الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

الموظف يحتاج إلى 19 عاماً من العمل المتواصل لكي يشتري منزلاً في سورية!

الاقتصاد اليوم:

أصبح سعر أي مسكن، حتى لو كان بمساحة صغيرة، وفي الريف، يتجاوز 7 ملايين ليرة، وهو ما يعني أن موظفاً راتبه نحو 30 ألف ليرة يحتاج إلى أكثر من 19 عاماً من العمل دون انقطاع، ودون طعام أو لباس أو شراب، والعيش دون ماء وكهرباء وهاتف ودون أن يمرض.

ذلك يعكس حجم هذه الأزمة وانعكاسها وخطورتها على استقرار المواطن الاجتماعي والمادي والنفسي الضروري لأي عمل ناجح.

خلال السنوات الماضية لم تتغير الاستراتيجيات السكنية للحكومات المتعاقبة، والتي تتضمن شعارات براقة بخطط شاملة ووعود معسولة، لكن مضمونها تقلص في القطاع العام إلى أرقام خجولة في السكن الشبابي الذي بالكاد يذكر وهو لا يتجاوز 62 ألف شقة سكنية. ولو قسمنا عدد الشقق على 12 سنة، وهو الزمن المحدد لتنفيذ المشروع، فإن كل عام يجب إنجاز 5166 شقة، ولو قسمنا عدد الشقق على عدد المحافظات العشرة التي شملها السكن الشبابي فإن حصة كل محافظة سنوياً تبلغ 516 شقة، ولو قسمناها أيضاً على شهور السنة، فإن حصة كل محافظة شهرياً هي 43 شقة بالإضافة إلى بناء عدد قليل من مساكن الادخار، وهي أرقام متدنية جداً قياساً بإمكانيات المؤسسة العامة للإسكان وعدد الشقق التي كانت تنفذها سابقاً منذ سنوات.

أما التعاون السكني فليس أحسن حالاً، فقد كان له دور كبير في حل مشكلة السكن إلا أن مشكلة تلاعب إدارات بعض الجمعيات أثرت سلباً عليه، وكذلك عدم تخصيص أراض كافية خلق مشاكل كبيرة، بالإضافة إلى تقلبات أسعار مواد البناء التي زادت الطين بلة.

ولعل الضربة الأكبر التي تلقاها قطاع التعاون السكني كانت بقرار المصرف العقاري بوقف تمويل المشاريع السكنية للجمعيات والأفراد ما أخر تنفيذ المشاريع وعجز الكثيرون عن التمويل، مقابل ذلك تمدد حيتان البناء .. ما أدى إلى اتساع رقعة المخالفات وتحول البناء إلى بورصة ومحافظ مالية وغطاء وأحد طرق غسيل المال .. وهذه المخالفات التهمت الكثير من الأملاك العامة (أراض زراعية – أملاك دولة – أملاك بلدية – حراج) وأثرت سلباً على سوق العقارات النظامية .. وصارت حلاً بديلاً لتأمين السكن، نظراً لتدني أسعارها مقارنة بالأبنية النظامية. وصارت العشوائيات أشبه بالمخيمات، وتحولت إلى ظاهرة خطيرة تفتقر إلى مقومات السلامة بالبناء وتشوه المنظر العام وتستنفد ميزانيات البلديات وتهدد الأملاك العامة بالضرر والفقدان.

أمام هذا الواقع لا بد للحكومة ان تقوم بإيجاد مساكن بمواصفات جيدة وبأسعار مقبولة تحقق مصلحة الطرفين: المواطن ومؤسسة الإسكان، من خلال فتح اكتتابات مستمرة لمن يرغب، وتقسيط ذلك على سنوات أطول بما يضمن انخفاض قيمة القسط وقدرة المؤسسة على الوفاء بوعودها، والتسليم بالزمن المحدد ومشاريع الإسكان هي مشاريع مولودة لفرص العمل ولعدد كبير من المهن، وكذلك لابد من استئناف منح القروض من المصرف العقاري للمؤسسة العامة للإسكان وللجمعيات السكنية ولمن يرغب من المواطنين، بما يحقق مصلحة الجهتين معاً المصرف الذي يشكو من زيادة الودائع مقابل محدودية التوظيفات، لأن أرباح المصارف تأتي من الفارق بين سعر الفائدة على الودائع وعلى القروض، والجهة الثانية مؤسسة الإسكان والجمعيات والمواطن في حل مشكلة التمويل، كما لابد من تأمين الأراضي اللازمة للمشاريع السكنية والتركيز على البناء البرجي لمواجهة نقص الأراضي المعدة البناء.. وفي حال تم اعتماد هذه الحلول فإن المخالفات ستنهار أسعارها وستتراجع إلى حد بعيد بسبب توفر سكن بسعر مقبول ومواصفات جيدة.

هاشتاغ سيريا

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك