الإيرادات الجمركية أي حقيقة؟.. 170 مليار ليرة حصيلة الجمارك و3.5 مليارات دولار مستورداتنا
الاقتصاد اليوم:
بنظرة سريعة وبجردة حساب بسيطة لحجم المبالغ المتدفقة إلى الخزينة العامة للدولة، يتبين أن كفة المستوردات ما زالت ترجح على كفة الإيرادات المالية.
لا لأن المتهم الوحيد في كل ما هب ودب في سورية هو الدولار، وإنما هناك أسباب أخرى ما زال البعض يأتي على ذكرها خجلاً أو مرور الكرام سواء أكان مخرز التهريب الذي يفقأ عين وارداتنا أو الفساد الذي كان وما زال يسرح ويمرح بين التأكيدات والشعارات والتصريحات الرنانة.
الكلام ينقلنا إلى مسألة غاية في الأهمية، وهي مثار جدل حول حجم الإيرادات التي تحققها الجمارك ومدى تناسبها مع المستوردات.
فهل تعبر قيمة الإيرادات الجمركية عن الواقع الفعلي للإيرادات المفترض تحصيلها قياساً بالمستوردات المتحققة، ولاسيما خلال السنوات القليلة الماضية من عمر الأزمة؟.
هذا الوقت الذي يؤكد به كثير من المحللين الاقتصاديين أن تلك الأرقام قليلة جداً نتيجة التهريب الواسع الذي يجري عبر طرق غير نظامية وعبر الفساد، إضافة لكون سعر الصرف قد تضاعف بشكل كبير، والنتيجة واحدة ذهاب مبالغ كبيرة على خزينة الدولة.
بالعودة إلى الأرقام الصادرة عن المديرية العامة للجمارك، فقد وصلت قيمة الإيرادات الجمركية المتحققة خلال العام الماضي إلى نحو 174 مليار ليرة سورية، بما فيها غرامات القضايا لمديرية الضابطة الجمركية ومديرية مكافحة التهريب ومخالفات البيانات الجمركية، وتفيد الأرقام أيضاً أن حجم الإيرادات من بداية العام الحالي ولغاية 31 آيار الماضي قد بلغت 101 مليار ليرة سورية.
في سياق متصل تؤكد وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وحسب بيانات أن قيمة المستوردات خلال العام الماضي بلغت 3,5 مليارات دولار، منها 75 % مواد أولية ومواد لمستلزمات الزراعة والصناعة، والباقي مواد أخرى، ووصلت قيمة المستوردات خلال الربع الأول من العام الحالي إلى مليار دولار.
أمام هذه الأرقام يقول أحد الاقتصاديين الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: أرقام الإيرادات الجمركية قليلة قياساً لحجم المستوردات، وبالتالي تلك الإيرادات غير حقيقية ويجب أن تكون أضعاف هذا الرقم، لكن وجود التهريب بأشكال مختلفة ضيع على خزينة الدولة مبالغ كبيرة إضافة إلى التلاعب بالرسوم والبيانات الجمركية. مشيراً إلى أن الرقم يجب أن يكون ثلاثة أضعاف هذا الرقم رغم أهميته ضمن الظروف الحالية، لكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن سعر الصرف قبل الأزمة كان 50 ليرة سورية، في حين اليوم تضاعف هذا الرقم فإذا ربطنا سعر الصرف مع قيم البضائع المستوردة من خلال رسومها الجمركية والنسب التي تأخذها تلك الرسوم سيكون الرقم متواضعاً جداً.
ويضيف: الإيرادات التي خسرتها الخزينة جراء التهريب والتلاعب بالقيم والبيانات هي أضعاف حجم الإيرادات التي تصدر عن الإدارة العامة للجمارك.
وأضاف: الحل الوحيد من خلال مكافحة التهريب الجمركي الذي يعد الوجه الآخر للتهرب الضريبي والذي يستنزف القطع الأجنبي لكون المواد مهربة، وهذا أضاع مئات المليارات التي كانت ستسهم بصورة إيجابية بدعم الاقتصاد الوطني.
يتساءل الدكتور أكرم حوراني نائب عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق: هل قيمة مستورداتنا حقيقية حتى نستطيع على أساسها أن نقول إن قيمة الإيرادات الجمركية تتناسب معها؟ ويتابع حوراني في حديثه : مشكلة التهريب والتلاعب بالفواتير وعدم دقة الأسعار الاسترشادية التي يجب أن تكون محدثة دائماً عند التصريح عن البضاعة لتعطي فاتورة دقيقة للقيم الحقيقية، فعلى سبيل المثال لبنان الدولة الصغيرة تستورد أقل بكثير لكن قيمة إيراداتها الجمركية أكبر بكثير مما لدينا.
ويشير حوراني إلى أنه من الصعب المقارنة أو التقدير لكون أغلب المواد المستوردة رسومها الجمركية مابين 1 إلى 5 % وبأحسن الأحوال 10 %، في حين المواد الكمالية التي تدخل ضمن 20 % و30 % كرسم جمركي تدخل بطرق غير نظامية.
مدير عام الجمارك فواز أسعد قال : الإيرادات الجمركية زادت خلال العام الماضي 72 مليار ليرة قياساً للعام 2015 مع زيادة المستوردات 35 % وأغلب المواد المستوردة مواد أولية رسمها مابين 1 إلى 5 %.
وأوضح أسعد أنه من الخطأ مقارنة الكميات المدخلة أي المستوردة مع حجم الإيرادات الجمركية، فهي لا تعتبر مؤشراً لكون الرسوم أغلبها على مواد أولية رسمها لا يتعدى الـ 5 % وكميات المواد الأخرى ذات الرسم 20 و30 % قليلة جداً ولاننسى أن هناك مواد تستورد ضمن اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وهي كميات كبيرة ورسومها صفر وأيضاً مع إيران ضمن الاتفاقية الموقعة لا تتعدى الـ5 %.
ورداً على موضوع التهريب بالسماح بفتح الاستيراد والابتعاد عن الترشيد الذي سمح لحيتان السوق بإدخال بضائع رسومها الجمركية مرتفعة، وبالتالي خسرت الخزينة مبالغ مالية كبيرة، فالعبرة ليست برفع الرسوم الجمركية وتقييد الاستيراد.
مشيراً من جهة أخرى إلى أن الإدارة العامة للجمارك عبر مديرياتها ومنها مديرية مكافحة التهريب تعمل على ملاحقة تزوير الفواتير والثبوتيات للبيانات الجمركية المدخلة وقد حققت قضايا مهمة خلال النصف الأول من العام الحالي وصلت قيمة الغرامات المحصلة إلى 700 مليون ليرة سورية.
وأضاف: هناك توجه لدى الإدارة لضبط موضوع البضائع الثمينة أي ما خف وزنها وارتفع ثمنها ولو كانت بصحبة مسافر من خلال إجراءات تتعلق بمراقبة حركة المسافرين لكون البعض يعمل من خلال ذلك إلى التهريب من دون دفع الرسوم الجمركية المفروضة عليهم عن طريق السفر المتكرر.
وأفاد أسعد بأن الإدارة الجمركية تعمل وفق نهج ثبت مصداقيته من خلال ترجمة عملية تمثلت بزيادة الإيرادات، ومعالجة الخلل الإداري في كافة مفاصل الإدارة العامة والمديريات الفرعية والأمانات الجمركية.
صحيفة الأيام السورية
تعليقات الزوار
|
|