الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

الرقابة تكشف المستور عن فساد يشوب المستودعات الخاصة في المرافئ

الاقتصاد اليوم:

يبدو أن الآلية المتّبعة في عمل وإدارة المستودعات الخاصة في المرافئ يشوبها الكثير من المخالفات والتجاوزات الإدارية والقانونية والمالية، منها استيفاء رسوم البدلات لتلك المستودعات بالليرة السورية بدلاً من الدولار للبضائع التي يكون مقصدها خارجياً، الأمر الذي  يفوّت على الخزينة العامة للدولة ملايين الليرات سنوياً.

وحسب نتائج التقصّي والتحقيق بالموضوع المثار لدى “الشركة العامة لمرفأ طرطوس ومديرية الجمارك” من أجهزة الرقابة التي أكدت في أحد تقاريرها وجود فساد إداري وسوء استخدام للسلطة من العاملين في مرفأ طرطوس ومديرية الجمارك بطرطوس، إضافة إلى قيام عدد من الشركات الخاصة بإدخال مواد على أنها للسوق المحلية ومن ثم إخراجها من المستودعات وإعادة تصديرها بمقصد مختلف، ما أدّى إلى ضياع  الكثير من الأموال على الدولة نتيجة الفرق بالمبالغ التي كان من المفروض تحصيلها.


تؤكد التقارير تعدّد الجهات المسؤولة عن تلك المستودعات المتمثلة في “وزارة النقل، ومديرية الجمارك”، وغياب التنسيق بين شركة مرفأ طرطوس ومديرية الجمارك، الأمر الذي أدّى في المحصلة إلى تعارض في أداء العمل لتلك المستودعات وضياع عشرات الملايين سنوياً، ويعود السبب الرئيسي في ارتكاب الأخطاء إلى احتساب البدلات المرفئية المترتبة على البضائع الداخلة إلى المرفأ.

لا علم لنا
وزارة النقل تؤكد في مراسلاتها لمجلس الوزراء أنه تم الترخيص للمستودعات الخاصة من وزارة المالية دون أخذ رأيها في هذا الشأن، وتبيّن أيضاً أنه يتم استيفاء البدلات بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 867 وذلك استناداً إلى المادة 8 من نظام الاستثمار الصادر بالمرسوم رقم 67، حيث إن البضائع الواردة للاستهلاك المحلي والصادرة ذات المنشأ السوري تستوفى بدلاتها المرفئية بالليرة السورية وخلاف ذلك بالدولار، وحيث يتم إدخال البضائع إلى المستودع الخاص بموجب البيان “IM1” ويتم إخراجها للاستهلاك بموجب البيان “IM42” بعد الحصول على إجازة استيراد أو ترانزيت بموجب بيان جمركي “TR” أو يعاد تصديرها بموجب بيان “EX30” وضمن الشروط النظامية، وتستشهد الوزارة في مراسلاتها بأنها أصدرت قراراً يتم من خلاله احتساب جميع البدلات المترتبة على البضائع التي يتم إيداعها في المستودعات الخاصة بالقطع الأجنبي، وتبيّن أنه صدر قرار عن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش يتضمّن مطالبة عدد من الشركات المرخّص لها مستودعات خاصة بدفع فرق البدلات بين الليرة السورية والدولار عن البضائع التي تم إدخالها إلى المستودع الخاص وتمت إعادة تصديرها.

سوء فهم

ويشير التقرير التفتيشي إلى وجود سوء فهم من المعنيين بشركة مرفأ طرطوس لماهية المستودع الخاص حيث يتم اعتباره المقصد النهائي للبضائع المستوردة “استهلاك محلي”، في حين أنه عبارة عن منطقة حرة خاصة تكون فيه البضاعة في وضع معلق للرسوم وتمّت الرقابة الجمركية ليعاد تصديرها بموجب بيانات “EX30″ باستثناء حالات محدودة توضع بالاستهلاك المحلي بموجب بيانات”IM42” وهذا واضح من خلال الخلط بكتب شركة المرفأ بين حالات إعادة التصدير “تصحيح مقصد الترانزيت” وعدم التمييز فيما بينها.

كما يشير التقرير إلى أن الفهم الخاطئ للبلاغات والتعاميم التشريعية أدّى إلى تطبيق خاطئ لتعرفة البدلات المرفئية، وبالتالي تم استيفاؤها بالعملة السورية بدلاً من القطع الأجنبي ما فوّت على شركة المرفأ عائدات تمثلت بالفارق بين السعر الحر لصرف الدولار والسعر الرسمي.

عودة عن خطأ متوارث

ويرى التقرير أن قرار اللجنتين الإداريتين لشركتي مرفأ طرطوس واللاذقية باستيفاء البدلات عن البضائع التي مقصدها المستودعات الخاصة بالحقيقة عودة عن خطأ متوارث لنص القرار رقم 867 فلو كان هناك فهم صحيح لآلية عمل المستودع والأحكام الجمركية التي تسري عليه لما حصل الخطأ.

وبيّن التقرير وجود خلل ارتكبته مديرية الجمارك بغير قصد لآلية عمل شركة المرفأ فيما يخص تطبيق تعرفة البدلات المرفئية والحالات التي يتم استيفاؤها بالعملة السورية ما جعل المراسلات بين الطرفين تدور بحلقة مفرغة.
ولم يخفِ التقرير سوء الفهم الذي وقع به الطرفين الذي نجم عنه عدم إشراك شركة المرفأ بإجراءات ترخيص المستودعات الخاصة، وبالتالي الاطلاع على الأحكام الخاصة بها وآلية عملها وصولاً إلى تطبيق صحيح لتعرفة البدلات، ولاسيما أن ذلك من صلب عمل شركة المرفأ وأن التوسّع في منح تراخيص المستودعات الخاصة يحرم الشركة من عائدات لا باس بها وخاصة في ظل الظروف الراهنة للبلد، بسبب تراجع الحركة التجارية.

تصرّف غير مسؤول

وأشار التقرير إلى عدم إشراك الجمارك في وضع تعرفة البدلات المرفئية لمعرفتها التامة بما هو مطلوب من بيانات من أجل التطبيق الصحيح لتلك التعرفة بما يحقق المصلحة العامة، وأورد التقرير أن مديرية الجمارك تصرّفت بشكل غير مسؤول تجاه عدم تلبيتها لما طلبته الشركة العامة لمرفأ طرطوس بكتابها رقم 3710 لجهة موافاتها بالكميات التي جرى عليها التصحيح ومفصّل بياناتها الجمركية “الوزن –  العائدية – الباخرة – تاريخ وصولها – المقصد الجديد” لتصحيح القيود لديها واستيفاء البدلات المترتبة أصولاً، حيث اقتصر ردّ الجمارك على توضيح آلية العمل بالمستودع الخاص رغم أن المطلوب كان واضحاً وإن جاء بصيغة غير دقيقة جمركياً، حيث ذكر عبارة تصحيح المقصد “بدلاً من إعادة التصدير” وذلك بدلالة ما ورد في كتاب مديرية جمارك طرطوس من أنه لا علاقة لشركة المرفأ بتسديد وضع بيان im7 ولا يتوجب على الأمين الجمركي إعلام الشركة بذلك لأنها قامت باستيفاء بدلاتها عند الإدخال ولعدم وجود نص أو تعليمات بهذا الخصوص.

مديرية الجمارك ومن خلال كتبها ومراسلاتها استخفّت بالموضوع واعتبرت أن ذلك لا يعدو كونه خلاف تجار كيدياً، وأنه لا يوجد ضياع للرسوم علماً أن التحقيق خلاف ذلك، ومما سبق يتوجب حل هذه الإشكاليات في تحديد عائدية هذه المستودعات ووضع أسس واضحة للتعامل معها بعيداً عمّا يشوبها من خلافات واتهامات بين الأطراف المعنية.

المصدر: صحيفة "البعث"

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك