الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

البطاطا برسم وزير الإعلام.. من نصدق التلفزيون الرسمي أم جريدة تشرين الرسمية؟!

الاقتصاد اليوم:

بثت شاشة الفضائية السورية في أخبارها المسائية أمس تقريراً موجزاً عن عمليات استلام مؤسسة السورية للتجارة محصول البطاطا من مزارعي طرطوس، وبينما أظهر “التقرير” ثناء ورضا الفلاحين على السعر الذي وضعته المؤسسة لاستجرار المحصول لتجنيبهم الخسارة واستغلال التجار لهم، فاجأتنا جريدة تشرين الرسمية صباح اليوم بشبه تحقيق صبت من خلاله جام غضبها على “السورية للتجارة” التي “حنثت” بوعودها التي قطعتها على نفسها تجاه الفلاحين على ما يبين “التحقيق” الذي ذهب أبعد من ذلك باتهام المؤسسة ومن خلفها وزارة التجارة الداخلية بالامتناع عن تسلم المحصول لتحقيق أرباح على حساب الفلاح، الأمر الذي سيكون كفيلاً على حد تعبير الصحيفة بامتناع المزارع من زراعة البطاطا في الموسم القادم، ما يتيح للوزارة حسب اعتقاد الصحيفة استيراد البطاطة المصرية التي تحقق ربحاً أكبر “للطرفين” !!.

طبعاً في هذه الحالة نكون أمام احتمالين، إما أن معد التقرير المتلفز “غير صادق” حيث أظهر أن التجار يشترون كيلو البطاطا من الفلاح بحدود 50 ل.س الذي يدفع عمولات ومصاريف أخرى بحدود 10 ل.س على الكيلو الواحد، بينما تتسلمه السورية للتجارة بـ 65 ل.س وهو سعر عبر عنه بعض المزارعين ممن ظهروا في التقرير بالرضا الكامل والامتنان لدور المؤسسة، أو أن صحيفة تشرين بالغت في تحقيقها لجهة تحميل “المؤسسة” كارثة فشل الجهات الحكومية المعنية في تسويق محصول البطاطا، حيث بينت أن المؤسسة كانت وعدت بشراء الكيلو بـ 100 ل.س ثم تراجعت إلى 65 ل.س وهو أقل من سعر المبيع للتجار بحدود 70 ليرة وكلا السعرين أقل من سعر الكلفة الذي يصل إلى 130 ل.س، ثم عادت الصحيفة وذكرت أن التجار يشترون من الفلاح بسعر 40 ل.س و60 ل.س لتناقض نفسها على بعد عدة أسطر !!.

بعيداً عن تقييم “التقرير” أو” التحقيق” ثمة حقائق لا بد من ذكرها، كان عرج على بعضها “تحقيق تشرين” بخجل مريب، عندما ذكر اخفاق وزارة الزراعة في قراءة “روزنامتها” الزراعية فوزعت عبر مؤسسة إكثار البذار “بذار البطاطا” في توقيت واحد بدون مراعاة توقيت زراعتها في كل محافظة، وعندما تساءلت عن دور وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ودور اتحاد المصدرين.

وإذا ما أردنا “بلا خجل” أن نسأل عن دور باقي الجهات كي لا تبدو “السورية للتجارة” كبش فداء نقدمه قرباناً على وسائل الإعلام كلما ضاقت بنا السبل، (ولنا في محصول الحمضيات خير مثال)، نتذكر أن الحكومة وعدت بتقديم دعم مليار ليرة للمؤسسة لتنقذ المحصول خلال الموسم الفائت، حري بها اليوم أن تقدم ملياراتها لتسويق البطاطا، قبل ذلك على الحكومة أن تفكر جدياً بدور وزارة الاقتصاد الغائب عن كل هذا الصخب “الانتاجي” والمتلطية وراء مخططات نظرية مرسومة على الورق على هيئة “خطة وطنية للتصدير” ممهورة بمصادقة مجلس الوزراء، بينما هذه الوزارة تمتلك افتراضياً مفاتيح الحل لمنتجاتنا الفائضة، المتمثلة بـ “هيئة دعم الانتاج المحلي والصادرات _ ومؤسسة التجارة الخارجية التي انكفأت مؤخراً لبيع الدوالب والخردة والسيارات في مزادات لأعلى سعر، بالمناسبة حتى اتحاد المصدرين هي من تشرف عليه !، بينما تقوم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بلعب دور ليس دورها، فمنذ أيام عقدت اجتماعاً  مع فعاليات اقتصادية إيرانية لمناقشة تسويق المنتجات الزراعية السورية وتصديرها إلى الأسواق الخارجية وهو الاجتماع الثاني مع هذه الفعاليات، وتم الاتفاق وفقاً للخبر على المباشرة بتصدير مادة البطاطا من سورية!!، أليس هذا دور وزارة الاقتصاد؟!.

نعم دور السورية للتجارة هو خلق حالة من التوازن، التدخل في سوق السلع لتخفيض سعر سلعة ما، وأيضاً التدخل لصالح منتج ما ضمن ما لديها من إمكانيات لتجنيب المنج الخسارة، أما الفائض من المنتجات فهو من حصة الجهات المعنية بالتصدير، مع التذكير أن “السورية للتجارة” مؤسسة ذات طابع اقتصادي عليها أن تربح، وعملها وتدخلها بقرار حكومي فإذا فشلت في أداء دورهها فسيكون بقرار حكومي وإذا نجحت فيكون بقرار حكومي، من المعيب أن يجتمع وزير التجارة الداخلية مع الفلاحين للاتفاق على سعر استجرار البطاطة !!، أين دور اللجنة الاقتصادية في دراسة ووضع حلول اسعافية لانقاذ محصول البطاطا، نحمدالله أن البطاطا لا تصلح أن تكون عصيراً، وإلا كانت الحكومة وعدت بمعمل عصائر للبطاطا كما هو الوعد بالنسبة للحمضيات منذ سنوات!.

وإذا ما أردنا أن نذهب بعيداً في التهكم والتندر على حال الجهاز الحكومي المتورم من كثرة الهيئات والوزارات المتشابكة في مسألة “البطاطا” قد نخرج بنتيجة أن وزارة الإعلام مقصرة وهي سبب كساد المحصول، فكم من مرة تماهت مع وزارة الزراعة وبثت ونشرت أخبار عن المساحات الكبيرة المزروعة بالبطاطا كإنجاز وضعته في ميزان حسنات “الزراعة” لماذا لم يقرع “الاعلام” ناقوس الخطر آنذاك لإيقاظ باقي الجهات بأنها ستكون أمام غلة وفيرة من البطاطا والبندورة وووو الخ.

نختم باقتراح أن يتم الاقتراض من ميزانية الإعلام الرسمي لصالح “السورية للتجارة” لدعم عمليات استجرارها لمحصول البطاطا!.

فهد كنجو

المصدر: موقع الإصلاحية الالكتروني

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك