الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

المصرف المركزي: أولوية التمويل للقطاع الإنتاجي بنسبة 50 بالمئة

الاقتصاد اليوم:

بدا حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور دريد درغام راضياً عن السياسة النقدية التي وضعها المركزي منذ شهر تموز العام الماضي، إذ اعتبر أنها أدت حتى الآن إلى نتائج مقبولة نسبياً من جهة استقرار سعر الصرف بشكل نسبي أفضل من قبل، مشيراً إلى أن التقلبات التي كانت تتم سابقاً بشكل كبير، أصبحت حالياً بنسبة 5% تقريباً.

مشهد متداخل

ويأتي كلام الحاكم في مشهد تكتنفه أزمة متداخلة ومركبة، يتدخّل بها المعلوم مع غير المعلوم، والأطراف التي لها تأثير في السوق، مع أطراف ربما لا تكون واضحة الأهداف بشكل دقيق، أزمة كل شيء فيها مباح، وأية أداة فيها مباحة من أجل الوصول إلى تحقيق الأهداف، لدرجة يتوجب علينا الاعتراف بأنه ليس لدى الجميع أهداف مشتركة، فهدف الدولة تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطن، وتأمين استقرار الأسعار، بينما هدف الأطراف الأخرى هو تحقيق الربح بأية أداة ممكنة.

أولويات

أمام هذا المشهد يحاول المركزي الذهاب باتجاه وضع معايير للتسليف بحيث تكون قدر الإمكان موجّهة للقطاع الإنتاجي بنسبة لا تقل عن 50% والباقي للإنفاق الاستهلاكي حسب درغام الذي أوضح أن الأولوية بالتمويل ستكون للجهات القادرة على الإقلاع السريع بتمويل رأسمالها العامل، وتلك القادرة على إنتاج السلع الحيوية والضرورية، وكذلك القادرة على إنتاج قابل للتصدير لتمويل مصادر أكبر من القطع الأجنبي، وأيضاً القادرة على توفير فرص عمل أكثف مقارنة مع غيرها، معتبراً أن هذا الأمر يأتي ضمن سياق وضع معايير توجّه الإقراض لمستحقيه قدر الإمكان سواء كانوا من الصناعيين أم التجار أم الأشخاص الطبيعيين، ويساهم بزيادة الإقراض وحسن توزيعه بين الاستهلاكي والإنتاجي، ولوقاية المصرف المركزي من تكرار سيناريوهات التعثر التي حدثت قبل وأثناء الحرب على سورية.

فرص

والشيء بالشيء يذكر، إذ نعتقد أن الإجراء الاقتصادي الواجب اعتماده في هذه المرحلة يتمثل بتحديد الفرص الذهبية والفضية والبرونزية لتشغيل الدولارات وضخّها في شرايين الاقتصاد السوري، والتمييز بين المستثمرين الحقيقيين لها لإعادة تسييلها وتحقيق القيم المضافة والمتوخاة منها، عبر تشغيل المصانع المتوقفة وإحداث المشاريع الكفيلة بإمداد السوق المحلية بما يلزم من مواد وسلع، وبين المضاربين الساعين إلى انتهاز الفرص على حساب المصلحة الوطنية وقوت المستهلك. فقرار الضخ الصحيح إلى القنوات السليمة سينعكس إيجاباً على سعر الصرف من ناحيتين، الأولى تعزيز الثقة بالليرة السورية التي تتولّد لدى المستثمر الحقيقي عندما يدرك تماماً أن لدى السلطة النقدية ما يكفي من القطع لتمدّه بما يحتاج منه لكي يدير أعماله، وعندما يلمس المواطن السوري أن هذا المستثمر قد استطاع توفير ما يلزمه من احتياجات سوف تعود ثقته بالليرة السورية وبأن الحكومة قادرة على القيام بالتزاماتها الاقتصادية.

وتتعلق الناحية الثانية بتمويل المستوردات في حال دخولها إلى السوق وأصبحت بمتناول يد المستهلك الذي سيجد أن السوق لم تتغيّر وأن السلع بدأت تعود إليه بأسعار مقبولة، وبالتالي لا خشية لديه من أن الدولة ليس لديها موارد لتأمين احتياجات مواطنيها.

ليس بمستوى ما يروّج

لاشك أن الاقتصاد السوري يمر بأزمة غير مسبوقة، إلا أن جزءاً من هذه الأزمة وهمي والآخر حقيقي في واقع الأمر، وما انخفاض سعر الصرف وتدهور الليرة سوى وهم إعلامي في كثير من جوانبه سوّقه حيتان السوق المستفيدون من التذبذب الحاد لسعر الصرف، إذ يرى بعض المراقبين أن صعود سعر الصرف إلى مستويات عالية في فترة من الفترات لم يكن حقيقياً، ولم يخضع لقوى العرض والطلب الحقيقية، وإنما جاء نتيجة عمل مضارباتي، دفع الانتهازيين وتجار الأزمة لرفع السعر، أي أن الارتفاع كان نتيجة مضاربة وليس نتيجة لقوى السوق الحقيقية، وما يؤكد هذا التفسير هو العودة السريعة نسبياً للسعر إلى مستويات تتواءم مع مقتضيات المرحلة، كما أن الاقتصاد السوري ليس بمستوى السوء الذي يروّج له، فوضعنا الاقتصادي مقارنة مع الأزمة لا يزال بحدود المقبول على أقل تقدير، بدليل أن رواتب وأجور الموظفين لم تتوقف إلى الآن، إضافة إلى أن السلع والخدمات لا تزال متوفرة بالأسواق.

البعث

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك