الدكتور إيهاب أبو الشامات: دعوة لإنشاء وزارة لشؤون اللاجئين وصندوق لإعادتهم
الاقتصاد اليوم:
بعد رفع العقوبات... هل آن أوان عودة السوريين؟
دعوة إنسانية لتأسيس "وزارة شؤون اللاجئين والمهجّرين" وصندوق وطني لإعادتهم إلى حضن الوطن
دمشق – إعداد: المحامي الدكتور إيهاب أبو الشامات
باحث في القانون العام والسياسات الإنسانية
في خطوة سياسية مفصلية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، ما يمثّل تحولًا استراتيجيًا يستوجب من الدولة السورية استثمار اللحظة لصياغة مقاربة وطنية شاملة لإدارة ملفاتها السيادية، وفي مقدمتها ملف اللاجئين والمهجّرين.
ويُعد هذا الملف من أكثر القضايا حساسية، حيث لم يعد مجرد معاناة إنسانية، بل بات تحديًا وطنيًا قانونيًا يرتبط بالسيادة والاستقرار وإعادة الإعمار.
من هنا، تقترح هذه الدراسة إنشاء "وزارة شؤون اللاجئين والمهجّرين" كجهة مستقلة متخصصة، تنظم العودة، وتدير "الصندوق الوطني لعودة اللاجئين"، وتمثل الدولة السورية في هذا الملف أمام المجتمع الدولي.
الأساس القانوني: الإعلان الدستوري المؤقت
استنادًا إلى الإعلان الدستوري المؤقت الصادر بعد سقوط النظام البائد، والذي نص على حماية وحدة الوطن وحق المواطنين في العودة، فإن تأسيس وزارة خاصة بملف العودة يمثل واجبًا وطنيًا وإجراءً سياديًا فوريًا، لتوحيد الجهود تحت مظلة مؤسساتية شفافة ومنظمة.
الصندوق الوطني لعودة اللاجئين: حجر الزاوية
سيكون إنشاء صندوق وطني لعودة اللاجئين الركيزة التمويلية واللوجستية لنجاح عمليات العودة، ويهدف إلى:
إعادة تأهيل البنى التحتية الأساسية (كهرباء، مياه، صحة، طرق، مدارس).
دعم الإسكان المؤقت والدائم.
تقديم منح صغيرة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة لتأمين سبل العيش.
تغطية الخدمات النفسية والاجتماعية للعائدين.
دعم برامج إعادة الإدماج المهني والثقافي.
مصادر التمويل:
مخصصات من الموازنة العامة ضمن خطة التعافي الوطني.
هبات من دول صديقة في إطار التعاون الثنائي.
مساهمات من المنظمات الدولية (UNHCR، الاتحاد الأوروبي، البنك الدولي).
شراكات مع القطاع الخاص داخل سوريا وخارجها عبر عقود إعادة الإعمار.
رسوم رمزية من معاملات قنصلية وجوازات السفر تخصص لدعم الصندوق.
المهام المقترحة للوزارة:
إعداد سياسات وطنية لعودة طوعية وكريمة.
التفاوض باسم الدولة مع دول اللجوء والمنظمات الدولية لتنظيم العودة.
إدارة قاعدة بيانات دقيقة ومحدثة للاجئين السوريين بالخارج.
تنسيق الجهود مع الوزارات المعنية لتوفير الخدمات الأساسية للعائدين.
رصد الانتهاكات أو العراقيل أمام العودة ومعالجتها دبلوماسيًا وقانونيًا.
دروس من التجارب الإقليمية:
العراق: أنشأ وزارة الهجرة والمهجّرين بعد 2003.
لبنان: أنشأ وزارة المهجرين لإعادة من نزحوا بسبب الحرب الأهلية.
أفغانستان: أسست وزارة اللاجئين والعائدين بالتعاون مع الأمم المتحدة لإدارة عودة ملايين اللاجئين.
فوائد وطنية واستراتيجية:
استعادة ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها.
تعزيز صورة الدولة السورية أمام المجتمع الدولي.
تنشيط الاقتصاد بعودة اليد العاملة والأسواق المحلية.
الحصول على دعم مالي دولي ضمن برامج إعادة الإعمار.
وختامًا، لم يعد ملف اللاجئين يحتمل التأجيل. إن إنشاء وزارة شؤون اللاجئين والمهجّرين لم يعد مجرد مقترح، بل واجب وطني عاجل لحماية السيادة، وتنظيم العودة، وتحويل المأساة إلى مشروع وطني للتعافي وإعادة البناء.
العودة لا تُدار بالشعارات... بل بالمؤسسات والسياسات.
تعليقات الزوار
|
|