الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

المهربات تتمدد في أسواقنا تحت غطاء (بيان الإدارة) .. فما قصة هذا الاختراع الجمركي الجديد؟!

الاقتصاد اليوم:

بضائع ممنوعة من الاستيراد منتشرة في أسواقنا بشكل كبير.. (أدوات كهربائية ومنزلية ـ مواد غذائية بشتى اشكالها وأنواعها وبأسعار نارية ـ ألبسة من ماركات عالمية ـ فروج تركي مهرب ومجمد ـ بسكويت وأنواع فاخرة من الشكولا السويسرية والمياه المعدنية ومشروبات الطاقة غير الخاضعة للرقابة ـ عدا عن الفاكهة المتخصصة لطبقة الأثرياء والتي يصل سعر الكيلو الواحد منها إلى 4 آلاف ليرة وغيرها الكثير).

المولات في الأسواق السورية تعج بهذه البضائع الأجنبية الممنوعة من الاستيراد، حتى الأسواق العادية باتت متخمة منها وعلى البسطات أيضا..ليتم طرح سؤال جوهري، كيف تدخل هذه السلع إلى اسواقنا باعتبار أن أحكام التجارة الخارجية تمنع استيرادها وذلك بعد تطبيق سياسة ترشيد الاستيراد والتي جعلت الكثير من التجار يعجزون في الحصول على إجازة استيراد لمواد مسموحة فكيف هو الحال بالمواد الممنوعة؟!… فوزارة الاقتصاد أكدت عبر معاون وزير الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية بسام حيدر، انه منذ 23/8/2016 لم يتم منح أي إجازة استيراد، وحتى قبل ذلك التاريخ كان التوجه الحكومي يمنع أي استيراد للكماليات”..إذا كيف دخلت كل هذه المواد؟.

هل تدخل المواد المذكورة سابقا تهريبا أم أن هناك طرق التفافية يتم استخدامها من البعض لتدخل إلى أسواقنا بشكل يوحي انها بضائع نظامية؟..

ننتظر الشرح من الجمارك

ما يحدث في أسواقنا بعيد كل البعد عن المنطق…أسواق لبيع المواد المهربة لا تبعد عن الجمارك سوى 500 متر فقط، شاشات مسطحة بأحدث الموديلات والقياسات في الأسواق، أفرش منزلك كله بـ250 ألف ليرة فقط بدءا من الثلاجة إلى أطقم المفروشات وصولا إلى السجاد…سلع رخيصة وغالية بآن واحد تكسر كل القواعد الاقتصادية المعروفة وتخالف المنطق الاقتصادي المتعارف عليه.

أحد التجار وجه سؤاله إلى مديرية الجمارك العامة قائلا: “أتمنى أن يشرح لنا مدير الجمارك ماذا يعني بيان الإدارة والذي لا يدخل بنظام الأسيكودا وليس له إجازة استيراد؟!!.

وبين التاجر الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن هذا البيان تم اختراعه وأوجدوا مبرر له بتمرير بضائع للمناطق التي هي خارج سيطرة الحكومة، ولكن في الحقيقة هو تهريب منظم… البضائع يتم ترفيقها من المعابر الحدودية ويتم إبراء البيان مثل عبور الترانزيت، وكل بيانات الإدارة هي عبارة عن مهربات، حيث يتم تفريغ هذه البضائع في مستودعات التجار وبعدها يتم تخريجها على أنها ذهبت للمناطق المحاصرة أو المناطق التي هي خارج سيطرة الحكومة!. فهي سياسة تهريب منظمة، مستغربا من السماح بهكذا بيان، متسائلا: تحت أي مبرر تم اختلاقه؟!.

التاجر لفت إلى أن التجار يواجهون الكثير من الصعوبات للحصول على موافقة إجازة استيراد لبضائع نظامية في حين بعض التجار تصل هذه البضائع المهربة إلى مستودعاتهم وفوقها (بوسة)!..

حيلة لشرعنة التهرب!

وحول بيان الإدارة بين التاجر أنه من فترة ليست بقريبة سمحوا ببيان إدارة، ومتل ما هو معروف فإن نظام البيانات بالجمارك يخضع لنظام الاسيكودا وهو نظام تسجيل البيانات الجمركية، ومن شروط الاسيكودا تعبئة الخانات برقم البيان والبند الجمركي ووصف البضاعة وطبعا رقم اجازة الاستيراد الخاصة بالبيان، وهذه البيانات مؤتمتة في البرنامج بأرقام متسلسلة، فمثلا اذا أراد أحد التجار إدخال ادوات كهربائية او احذية او العاب او اي كماليات، يتوجب عليه ذكر البند الجمركي ورقم الاجازة، ولكن للسلع الكمالية الممنوعة من الاستيراد لا يوجد لها إجازة استيراد والبند الجمركي غير مسموح وغير مذكور بألية منح الاجازات بوزارة الاقتصاد، فتم اللجوء إلى حيلة جديدة وهي عن طريق المخلص الجمركي الذي يقول بأن هذه البضائع سأضعها على بيان إدارة كونها ذاهبة إلى الرقة مثلا أو إلى دير الزور قبل تحريرها من الإرهاب… وهنا يتم منحه بيان دون أن يتم تسجيله بالبرنامج ودون رقم متسلسل ولكن يأخذ رقم كتابة على البيان وأيضا موافقة الجمارك عليه… ومن أجل أن تنطلي هذه الحيلة أكثر يرسلوا مع الشاحنة المحملة ببضائع بيان الإدارة دورية ترفيق ترافق البضائع على سبيل المثال من الجديدة إلى معبر التنف وهناك يوجد نقطة جمركية تطابق البيان ورقم الحاوية ووزنها وبعدها تدخل هذه الشاحنات للمناطق المحاصرة أو الخارجة عن سيطرة الحكومة… ولكن في الحقيقة هذه البضائع تذهب إلى الأسواق المحلية وليس إلى تلك المناطق..وبهذه الطريقة تم تشريع التهريب حيث لا تخضع هذه البضائع لأي ضبط ولا يتم تفتيش موجوداتها.

إلغاء بيان الإدارة ..وضرورة المحاسبة

وطالب التاجر بضرورة إيقاف منح بيان الإدارة ومحاسبة الجمارك وكشف كل ما يخص هذه البيانات ومصيرها، بالإضافة إلى إجراء حملة على مستودعات التجار والتأكد من بيانات البضائع، حيث سيجدون نسبة كبيرة من هؤلاء التجار يقدمون صورة عن بيان الإدارة لهذه البضائع التي تعتبر مهربة.

أيضا يجب مطالبة المالية وهيئة الضرائب والرسوم بأن تحصل الرسوم من هذه البيانات في حال كانت تحصل على نسخة من هذه البيانات كون كل بيان عليه ضرائب مالية يدفعها التاجر..فالموضوع واضح وضوح الشمس ولا يمكن للتاجر أن يتحجج ويقول بأنه يدخل بضائع معرض… فهل يعقل أن يستمر بإدخال بضائع معرض لعام كامل دون أن تنتهي… لذا نؤكد بأن كل البضائع غير المسموح استيرادها والمتواجدة في الأسواق المحلية هي بضائع حكما مهربة بموجب بيان إدارة أو دون بيان أبدا..

خسائر جسيمة

يشار إلى أن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبدالله الغربي أكد مؤخرا، أن معظم البضائع الموجودة خاصة التركية منها دخل عبر المنافذ غير الشرعية، لكن يبقى السؤال: إن كانت تلك المعابر خارج السيطرة الحكومية، وهو عذر مبرر، فأين هي دوريات الجمارك التي من المفترض أن تخالف معظم أصحاب المحال التجارية التي تملك بضائع كتلك؟

يذكر أن قيمة المواد المهربة التي تدخل الأسواق السورية شهريا تبلغ نحو 250 مليون دولار شهرياً، وفقا لما أكدته مصادر حكومية معنية بالشأن الجمركي مؤخرا، حيث أشارت المصادر إلى أن مادة الدخان هي المادة الوحيدة التي ينعكس عليها ارتفاع أو انخفاض سعر الصرف بشكل سريع، ما يدل على تصدرها قائمة المهربات بشكل مستمر، إذ سرعان ما تنخفض أو ترتفع أسعارها محلياً بالتوازي مع ارتفاع أو انخفاض سعر صرف الليرة السورية، كما أوضحت المصادر أنه وعلى اعتبار أن الرسوم الجمركية المترتبة على هذه المواد في حال استيرادها بشكل نظامي بموجب إجازات استيراد تتراوح ما بين 15 – 30%، فإن ما يضيع على الخزينة العامة للدولة من رسوم يقدر بـ 25 مليون دولار شهرياً وذلك في حال اعتبار أن متوسط الرسوم المفترض تقاضيها هو 120%!.
وكان الباحث الاقتصادي إيهاب اسمندر بين في دراسة أعدها لموقع “سينسيريا” مؤخرا، حملت عنوان “أثر التهريب على الاقتصاد السوري”، أن التهريب يضيع على الخزينة العامة كحد أدنى 600 مليار ليرة، ما بين التهريب في الاستيراد او التصدير…وأن الاقتصاد السوري خسر نحو 6 مليارات دولار خلال 2015 بسبب هذه الظاهرة السلبية.

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك