكومة محدود لارتباط الحل بظروف الأزمة.

وعن كون الاسعار تتحرك صعودا لدى تحرك سعر الصرف دون ان تنخفض لدى انخفاضه قال الباحث: “يحدث ذلك نتيجة غياب دور الحكومة الرقابي شبه الكامل على الأسعار والأسواق وترك القرار بيد كبار التجار الذين يبلغ عددهم وفق تصريحات حكومية نحو 15 تاجرا يتحكمون بتوفر المواد في الأسواق!!، وكذلك غياب آلية التسعير ومتابعة هذه الآلية الواضحة من الوزارة المعنية وهي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك”.

لا سياسة واضحة

ولفت إلى عدم وضوح بل غياب للسياسة المعمول بها في مجال التجارة الداخلية والأسواق، فهل هي تحرير أسعار مستندة لظروف العرض والطلب، أم هي سياسة تسعير يومية يتم متابعتها بجدية للسلع  والخدمات؟.. لذا نجد في الأسواق تفاوت واضح في أسعار مبيع المحال التجارية حتى المتجاورة منها، والأمر يعود لوجود تجار حقيقيين يعتمدون هامش ربح معين في تجارتهم يظهر جلياً في عروض أسعارهم حين انخفاض سعر الدولار، وبالمقابل تجار يعتاشون ويمتهنون الاحتكار والربح السريع.

وأكد على أن التركيز على الجولات الميدانية في الاسواق وتنظيم الضبوط ومراقبة مراقبي التموين ليست بخطوات كفيلة في ضبط الاسواق ومنع الغش والتدليس والاحتكار، وإلا لكنا في حال أحسن حالياً نتيجة للسياسات والآليات التي أنجزت سابقاً، إلا أنه لا بد من الإشارة إلى دور معقول قامت وتقوم به مؤسسة الخزن والتسويق، أسهم من خلاله بتخفيف حدة لهيب الأسعار فقط ليس إلا، بينما تفاوت الأسعار وازدياد الطلب على حساب العرض لا زال قائماً، والمطلوب هو طرح كميات اضافية من السلع والخدمات عن طريق مؤسسات الدولة التدخلية ولأهداف اجتماعية وليست اقتصادية تسهم في زيادة الكميات المعروضة وبالتالي خفض معدلات التضخم.

وعن دور هيئة المنافسة ومنع الاحتكار في أسواقنا المحلية، أشار الباحث الاقتصادي إلى أن معظم الهيئات التي أحدثت مؤخراً دورها لم يكن بالمستوى المقبول عملياً على أرض الواقع، واكتفت أغلبها بالقيام بالدراسات النظرية فهي على علم تام بأن هناك قلة من التجار يتحكمون بالأسعار وأن هناك قلة من المستوردين يحصلون على امتيازات وتسهيلات وهذا الأمر يخالف قواعد المنافسة ويعزز الاحتكار، كما أن هيئة المنافسة يجب أن يكون لها دور أكثر فاعلية على أرض الواقع وليس فقط إصدار دراسات أو مراقبة الأسواق والمعروض فيها بل يجب أن تكون هيئة تفتيشية ورقابية عناصرها يجولون للحصول على الحقائق عن الاحتكار والمتاجر بأسماء مستعارة وغيرها من القضايا التي لم نجد الهيئة قامت بها إلى الآن، “ولكن السبب ربما يعود إلى التشريع الناظم لهذه الهيئات وخلوه من التكليف الواضح بالقيام بدور عملي وفاعل على أرض الواقع وكذلك عدم تزويد هذه الهيئات بالكوادر الكافية”.

غياب رؤية استراتيجية للاقتصاد..

ولفت إلى أن هناك غياب للرؤية والإستراتيجية لهوية ومستقبل الاقتصاد السوري ككل، حيث يلاحظ عدم وضوح لهوية الاقتصاد السوري وطابعه المستقبلي التي تنبثق عنه جميع السياسات المالية والاقتصادية المعتمدة في جميع القطاعات، الأمر الذي يدعو الجهات الحكومية المختصة وذات العلاقة بالأسواق بتسوية كل حالة تصادفها على حدا وبمعالجات تخديرية أو (ترقيعية) إن صح التعبير، ولا تقوم بعلاج جذري للمشاكل التي تواجهها وهي معذورة هنا، لأنها لا تمتلك ولا تستند إلى قاعدة واضحة وثابتة في ماهية ومحددات وتوجهات الاقتصاد الوطني.

أخيرا ما نود الإشارة إليه إلى أن الحديث عن الأسواق المحلية له شجون يطول.. فأسواقنا أصبحت من الصعب فهمها وخاصة مع تداخل عدة أسباب مع بعضها البعض والتي جعلت من أسواقنا غير مفهومة في أدائها.. فهل هي حقا تخضع للعرض والطلب أم أنها تخضع للاحتكار والمزاجية، ام أن الدولار والمازوت والفيول، أم انها تتعلق بالاستيراد والتصدير.. أم بالطرقات والنقل؟..

ما نؤكد عليه أخيرا أن معدل الأسعار أصبح في أوجه، وبقيت الدخول في أدنى معدلاتها.. ففي كل يوم هناك ارتفاع جديد لاسعار السلع دون ضابط أو قاعدة اقتصادية واقعية.. فلكل بائع حججه وتختلف الحجج ولكن الضحية واحدة ألا وهي “جيب” المستهلك.

المصدر: موقع "سينسيريا"

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك