الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

الحكومة تدفع 600 مليار ليرة أجور للموظفين..وتأخذ منها 138 ملياراً للمالية

الاقتصاد اليوم:

لعل من مفارقات اقتصادنا الضريبية والتي لم تعد خافية على الدوائر المالية هي تربع الموظف ذو الدخل المتدني على قائمة الملتزمين ضريبياً، بينما كبار المكلفين خارج إطار هذه المعادلة، إذ أن نسبة مساهمة الضريبة المفروضة على الرواتب والأجور من بند الضرائب والرسوم هي نحو 42% وذلك وفقاً لتأكيدات بعض مصادر وزارة المالية التي أوضحت أن كتلة الرواتب والأجور في الموازنة العامة لعام 2017 هي 601.17 مليار ليرة، وأن قيمة ما دفعه الموظفون السوريون من ضريبة مفروضة على رواتبهم تزيد عن 138 مليار ليرة سورية، وذلك على اعتبار أن نسبة الضريبة المفروضة على الراتب نحو 20%.

وإذا ما علمنا –وفقاً لمصادر وزارة المالية- أن ضريبة أرباح مصرف سورية المركزي مضافاً إليها ضريبة أرباح المصرف التجاري وبعض المصارف الخاصة هي 30 مليار ليرة سنوياً، وأن ضريبة أرباح قطاع الاتصالات 30 مليار ليرة، وإذا ما علمنا أيضاً بأن قيمة الضرائب والرسوم الداخلة في الموازنة هي 322.49 مليار ليرة، فإن مجموع ما عرضناه من معطيات حول التحصيل الفعلي هو نحو 200 مليار، وبالتالي فإن الـ 122.49 المتبقية هي من ضريبة الأرباح المفروضة على القطاع الخاص، والمؤسسات الحكومية، ولكون أن إمكانية تحصيل ضرائب المؤسسات الحكومية الإنتاجية ميسراً أكثر من القطاع الخاص فالأرجح أن النسبة الكبرى من الـ122.49 مليار محصلة من المؤسسات الحكومية، وبالتالي فإن ما يحصل من القطاع الخاص هو نذر يسير ..!.

ولعل ما يرجح هذه المعطيات هو ما أفضت به بعض المصادر المطلعة من أن قيمة التهرب الضريبي تقدر بنحو 500 مليار ليرة سورية، ويتقاطع مع هذا الرقم بشكل كبير–في ظل تكتم وزارة المالية عليه- ما أورده الدكتور عدنان سليمان من تقديرات حول حجم التهرب الضريبي بأنها نحو 400 مليار ليرة، مبيناً أن 70% منه لدى كبار المكلفين. وأن نسبة العبء الضريبي تشكل قرابة 20% من الناتج المحلي الإجمالي نسبة المتحصل منه لا تتجاوز 11%، وأن مساهمة القطاع الخاص تتجاوز 65% من الناتج المحلي الإجمالي لكنه لا يسدد أكثر من نسبة 2% من الناتج الإجمالي. بينما يساهم القطاع العام بنسبة 30% من الناتج تصل نسبة ما يسدده تصل إلى 4% من الناتج الإجمالي.

لنخلص إلى نتيجة أن الحكومة ممثلة بوزارة المالية تمتلك سلطة تحصيل مستحقات الضرائب المفروضة على الموظف كونها مصدر هذا الدخل الذي بات متآكلا نتيجة التضخم وانخفاض القدرة الشرائية، بينما تعدم الوسيلة بتحصيل المستحقات ممن تتوجب عليهم بالفعل..!.

في قراءة سريعة للمشهد الضريبي في سورية يتبين بأن التشريعات الضريبية ابتعدت إلى حد كبير عن تحقيق العدالة الضريبية، بدليل أن العامل الرئيس في موضوع التهرب الضريبي الكبير يعود لعدم وضوح التشريعات وغموضها، إضافة إلى الفساد الإداري الموجود لدى موظفي الضرائب لاسيما أن السلطة التقديرية التي أعطيت لهم أسيئ استخدامها نتيجة غموض النص والعمل ضمن صلاحيات واسعة، ما يعني أن معالجة التهرب الضريبي لا يمكن أن تكون بشكل مفاجئ وإنما على درجات وعبر وضوح النصوص التشريعية وإيجاد علاقة تكاملية وثقة متبادلة بين المكلف والإدارة الضريبية، ولكن هذه العلاقة –للأسف- غير متوفرة بكامل عواملها، لاسيما أن الإدارة الضريبية تعتبر المكلف حاليا متهرب مفترض حتى يثبت العكس، في المقابل يتهرب المكلف كلما استطاع لذلك سبيلا لعدم قناعته بما يدفع من ضريبة غير عادلة..!.

صاحبة الجلالة

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك