الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

الثالوث المرعب للأسر.. مدارس ومكدوس وعيد..والجيوب تعلن الإفلاس

الاقتصاد اليوم ـ خاص:

شكل تزامن موسم "مونة المكدوس" وافتتاح المدارس مع قدوم عيد الاضحى المبارك، ضربة قوية على جيوب المواطنين السوريين بسبب ارتفاع الاسعار اضعافاً مضاعفة في الاسواق السورية.

ومن خلال توجهنا إلى سوق الهال، واطلاعنا على الاسعار، فقد وصل سعر كيلو الباذنجان إلى 100 ليرة ، في حين ترواح كيلو الجوز بين 2500 - 3000 ليرة سورية، وأما بالنسبة للفليفلة فقد تراوح سعر الكيلو بين 450 -500 ليرة سورية ينقص ويزيد حسب التاجر، أما زيت الزيتون، فقد وصل سعر التنكة إلى 16ألف ليرة ، وبالتالي فإن عملية اعداد 30 كيلو من الباذنجان لصنع المكدوس تحتاج إلى اكثر من 25 ألف ليرة سورية، اي ما يعادل راتب موظف حكومي.

وعند لقاء أم وسام،" ربة منزل"، في احد اسواق دمشق، قالت: "أمضيت مايقارب الاربعين عام وانا اصنع المكدوس سنويا، كواحد من أصناف المونة التي تُحفظ لفصل الشتاء"، مشيرة إلى "كنت اصنع ما يقارب الخمسين كيلو غرام من الباذنجان، لعائلتي المكونة من 8 أفراد، وحتى عندما كبروا وتزوج قسم منهم، استمريت في إعداده وتوزيعه على بيوتهم، لأن الجيل الجديد قد يجد صعوبة في إعداده، وهو يحتاج إلى خبرة".

وتابعت أم وسام، "اليوم وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، انخفضت الكمية التي اصنعها إلى أقل من النصف، ففي العام الفائت اكتفيت بـ 15 كليو غرام فقط، ولم اقوم بإعداده لابنائي المتزوجين"، مضيفة "الصراحة صارت مونة المكدوس نكبة كبيرة، ولازم يكون معك على الاقل 15 ألف ليرة لتكفي حالك كم شهر بس".


وأما أم محمد، أم لاربعة أطفال، أكدت "لن يتمكن معظم السوريين هذا العام من صناعة المكدوس مطلقاً، فقد وصل الغلاء حداَ لا يطاق، فأصبحت تكلفة المكدوس لوحده تساوي تكلفة مؤونة فصل الشتاء كاملة وزيادة أيضا"، لافتة إلى أنه "بالنسبة لي فأنا استغنيت عن المدوس هذا العام، فالوضع المادي أصبح صعب".

أبو فادي، موظف في احدى دوائر الدولة، قال متهكما "شو مكدوس ما مكدوس، هالاكلة خلص نسيناها، إذا بدي اعمل 20 كيلو بيتنجان بس ، بدي حط عشر آلاف أنا عم اضحك والعب، وهات بقى مين بدو يدفع اجار البيت، وكيف بدي كفي بالراتب لاخر الشهر، وبالمناسبة راتبي كلو 25 ألف، وبشتغل بمكتبة بعد الدوام لدبر أموري، وبتقلي مكدوس؟".

وبالنسبة إلى أم أحمد، المرأة البالغة من العمر 75 عام، وتقطن في احدى القرى الريفية، اكدت، "لاول مرة في حياتي، اشتري 50 كيلو باذنجان، لكي اصنع المكدوس، ففي الاحوال العادية كنت أقوم بإعداد مايقارب 100 كيلو فقط، ولكن في ظل ارتفاع اسعار المواد الغذائية الشديد، قد اعتمد على المكدوس طوال فترة الشتاء، وخاصة انني اسكن في منطقة ريفية بعيدة، وظروفها المناخية في الشتاء صعبة، لذلك نضطر في كثير من الاحيان لعدم الخروج من المنزل بسبب تراكم الثلوج".

واردفت أم أحمد، "اعتمد ايضا في مؤونتي على المربى، فأنا أملك أشجار المشمش والكرز، لذلك لا احتاج سوى السكر كي اصنع المربى، وبذلك أكون قد أكفيت نفسي ذاتيا".

وتعقيبا على كلام أم أحمد، جاء رد مريم سريعا، "100 كيلو بيتنجان، حرام عليكي، لسه في جوز وفليفلة وزيت، اي انا مو قدرانة اعمل 20 كيلو، وعم اعمل حسابون من أول السنة".

مشكلات المونة

وإحدى السيدات، تطرقت إلى المشاكل التي يعاني منها موضوع مؤونة الشتاء بشكل عام، حيث أفادت "مشاكل المؤونة كتير، وأهمها إنقطاع التيار الكهربائي، وساعات التقننين الطويلة"، مضيفة "اتلفت العام الماضي مؤنتي بشكل كامل من بازلاء وفول وملوخية، وبامية، وذلك بعد أن فقدت صلاحيتها بسبب انقطاع الكهرباء".

وتابعت "الصراحة هي السنة ما في امكانية ابدا اني مون شي واتلفو بعد فترة، لهيك رح اعتمد على المعلبات، رغم سعرها العالي، واللي بيطلع مع الدولار ومابينزل".

وفي هذا الاتجاه، قالت سميرة، ربة منزل "تكلفت في العام الفائت بما يقارب 75 ألف ليرة سورية لسد احتياجاتي من مؤنة الشتاء، ونتيجة الانقطاع الطويل للكهرباء، اضطررت للتخلص من نصفها"، موضحة "النصف الاخر قمت بتوزيعه على اقربائي، وجيراني، لانه لا يحتمل أن يحفظ في هذه الظروف".

وأضافت "لذلك هذا العام لجأت إلى اسلوب قديم في حفظ المؤونة، وهو تيبيسها، وتنشيفها، فهي طريقة كانت تتبعها جدتي وأمي، ولكن ما نتعرض له اليوم من ارهاب، ارجعنا عشرات السنين إلى الوراء".

موسم المدارس..

واما بالنسبة للحقيبة المدرسية فقد ارتفعت أسعارها هذا العام عن العام الماضي ما يقارب 30%، مما دفع معظم السوريين لستمية شهر ايلول من هذا العام بشهر "النكبة الاقتصادية".

وفي جولة على المكتبات أكد أصحاب المكتبات أن المستلزمات المدرسية ارتفعت ما يزيد على 30 بالمئة ومنها ما تجاوز الـ 40 بالمئة، حيث أشار أحد الآباء أنه فوجئ بأن ثمن دفتر الرسم نوعية جيدة وصل إلى ألف ليرة على حين علبة الألوان إلى 1200 ليرة، إضافة إلى أن الدفاتر المدرسية بمجملها ارتفعت أسعارها بمعدل 20 إلى 50 ليرة.

وقالت أم محمد: إنني نزلت إلى السوق لشراء مريول لأولادي الثلاثة لأتفاجئ بأن المريول تجاوز في بعض المحال ألفي ليرة.

وتراوح سعر "بدلات" المدارس من ثلاثة آلاف لتصل وبحسب النوعية والقصة إلى 7 آلاف، أما الحقائب المدرسية فهي الأخرى لم تسلم من بورصة ارتفاع الأسعار لتبدأ من ألفي ليرة وصولاً إلى خمسة آلاف وبحسب الحجم والنوعية.

الالبسة والحلويات في عيد الاضحى ..

ارتفعت اسعار الملابس ومستلزمات انتاج الحلويات في الاسواق السورية خلال الايام القليلة الماضية بشكل كبير وملحوظ بالتزامن مع قرب حلول عيد الاضحى المبارك.

وقال أحد التجار في سوق الصالحية بدمشق،إنه : "على إثر ارتفاع الدولار ما يفوق 300 ليرة، قفزت أسعار الألبسة المستوردة بمعدل 3000 ليرة للقطعة الواحدة عما كانت عليه في العيد الماضي.

وأضاف أنه "خلال موسم الأعياد تنفلت الأسعار وتتراجع مستويات الرقابة على الأسواق ما يؤدي إلى حالة فوضى تعم الأسواق في مختلف المجالات وخاصة الألبسة والأحذية والغذائيات".

وقالت أم محمد "موظفة" إن شهر ايلول هذا العام يحتاج لأكثر من راتب واحد ابتداءً من مونة المكدوس وافتتاح المدارس وتحضيرات العيد، وأضاف لقد قررت هذا العيد صنع القليل من الحلويات في المنزل، والعزوف عن مونة المدوس وشراء البسة العيد لاطفالي، لان هناك ما هو اهم وهو شراء المستلزمات المدرسية التي ارتفعت اسعارها هذا العام لحد جنوني".

وفي جولة على اسعار الحلويات في بعض اسواق دمشق لوحظ  تجاوز أسعار بعض انواع الحلويات 5 آلاف ليرة للكيلو غرام، ومنها المبرومة والآسية، بينما بلغ سعر "كول وشكور" 3500 ليرة، والبللورية 2500 ليرة، والهريسة ألف ليرة للكغ.

ولاحظنا خلال جولتنا امتناع اغلب المحال من عرض الأسعار، فيما أقر أغلبية أصحاب محلات الحلويات بارتفاع الأسعار إلا أنهم اعتبروها منطقية قياسا بارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وعلى رأسها السمن الحيواني والفستق الحلبي وأجور اليد العاملة.

أحمد إبراهيم إسماعيل

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك