التهريب...رقم مرعب!
الاقتصاد اليوم:
طفى على سطح متابعتنا لحيثيات التهريب وخفاياه رقم صاعق لقيم المواد المهرّبة ، إذ قدّره بعض المعنيين بهذا الشأن بنحو 250 مليون دولار شهرياً، ويشمل المواد الخاضعة لأقصى درجات الترشيد المطبقة من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، وفي مقدّمتها (الألبسة – الدخان – الأجهزة الخليوية – المشروبات الكحولية – العطورات – مواد التجميل).!.
وبغض النظر عن دقة هذا الرقم من عدمه، إلا أنه يمكننا وضعه في خانة الاستئناس للتصدي لهذه الآفة الاقتصادية الخطيرة الكفيلة بتدهور –إن لم نقل تدمير- اقتصادنا الوطني، فلو اعتبرنا أن هذا الرقم مبالغ فيه وهو أقل بنسبة 50% في أحسن الحالات، فذلك يعني أنه 125 مليون دولار، وبالتالي لا يزال كبيراً ويشكّل ضغطاً لا يُستهان به على تحسين سعر صرف الليرة أمام الدولار، لأن التجار المهرّبين يشترون الدولار من السوق السوداء ما يشكّل بالنتيجة طلباً كبيراً عليه وبالتالي ارتفاع سعره..!.
أمام هذا المشهد يبرز لدينا رأيان الأول ينحو باتجاه ترشيد الاستيراد كوسيلة مهمّة للحدّ من التهريب، لأن الترشيد وفق القانون التجاري يعني توزيع كتلة القطع الأجنبي المخصصة لتمويل المستوردات على معظم احتياجات السوق، وليس حصرها بالمواد الأساسية، من منطلق أن تطبيق مبدأ الترشيد من شأنه الحدّ بشكل كبير من التهريب، وبالتالي دعم الخزينة العامة للدولة من خلال الرسوم المفروضة على الاستيراد، وعدم ضياعها على القنوات غير المشروعة هنا وهناك..!.
ويضغط دعاة الرأي الثاني باتجاه إصدار قوائم سوداء للمستوردات غير الأساسية، وعدم استيرادها بالمطلق، والتشدّد في مكافحة التهريب بأشد الوسائل الممكنة، مطالبين بحملة حكومية من أعلى المستويات تبدأ باجتثاث المواد المهرّبة إلى أسواقنا جميعها دون أي استثناء، وتتبّع كيفية وآلية دخولها إلى البلد، وصولاً إلى معرفة هوامير المهرّبين ومحاسبتهم مهما علا شأنهم..!.
بالتأكيد نحن أمام معضلة من الصعوبة بمكان سحقها، إلا أنه يمكن -وبدرجة أقل صعوبة- تحديد رموز مسببيها، وهذه تعتبر خطوة جريئة باتجاه المعالجة، ونعتقد أن المهمة تصبح أسهل مع التوجّه الحكومي الواضح من جهة مكافحة التهريب حماية للمنتج الوطني أولاً، وحفاظاً على استقرار سعر صرف الليرة مقابل الدولار ثانياً.
نعتقد أن توافر الإرادة الحكومية –وفق ما رشح عن أكثر من مناسبة- سيكون له أثر فعّال بتقليص دائرة التهريب إلى أدنى درجة ممكنة، ويبقى أن تترجم هذه الإرادة إلى مبادرات فعلية لتطويق كبار المهربين ولفيفهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم لأنهم أس الفوضى الحاصلة في أسواقنا.
يبقى أن نشير إلى انعكاس توقف الاستنزاف الشهري للـ250 مليون دولار على تحسّن سعر الصرف، ألا يستحق هذا الأمر حملة حكومية عالية المستوى..!.
البعث
تعليقات الزوار
|
|