الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

باحث يؤكد نأي مؤسساتنا الصناعية عن البحث العلمي

الاقتصاد اليوم:

أكد باحث متخصص في هندسة التصميم الميكانيكي أنه ومن خلال اطلاعه المستمر ولفترة ثلاثين عاماً على واقع المؤسسات الإنتاجية والإنشائية في وزارة الصناعة ووزارات الدولة الأخرى، ومعرفته الأكاديمية بالإمكانيات المتوافرة في كل من هذه المؤسسات ومراكز البحث العلمي والجامعات..الخ لم يلحظ وجود الصيغة العلمية والبحثية المناسبة بين أي مؤسستين حتى ضمن مجال عمل الوزارة الواحدة، ولم تبد أي مؤسسة الرغبة في انطلاقة صريحة وواضحة في البحث العلمي الصناعي منذ سنين طويلة، مع العلم أن الشركات والمعامل والورش الصناعية التابعة للمؤسسة الواحدة تعاني من تراكمات للمسائل البحثية التي لم تطرح حتى تاريخه، وإن طرح بعضها يواجه أصحابها صعوبات كثيرة في إيصال فكرة البحث وخططه وهدفه إلى الجهات صاحبة العلاقة.

وأوضح الباحث الذي كُلِّفَ بمهام بحثية لم ترى النور أنه لكي تتوافر الظروف الملائمة للقيام بالبحث العلمي الصناعي القابل للتطبيق المباشر وأحيانا غير المباشر، والذي يتمتع بأفق مستقبلي من جهة، وبجدوى اقتصادية ممكنة من جهة أخرى، لابد من إيجاد الصيغ العلمية والبحثية المناسبة بين المؤسسات الإنتاجية ومراكز البحث العلمي، وتكمن هذه الصيغة العلمية والبحثية في المعرفة الدقيقة لمجموعة المسائل البحثية ذات الطابع العلمي الصناعي في كل معمل وشركة وورشة تتبع للمؤسسات الإنتاجية، وأرشفة جميع هذه المسائل البحثية الصناعية وترتيبها وفقاً للأولوية والأهمية وإمكانية إجراء البحث ومدى تطبيقه ومجالات استخدامه، إضافة إلى بيان أي من الجهات العلمية والبحثية القادرة على القيام بحل مسألة أو مجموعة من المسائل البحثية المطروحة والفترة الزمنية القصوى والدنيا لإجراء البحث وبالتالي إيجاد الحل الكامل للمسألة البحثية وبيان مدى تطبيقها وآفاق تطورها، إلى جانب دراسة الطاقات العلمية والبحثية للموارد البشرية في كل مؤسسة ومدى توافر الآلات والتجهيزات والمواد الأولية اللازمة لحل المسألة البحثية أو حتى الابتكار والتطوير.

مضيفاً أنه في حال توافرت الصيغة العلمية والبحثية يمكن عندها التوقف على حجم كل مسألة من المسائل الصناعية المطروحة للبحث العلمي، وبيان مدى أهميتها ومدى توافر الخبرة البحثية والمواد الأولية والآلات والتجهيزات اللازمة وإمكانية إيجاد البديل، ودور هذا الحل في تجاوز واقع صناعي معين ووضع خطط مستقبلية طموحة.

هذا على مستوى القطاع العام....أما على مستوى القطاع الخاص، فلم يشأ أحد أصحاب المعامل أن يطور آلات معمله خاصة آلتي التعليب والتغليف اللتان صممهما أحد عماله بطريقة تقليدية بحيث تعملان بالحدود الدنيا من الجودة والسرعة المطلوبتين، انطلاقاً من قناعته أن الشكل لا يعكس المضمون فالأهم في العملية الإنتاجية – لديه - هو المنتج النظيف وغير المغشوش بغض النظر عن سير عملية تصنيعه وسرعتها بالإنتاج.. فما فائدة الاهتمام بمظهر الآلات دونما العناية بما تنتجه.. كونه يعمل وينتج بأقل ما يمكن من التكاليف الزائدة..!.

يفتقد هذا الصناعي – رغم جودة إنتاجه المرغوب في السوق المحلية - إلى الأفكار الجديدة والتطويرية التي من شأنها أن تعطي عجلة إنتاجه دفعاً كبيراً وتزيد في نهاية المطاف من أرباحه، بل ويرفضها مفضلاً الرضى بالحال دونما الدخول بدوامة التطوير والتحديث وما يترتب عليهما من تكاليف عالية تثقل كاهله، ولربما تكون في النهاية غير مجدية...(فعصفور باليد أفضل من عشرة على الشجرة)...على حد تعبيره..!.

ما سبق يظهر وبكل وضوح الفجوة الكبيرة بين البحث العلمي وصناعتنا المعتمدة بمعظم الأحيان على القوالب الجاهزة والمستوردة، وتبرهن كذلك على عدم ثقة صناعيّنا بما تبتكره عقول وأدمغة باحثينا من أفكار واختراعات يمكنها أن تضاهي ما يتمخض عن أدمغة نظرائهم في الخارج، لذلك يأبى كثيرٌ من مبدعينا العودة لأوطانهم بعد إتمام دراساتهم في بلاد الاغتراب، ويهرب معظم من يمتلك الخبرات العلمية المحلية العالية للخارج إما للعمل أو لإتمام الدراسة، والشواهد على ذلك لا تُعدُّ ولا تُحصى..!.

ونخلص بالنهاية إلى نتيجة مفادها أن هناك حالة طلاق بين البحث العلمي والفعاليات الاقتصادية بشكل عام والصناعة بشكل خاص، وذلك لعدم وجود ثقة بين الطرفين، نتيجة عدم امتلاك كل طرف الصورة الإيجابية عن الطرف الآخر، فأصحاب المؤسسات الإنتاجية والخدمية ينظرون للباحثين على أنهم مجرد أكاديميين يعملون بأمور نظرية لا تمس الواقع، أما الباحثون فينظرون لأصحاب الفعاليات الاقتصادية بأن همهم الأول جمع المال والبحث عن الربح السريع..!.

المصدر: صاحبة الجلالة

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك