الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

بطاطا بالزيت..!؟

الاقتصاد اليوم:

أن يحلّق سعر البطاطا ليلامس 450 ليرة للكيلوغرام، بينما يسترخي المعنيون مُنكبّين على مناقشة مُسوّدة استراتيجية وطنية لتطوير القطاع الزراعي أمام لجنة رسم السياسات الاقتصادية، ذلك خيرُ دليلٍ على الانفصام عن الواقع الذي يعيشه المؤتمنون على قوتنا وأمننا الغذائي، الذين لم يجشّموا أنفسهم عناء معاينة ميدانيّة لحواكير الواقع حرصاً على ياقاتهم البيضاء.

وأن يحلّق سعر زيت الزيتون ليلامس الـ2000 ليرة للّتر الواحد وفق دراسة أعدّتها مديرية دعم القرار في رئاسة مجلس الوزراء، لواقع أسعار السّلع والمواد الأساسية، خلصت فيه إلى ارتفاع أسعار مجمل السّلع والمواد الغذائية خلال عام، أي للفترة بين شباط 2017 ونظيراتها من عام 2016، وبنسبة ارتفاع بلغت 52.6%، مُعلّقة الأسباب على مشجب الأزمة، وتراجع الإنتاج بشكل أساسي، ما أثار حفيظة مسؤولي تجارتنا الداخلية، واستدرج تصريحات تلوّح بالاستيراد حلّاً، في حال استمر التحليق بأسعار المادة، وأنّ نيّة الاستيراد ضمن مروحة خيارات الحكومة، التي عزت مديرية دعم قرارها هذا التّحليق إلى تراجع إنتاج الزيتون، لهو أمر يضع أيضاً وزارة الزراعة في مرمى السّؤال عن واقع غيابها الميداني والحقلي وعدم استشرافها المبكر “المفترض” لمآلات محاصيلنا الاستراتيجية، ومن ثمّ في قفص الاتهام من خلال تأسيسها للمشكلات -كحالة البطاطا والزيتون كأنموذجين- وترحيلها لاحقاً إلى وزارات أخرى، وعدم قيامها كأضعف الإيمان بقرعٍ مبكرٍ لجرس الإنذار ليتسنى لوزارات أخرى -كالاقتصاد مثلاً- تحصين المنتج بعدم منح إجازات لتصديره ما دامت كمياته لا تفي بحاجة القطر منه، ودرءاً للوصول إلى مرارة استيراده، وما تستبطن من “عيب مشين” في عُرف من يجهل ألف باء الاقتصاد، أو تعكس من “تخبّط” في رسم السياسات الاقتصادية.

ولا يخفى على أحد أنّ السّماح بتصدير منتج محلي غير فائض عن حاجة السّوق المحلية، سيؤدّي حتماً إلى ارتفاع أسعاره، وهذا ما كان فعلاً في ظل إحكام قلّة من التّجار قبضاتهم على تسوّق المادة، سواءٌ ما كان منها للسوق الداخلية أم الخارجية ليلامس سعر الكغ ما يفوق قدرات محدودي الدّخل من السّوريين على شرائه.

وإذا ما علمنا أنّ المستهلك المحلي يدفع لقاء الكغ من زيت الزيتون المنتج محلياً سعراً أعلى بنسبة 12% من مستويات الأسعار العالمية، وسعراً أعلى بنسبة 26% من السعر الذي يجري بموجبه تصدير زيت الزيتون للخارج؛ يغدو من الملحّ بمكان إعادة النّظر في إجازات تصدير زيت الزيتون وغيره من المواد القليلة الوفرة في أسواقنا الشديدة الطّلب، على التّوازي مع العزوف عن استيرادها الذي يرتّب مزيداً من الارتفاع في أسعارها، والوقوف على حاجة السوق المحلية عبر مؤسسات الدولة من خلال شرائها وتخزينها وتسويقها، وضرب مافيا الاحتكار بيد من حديد.

والحال أنّ محدودي الدخل، بجيوبهم المثقوبة، ما عادوا يكترثون بما يُردّده مسؤولونا الزراعيون من ديباجات ومعلّقات رؤى واستراتيجيات، تفتقر إلى ميكانزمات ربط قطاراتها بسكّة الواقع، لتدخل في نفق الشّعارات التي ملّ الجّمهور سقايتها وسئم انتظار ثمارها.

البعث

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك