الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

الحصار الحكومي لن يجدي نفعاً..الاستيراد إلى زيادة بقوة الواقع

الاقتصاد اليوم:

ذكر وزير المالية اسماعيل اسماعيل في تصريح سابق له، أمام أعضاء مجلس الشعب، أن منح إجازات الاستيراد للمواد الأساسية والتموينية يتم وفقا للأولويات الشديدة وفي الحدود الدنيا لتلبية الاحتياجات الضرورية للمواطنين، مشيراً إلى أن “أحد إشكالات انخفاض سعر صرف الليرة هو وجود البضائع المهربة في الأسواق”، وهو الأمر الذي يتطلب من الضابطة الجمركية التدخل في الأسواق ومراقبة الموجودات من البضائع المهربة”لتعذر ضبط الحدود مع بعض دول الجوار”.

ولا يخفى على أحد أنه بين الحين والأخر يتم فرض شروط ورسوم جديدة على منح إجازات الاستيراد، أو على البضائع التي يتم استيرادها، فبعد إطلاق برنامج ترشيد الاستيراد لضبط المستوردات، أصدرت وزارة الاقتصاد القرار 703 الخاص بمؤونة الاستيراد والذي لا يزال يواجه انتقادات كثيرة من الوسط التجاري إلى هذه اللحظة، وتهدف مجمل القرارات الصادرة عن وزارة الاقتصاد الخاصة بالاستيراد إلى تضيق الاستيراد قدر الإمكان واقتصاره على الأساسيات فقط، مع الإشارة إلى أن ترشيد الاستيراد لم يطال الكثير من السلع الكمالية، فأجهزة الخليوي مثلاً تملئ أسواقنا وبأحدث الإصدارات، وها هي الشاشات ذات الماركات العالمية والأسعار الفارهة، ويمكن سحب ذلك على منتجات التبغ والمشروبات الروحية، التي تعتبر مستوردة وينفق عليها الكثير من القطع الأجنبي..

في حين يرى بعض الصناعيين والتجار أن التضييق في الاستيراد طال أيضا استيراد المواد الأولية، من خلال فرض إجراءات ورسوم جديدة رفعت من الفاتورة أكثر على المنتج وبالتالي على المستهلك، وبين أخذ ورد يبقى ملف الاستيراد محط تجارب حكومية من جهة وانتقادات من الوسط التجاري من جهة أخرى، ورغم كون الاستيراد من شأنه أن يرفع الطلب على القطع الأجنبي إلا أنه لا يمكن الاستغناء عنه، وخاصة في ظل الظروف التي تواجه سورية حاليا، حيث خرجت العديد من المصانع والمعامل من دائرة الإنتاج، وتعرض القطاع الزراعي للكثير من الأضرار أيضا، وهذا خلق فجوة في السوق المحلية لا يمكن سدها إلا عبر الاستيراد.

فاتورة الاستيراد سترتفع هذا العام

ومع استعادة الدولة لمناطق جديدة فإن ذلك يعني بالمنطق الاقتصادي دخول أسواق جديدة إلى الخدمة، بل ودخول مساحات كبيرة لا يستهان بها إلى مرحلة إعادة الإعمار أو التأهيل المرحلي على الأقل، أيضا وهذا بطبيعة الحال سيشكل ضغطاً على المواد والسلع، والتي تعتبر مستوردة في أغلبها، كون معظم المصانع والمعامل التي تنتج المواد الخاصة بإعادة التأهيل المباني السكنية باتت إما مدمرة أو خارج دائرة الإنتاج.يؤكد التاجر والباحث فيصل العطري الذي لفت إلى أنه بالنسبة لتقدير قيمة المستوردات للعام الجاري، فإنه علينا أن نأخذ بعين الاعتبار العوامل المؤثرة ليكون تقديرنا موضوعياً، حيث شهدنا في عام 2016 عودة جزء كبير من المناطق التي كانت خارج سيطرة الحكومة إلى الحكومة، مما يستوجب تلبية احتياجات تلك المناطق وبالتالي زيادة بقيمة المستوردات، بالمقابل نجد أن هناك مصانع وصناعات بدأت تعمل وعجلة الانتاج تدور مما سيخفض الحاجة لاستيراد بعض المواد، لكن بتقديري سيكون هناك اقبال كبير على طلب اجازات الاستيراد للأسباب التالية:

1- حالة الفزع غير المسبوقة التي سيطرت على التجار جراء تعليق اجازات الاستيراد.

2- توسع سلطة الحكومة يستوجب زيادة بالطلب وهذا يجب ان يقابله زيادة في العرض، وإلا فإن الأسعار سترتفع بشكل جنوني وسينشط التهريب.

3- هناك عمليات صيانة واصلاح وترميم وإعادة بناء كل منها تستوجب مواد بغالبيتها مستوردة “هذه الزيادة تتناسب طرداً وبشكل لوغاريتمي مع توسع رقعة سيطرة الدولة على الأراضي السورية”.

وأكد أنه يصعب تقييم الزيادة في فاتورة الاستيراد حالياً، لأنها تتعلق بعوامل كثيرة أهمها المناطق التي ستعود لسلطة الدولة فكل منطقة تعود لسلطة الدولة ستستهلك مواد مستوردة مما سيزيد بمرونة الطلب، أما عوامل تخفيض قيمة المستوردات فمحكومة بعدة عوامل أهمها: توفر السيولة النقدية بالشارع وجودة وسعر وتوفر المنتج الوطني.

 المستوردات اليومية

في حين يرى الباحث علي محمود محمد أن قضية قيمة المستوردات يعتبر أمراً غامضاً رسمياً، ولكن يمكن القول إن حاجة سورية يومياًإلى الاستيراد تقدر وسطياً بنحو 5 مليون يورو.ولكن هذه القيمة قد تتغير تبعا لإمكانيات التمويل من المصرف المركزي، طبعا هذا الرقم يكفي فقط لتمويل مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي والادوية ومستلزمات المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن. وللعلم فان الرقم التقديري لحجم القطع الوارد للبلد حوالي 7 مليون دولار يومياً، وهذا يبرر ربما أن هذا المبلغ هو ما ينفق لتمويل المستوردات (7 مليون دولار تعادل تقريبا 5.3 يورو)..

ولفت إلى أن طلبات إجازات الاستيراد لاتقدر كونها متغيرة جداً، بينما الاجازات الممنوحة وغير الممولة فهي أضعاف الممول منها، وذلك بناء على توجهات وزارة الاقتصاد والبنك المركزي بما يتماشى مع خطة ترشيد الاستيراد، والمحافظة على القطع الاجنبي.

وكان مدير التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد ثائر فياض قد ذكر العام الماضي، أن حجم التمويل اليومي للمستوردات لا يقل عن 4 ملايين يورو يومياً، وفي معظم الأحيان يصل الرقم إلى 6 ملايين يورو.

في حين أكد أحد التجار وفضل الكشف عن اسمه، أن قيمة المستوردات سترتفع خلال العام الحالي عن الأعوام السابقة، وذلك لأن الأسواق المحلية تحتاج إلى الكثير من المواد والسلع الأساسية، أي أن فاتورة الاستيراد سترتفع، مشيراً إلى أنه، وبالرغم من أن السوق بحاجة ومتطعش، إلا أنه لا يتم منح إجازات استيراد للتجار، وذلك خوفاً من ارتفاع سعر الصرف أكثر، مع الإشارة إلى أن الاستيراد لا يمكن أن يرفع من سعر الصرف، وأكبر دليل أنه ومنذ تطبيق القرار 703 الخاص بمؤونة الاستيراد ارتفع سعر الصرف، فالاستيراد له منافع أيضا على الاقتصاد لأنه لا يشمل فقط استيراد المواد المصنعة بل استيراد المواد الأولية، والتي سيعاد تصنيعها وإعادة تصديرها للخارج، مبيناً أن سورية حالياً تختلف عما كانت عليه قبل الأزمة من حيث القوة الإنتاجية، فالمصانع والمعامل بنسبة كبيرة منها باتت خارج الإنتاج، وهذا ما زاد الطب على الاستيراد.

وكان مصدر مسؤول في المصرف المركزي أكد في تصريح سابق أن إجمالي ما يحصله مصرف سورية المركزي من قطع أجنبي “دولار” من تسديدات تعهدات إعادة القطع الناجم عن التصدير يومياً يصل بشكل وسطي إلى مليوني دولار فقط. لافتاً إلى أنه وبالرغم من ضعف هذا الرقم إلا أن المصرف المركزي مستمر بتمويل إجازات الاستيراد، وقد يصل التمويل في معظم الأحيان إلى نسبة 40% أو 50% من إجمالي طلبات التمويل.

هروب للأمام

بالمقابل نجد أن رئيسة محكمة الاستئناف الجمركية الأولى في دمشق انتصار الصالح ذكرت في تصريح لها مؤخراً، أن التهريب تحت الغطاء النظامي يتم بشكل دائم، ولكن لا يمكن حصر عدد هذه المخالفات كون أغلبها تطوى بعد المصالحة عليها وإجراء تسوية للمخالف في المديرية العامة للجمارك، ولا تحال القضية على القضاء المختص، موضحةً أنه في العام 2015 لم يتم إيقاف سوى 56 مخالفاً وإحالتهم على القضاء، رغم العدد الكبير من المخالفات ولكن أغلبيتها تحل وتتم التسوية عليها ضمن الجمارك ولا يصل الملف إلى القضاء المختص، مشيرة إلى أن البيان الجمركي يتضمن تفاصيل للبضاعة الموجودة كافة ضمن حاوية الشحن وهناك نوع من البيانات يكون لبضاعة متفرقة ضمن الحاوية الواحدة، وهنا يكون دور الضابطة الجمركية بالقيام بجرد البضاعة والتأكد من البيان الجمركي ومطابقتها له، حيث أشار الباحث محمد أن التهريب يشكل ضعفي أو ثلاثة أضعاف قيمة المستوردات حالياً وفق تقديره.

وحول ما أشارت إليه المحكمة الجمركية،يرى العطري أنهتصريح صحيح بشكل نظري بالنسبة لشخص لايعرف صعوبات العمل الجمركي، فحين تقول:(البيان الجمركي يتضمن تفاصيل للبضاعة الموجودة كافة ضمن حاوية الشحن، وهناك نوع من البيانات يكون لبضاعة متفرقة ضمن الحاوية الواحدة، وهنا يكون دور الضابطة الجمركية بالقيام بجرد البضاعة والتأكد من البيان الجمركي ومطابقتها له)، إذ أن حتى تفريغ حاوية أو حتى نصفها ضمن الحرم الجمركي أمر غير وارد بأي دولة  من دول العالم،فمتوسط عدد الصناديق بحاوية يبلغ 40 قدم 825 كرتونة، فهل يمكن أن تتخيل كم يلزم للتحقق من هذا العدد؟، وهل تتصور مقدار الضرر الحاصل للبضائع فيما لو تم تفريغ هذه الصناديق والاكتفاء بمجرد فتحها؟، وهل تتخيل مقدار “الضياع” الذي سيحدث نتيجة هذا؟.

مضيفا: “بكل دول العالم يقوم المستورد بتقديم قائمة تعبئة تتضمن محتوى كل كرتونة وأبعادها ووزنها ويقوم الكشاف بطلب نسبة من صناديق هذه الشحنة يختارها بشكل عشوائي، حيث يتم التحقق من وزنها وحجمها ومحتواها، “بالطبع موضوع الوزن يكشف أي تلاعب، مثلا لايمكن أن يتطابق وزن صندوق يحوي حاسب مثلا مع صندوق من نفس السعة يحوي ملابس”، كما يقوم بفتح بعض هذه الصناديق وفي حال مطابقتها لقائمة التعبئة يوقع على الكشف ويحدد الصناديق التي كشف عليها ويدون مشاهدتهووصفه على البيان الجمركي، أما في حال وجود اختلاف يقوم بطلب تدقيق الحاوية”.

ولفت إلى أنه بالنسبة لإلقاء مسؤولية التهريب على الاستيراد المختلط، فهو يعتبر هروب للأمام، فمثلاً هل يعقل أن يقوم تاجر باستيراد حاوية كاملة من صنف واحد وليكن لمبة 40 واط؟، هذا كلام غير منطقي، الصحيح أن التاجر سيطلب تشكيلة حتى ولو كانت شحنته كلها لمبات، إذاً عملية التفتيش ستطلب التدقيق بمحتويات الحاوية كلها تماماً كما هو الحال بحاوية المختلط، مشيراً إلى أن الاجراء الأقرب للمنطق هو أن تكون الحاويات المختلطة من أصناف متشابهة وليكن كهربائيات مثلا أو ألبسة واحذية ، أو أقمشة وخيوط.

يشار إلى أن وزارة الاقتصاد أشارت خلال العام الماضي أن معالجة الطلبات المقدمة لإجازات وموافقات الاستيراد وصل عددها 50339 طلباً، ومعالجة إجازات وموافقات الاستيراد الممنوحة والبالغ عددها 19074 إجازة وموافقة ومعالجة تمويل إجازات وموافقات الاستيراد الممنوحة والبالغ عددها 6124 طلب تمويل، في حين أن قيمة المستوردات الفعلية للوزارة وجهاتها للعام 2015 بلغت حوالي 30.6 مليار ليرة سورية بما يعادل 114.7 مليون يورو، بنسبة تنفيذ 32% من المخطط لكامل العام 2015 والبالغ حوالى 95.2 مليار ليرة. وبالمقارنة مع المنفذ من خطة المستوردات للعام السابق، فإن ما تم استيراده هذا العام يقل عن العام السابق بنسبة 7%.

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك