الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

بعيداً عن جيوب ذوي الدخل المحدود...أكاديميون يوضحون المطارح الضريبية التي تحقق موارد للخزينة

الاقتصاد اليوم:

الخدمات المقدمة للمواطن دائما تكون عرضة لقرارات ارتفاع الأسعار رغم عدم رفع جودتها، ففواتير الهاتف باتت مرتفعة كثيرا ومحملة بالضرائب والرسوم أكثر من أجور المكالمات، وفواتير الكهرباء ليس أفضل حالا، رغم التقنين الكهربائي الطويل، وفواتير المياه أيضا، فالقرارات الحكومية الخاصة برفع الأسعار لا تجد طريقها إلا على جيوب ذوي الدخل المحدود، فتارة أجور النقل وتارة أجور الإنترنت وأخرى أجور المكالمات الخلوية، وسابقا المحروقات..وهكذا تستمر هذه القرارات التي زادت من الأعباء الاقتصادية على المواطن.

ولا شك أن الخزينة العامة تعاني من ضغوط مالية كبيرة نتيجة الحرب الإرهابية التي تشن على سورية الحبيبة، وخاصة في ظل تقلص الإنتاج المحلي على مختلف القطاعات، والعقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على الاقتصاد السوري، ولكن الحكومات المتعاقبة لم تأخذ إلا الطريق الأسهل لرفد الخزينة العامة، وهي برفع أسعار الخدمات التي تمس معظم شرائح المجتمع “المعدوم والفقير والغني” دون أن تكلف نفسها البحث عن مطارح ضريبية أخرى تمس الطبقات الغنية التي زادت غنى على حساب الطبقات الأخرى.

ولو لمرة واحدة

الباحث الاقتصادي الدكتور نضال طالب لفت، أن الإجراءات التي تقوم بها الحكومة في رفد الخزينة العامة عبر رفع أسعار خدماتها التي تمس شريحة ذوي الدخل المحدود تعتبر إجراءات غير محقة، ولكنها مجبرة بنفس الوقت على ذلك، فالحكومة تستسهل في البحث عن مطارح ضريبية التي عليها طلب كبير من المواطنين، مثل الخبز والمحروقات والاتصالات، ولكن رفع أسعار هذه الخدمات غير مبرر أبدا، لأنه يوجد نسبة أرباح كبيرة في هذه القطاعات، فمثلا، أسعار المحروقات، هناك انخفاض عالمي كبير بأسعار المحروقات، ولكن ما نجده أن الحكومة تعمل بين الحين والأخر على رفع أسعار المحروقات محليا، وهذا انعكس على أسعار السلع والخدمات الأخرى التي يحتاجها المواطن بشكل يومي، وخاصة أن المواطن يعاني من ضعف في الدخل، فلا يوجد دخول كافية مقابل رفع سعر المحروقات لذا نجد أنه من الضروري على الحكومة أن تبحث عن مطارح ضريبة بعيدة عن جيوب ذوي الدخل المحدود وبعيدا عن السلع الأساسية الخاصة به.

بالمقابل رأى الدكتور غسان إبراهيم، مدرس في كلية الاقتصاد جامعة دمشق، أن خزينة أيّة دولة جيوب رعاياها، متسائلا: جيوب الفقراء أم جيوب الأغنياء ؟، حكومتنا تناست أو تجاهلت , تماما , الجيوب الثانية ! فإذا كانت بحاجة إلى المال لسدّ حاجاتها , فلماذا , ودائما , تلجأ إلى الجيوب الأولى ؟ !.

وأكد الدكتور إبراهيم إلى أهمية أن تتوجه الحكومة, ولو لأول مرّة , إلى الجيوب الثانية.

رفع رؤوس أموال المصارف

والسؤال هنا الذي يطرح نفسه، هل هناك مطارح ضريبية يمكن أن تتوجه لها الحكومة لرفد الخزينة العامة بدلا من رفع أسعار الخدمات التي تمس الحاجات الأساسية للمواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود.

الدكتور نضال طالب لفت إلى أنه يمكن للحكومة أن تقوم بزيادة رؤوس أموال المصارف وشركات الصرافة، فرؤوس أموال هذه المصارف لم تتغير منذ نحو 10 أعوام، ويجب أن يتم رفع رأسمالها نتيجة التضخم، وهذا من شأنه أن يرفد الخزينة العامة.

أيضا يمكن أن تركز الحكومة على تفعيل دوران العجلة الإنتاجية المحلية، فهناك مناطق آمنة يجب تنشيط القطاعات الإنتاجية ضمنها، مثل الزراعة: فيجب منح محفزات للمزارع لكي يتمسك بأرضه وينتج ودعم الفلاح وخاصة في ظل الظروف الراهنة وفي حال تذليل صعوبات عمل الفلاح فإنه سيمنح إنتاج وبالتالي سيرفد الاقتصاد ومؤخرا سيرفد الخزينة العامة، أيضا ينطبق ذلك على القطاع الصناعي المحلي، سواء القطاع العام أو الخاص فالقطاع الصناعي العام يجب أن تعمل الحكومة على تشغيل الشركات المتوقفة ودعمها وتقديم التسهيلات لها لكي تقدم إنتاجا منافسا في السوق المحلي، وبالنسبة للقطاع الصناعي الخاص فيجب منحه محفزات حقيقية لجذبه للاستثمار وليس فرض ضرائب ورسوم عليه، أي يجب أن يكون قانون الاستثمار الجديد محفزا بشكل واقعي وليس قانون لفرض الضرائب على المستثمر الخاص.

ونوه طالب أن ما يحدث على ارض الواقع هو على عكس ما ذكر، ونخشى أن يطال ارتفاع الأسعار السلع والخدمات الأخرى الخاصة بذوي الدخل المحدود.

ضرائب المساكن الفارغة

الدكتور غسان إبراهيم رأى أنه لرفد الخزينة العامة بعيدا عن جيوب الفقراء:  يجب فرض ضرائب على أنشطة الأغنياء أولا ثم التجار ثم الإرث والتركات ثم الصناعيين وأيضا المساكن الفارغة….الخ.

وبالنسبة لما يقولوه الصناعي بأن فرض الضرائب عليه يعاكس تشجيع الصناعة المحلية واستمرارها ويرفع من تكاليف الإنتاج، وأنه في حال رفع الضرائب عليه سيعكس ذلك على أسعار المنتج النهائي وبالتالي رفع أسعاره على المستهلك، أي أن الزيادة في الضرائب سيأخذها من جيوب المستهلكين، قال الأكاديمي إبراهيم: فليكن !ولترفع الأجور !، وعن كون الأجور لا ترفع للقطاعات غير المنظمة وخاصة القطاع الخاص، لفت إلى أنه عندما يكون الاقتصاد الرسمي منظما, سيختفي غير المنظم، فنحن المستهلكون , ونحن الأكثرية الساحقة, مقارنة بمالكي السلع من تجار ……الخ.

الضريبة الموحدة

الدكتور فايز بيضون مدرس و محاضر في معاهد وجامعات القطر لمقررات المحاسبة في جامعات القطر لفت، أن المطارح الضريبية التي يمكن أن تحقق رفدا للخزينة العامة بعيدا عن جيوب ذوي الدخل المحدود كثيرة، وأهمها: ضريبة أرباح المهن و الحرف الصناعية و التجارية و غير التجارية بشقيها الأرباح الحقيقية و الدخل المقطوع، أيضا ضريبة ريع رؤوس الأموال المتداولة، ضريبة ريع العقارات و العرصات، ضريبة غير المقيمين ضريبة التركات و الهبات و الأيلولة.

ولفت إلى أهمية أن يراعى التوسع بالإعفاءات التي تتعلق بذوي الدخل المحدود كالضريبة على الرواتب و الأجور و رسم الإنفاق الاستهلاكي وأخيرا أنا مع الضريبة الموحدة لكافة فعاليات و نشاطات المكلف .

وأضاف “يضاف لما ذكرته ضريبة ريع رؤوس الأموال المتداولة ولكن اكرر القول أنا مع الضريبة الموحدة، والاهم الضريبة على القيمة المضافة أو الضريبة على المبيعات على أن يراعى الالتزام بالفوترة وهي من الضرائب غير المباشرة”.

ونوه إلى أن جميع الضرائب التي ذكرتها معمول بها حاليا باستثناء الضريبة الموحدة و ضريبة القيمة المضافة فهما غير معمول بها في سورية وهما ضريبتان هامتان ولهما مزاياهما، (فبرأيي أنه يجب الأخذ بالضريبة الموحدة  و بالضريبة على القيمة المضافة بعد التهيئة لعملية الفوترة تدريجيا).

في الختام نود القول بأن هناك الكثير من الموارد التي يمكن أن تستفيد الحكومة منها وتحقق موردا للخزينة العامة، كما هو مذكور أعلاه، أيضا يضاف إلى ذلك يمكنها أن تخفض من الهدر الحاصل في المؤسسات العامة سواء من حيث المحروقات أو الآليات أو الكهرباء والماء، وأيضا مكافحة التهرب الضريبي بالإضافة إلى مكافحة الفساد في جميع أشكاله وهو الأهم لأن الفساد يضيع على الخزينة العامة موارد كبيرة هي أحق بها من جيوب الفاسدين.

سينسيريا

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك