الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

التشريع الذي سيخلص سورية من فساد المسؤولين

الاقتصاد اليوم:

ربما سنكون بعد أشهر – حسبنا ألّا تطول – على موعد مع تشريع جديد، ربما سيكسر حدّة حالة التباين بل ” النقص” بيننا وبين كل الدول في هذا العالم، ومنها دول المضمار العربي..إذ أمسينا نحن في سورية من الدول النادرة التي تفتقر إلى قانون واضح ملزم بالكشف عن الذمّة المالية لكبار موظفي الدولة وشاغلي المفاصل ذات الحساسية والمؤثّرة في العمل العام، و التي يبدو فسادها غير تقليدي بمنعكساته المدمّرة لموارد الدولة وبالتالي لكل مواطن، على اعتبار أن العرف المحاسبي يؤكّد أن خزينة أي دولة هي ” جيوب رعاياها” قطعاً..خصوصاً في بلد كسورية مازال يضطلع  بعبء رعاية اجتماعية أو دعم مجتمعي هائل.

 الواقع أنها ليست المرّة الأولى التي نحاول فيها اجتراح مثل هذا القانون، الذي يتحرّى عن مصادر طفرات ثراء كبار الموظفين في مؤسساتنا، أو حتى ذوي المراتب المتوسطة أو المتدنية بفئاتها، لكنها بالغة الحساسية بأدائها أو بما ائتمنت عليه من مهام.

 عدّة تجارب يتحدث عنها من عاصروها بشيء من التندّر والتهكم، تحت مسميات قانون الكسب غير المشروع، أو “من أين لك هذا”..ومداولات لا تليق بحقيقة هيبة دولة كالجمهورية العربية السورية، الدولة ذات السيادة التي نافحت عن هذا المفهوم السامي الذي كلفها دماء ذكية لأكثر من مئة ألف شهيد وجريح.

 وفي السيرة يمكن الادعاء أننا وصلنا إلى حال لا يختلف فيه الفساد عن الإرهاب من حيث النتيجة، ولجهة إضعاف هيبة الدولة وتدمير مواردها، والتسبب بحالة إرباك حقيقية للتنمية بمفهومها الشامل والواسع..لذا بات علينا الانطلاق من قناعة سامية في التعاطي مع قانون الكشف عن الذمة المالية الذي يجري إعداده حالياً وسيناقش قريباً، كحالة وطنية لصيقة بوقائع الانتصار التي يسجلها بلدنا، إذ يجب وضروري و لا بد أن تخرج سورية من هذه الحرب القذرة، وهي نظيفة تماماً من ثنائية الإرهاب والفساد، ثنائية تكفل جيشنا وشعبنا وقيادتنا بدحر طرفها الأول، ليكون حسم طرفها الثاني مهمة السلطتين التنفيذية والتشريعية، عبر قانون حازم وحاسم يتآلف الجميع على بلورته وتطبيقه، هو قانون الكشف عن الذمة الماليّة.

 ويبدو من خلال المقدمات الطيبة، أننا سنكون هذه المرّة أمام قانون نافذ، فحيثيات التعاطي مع التشريع الجديد تسير بطريقة ممنهجة تقودها وزارة التنمية الإدارية..بدأتها بورشة عمل متخصصة بالتزامن مع جهود مكثّفة للخروج بصيغة محكمة لقوام القانون الجديد.

 ومن خلال المعلومات الأوليّة يتّضح أن هذا القانون سيكون أهم انتصار للمواطن وللشارع التوّاق لإرساء “مكنة” مكافحة حقيقية للفساد المالي، الذي تسبب برضوض اجتماعية عميقة نتيجة المفارقات التي أنتجها، إضافة إلى سلب الموارد العامة، والتسبب بفوات هائل في الفرص التنموية..فهو يهدف إلى تعزيز الشفافية المؤسساتية، والوقاية من الفساد وترسيخ مبادئ النزاهة والمساءلة ومكافحة الكسب غير المشروع وحماية المال العام..والأهم  ” استرداد المال العام”.

 مروحة القانون الجديد ستكون واسعة الطيف، والقائمة تبدأ بكبار موظفي الدولة..من رئيس وأعضاء مجلس الشعب إلى رئيس مجلس الوزراء ونوّابه، ثم الوزراء وكل من يُعامل معاملتهم، وحاكم مصرف سورية المركزي، ورئيس و أعضاء المحكمة الدستورية العليا، ثم معاوني الوزراء وكل من يعامل معاملتهم، فالمديرون العامون ومن يعامل معاملتهم من العاملين في الدولة، والمحافظين و أمناء المحافظات، ورؤساء البعثات الدبلوماسية ومن في حكمهم، وقضاة الحكم والنيابة العامة وقضاة مجلس الدولة ومحامو إدارة قضايا الدولة، إضافة إلى مفتشي الجهاز المركزي للرقابة المالية والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، ورؤساء و أعضاء المجالس المحلية والمكاتب التنفيذية، ورؤساء و أعضاء مجالس الإدارة من ممثلي الحكومة في الهيئات والمؤسسات العامة والشركات التي تمتلك الدولة حصّة في رأسمالها، ورؤساء الاتحادات والنقابات والمنظمات، ورؤساء الأحزاب، ثم عناصر الضابطة الجمركية والعاملون في الجمارك من مراقبين جمركيين، ومراقبو الدخل ومحاسبو الإدارة، والعاملون في الهجرة والجوازات، وكل شخص ممن يشغلون وظائف لا تقل أهميّة عن وظيفة مدير.

 ويتضح مما سبق أن وزارة التنمية الإدارية أحسنت إفراد رقعة ضبط وتحكّم واسعة الطيف، سوف يؤديها هذا القانون الذي يأخذ حالياً طريقه للنقاش والتداول واستكمال أسباب الصدور..

 القانون يحمل حصانته في ثنايا نصوصه و أهدافه النبيلة..

وأغلب الظن أنه لن يستغرق مزيداً من النقاش، لأننا نجزم بأن رفضه أو “إغراقه” في حلقات مفرغة ليس في صالح أحد سوى من ليس لهم مصلحة بوجوده من أساسه.

ننتظر من وزارة التنمية الإدارية إعلان مسودة القانون، لأننا نظن أن فيها الكثير مما يثير الفضول لمعرفته

عن الخبير السوري

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك