الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

بقلم الباحث محمد الرويم: دمج وزارتي الاقتصاد والصناعة..والتجربة اليابانية

الاقتصاد اليوم ـ خاص:

تعتبر النهضة الاقتصادية اليابانية الثانية التي بدأت بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية عام 1947 تجربة فريدة في الجزء الشرقي من العالم و تستحق الدراسة والاهتمام لما حققته من انجازات اقتصادية وعلمية واجتماعية ترقى إلى حد الوصف بالمعجزة والتي من خلالها تحولت اليابان من دولة خاسرة ومنكسرة في حرب كبيرة دمرت معظم بنيتها التحتية وجعلتها تعاني اقتصاديا من تبعات كثيرة من انخفاض قيمة العملة الوطنية إلى ارتفاع معدلات البطالة وانهيار الصناعة وتراجع الصادرات ومعدلات تضخم عالية و ارتفاع في اسعار السلع إلى دولة تتصدر المرتبة الثانية أوالثالثة في معظم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية وبحيث أن كل تلك الاثار السيئة التي خلفتها الحرب على الاقتصاد لم تدم طويلا و تمكنت اليابان من تحقيق معدل نمو بلغ ما يقارب 14% سنوياً بعد عام 1947 وذلك بفضل مجموعة من السياسات والاجراءات والتي سنشير الى بعضها باختصار شديد في النقاط التالية :

1.  اصلاحات هيكلية على المستوى الاقتصادي شملت دمج وزارتي الصناعة والاقتصاد وتوحيد عملها من اجل تحقيق مستوى اعلى من التنسيق بين سياسة التطوير الصناعي وسياسة التصدير حيث تعتبر الصناعة والتصدير عمليتان متكاملتان ولا يمكن  لاحداهما أن تتطوربدون الاخرة فالصناعة تحتاج الى تصدير والتصدير يحتاج الى صناعة .

2.     مستوى عالي من التنسيق يبق الحكومة و القطاع  الخاص يهدف لتوحيد الجهود وزج كل الطاقات باتجاه النهوض بالصناعة اليابنية بالاعتماد على البحث العلمي  والاهتمام بالجودة و التقانة  وتطويراستراتيجة صناعية وتسويقية تعتمد على انتقاء اسواق التصدير الملائمة (اسواق كبيرة وذات قدرة شرائية مرتفعة خصوصا اوربا والولايات المتحدة) وتحديد حاجة هذه الاسواق وتحديد الاولويات الصناعية وتقديم الدعم للتصنيع بناء على هذه الاوليات
                                                                                                                                سورية والتجربة اليابنيةا ن الظروف التي تعيشها سوريا اليوم اشبه ماتكون بظروف اليابان بين عامي 1945 و 1947 لابل ان الوضع الاقتصادي السوري افضل من عدة نواحي:
                                                                                                     
•    لم تكن اليابان تملك اية موارد للطاقة أو الثروات الباطنية أما في سورية اليوم فبالرغم  من الضرر الكبير الذي لحق بقطاع
الطاقة والثروة الجيولجية الا انه لايزال يعمل لو بشكل ضئيل (اليابان كانت تستورد 99% من حاتجتها  للطاقة)
•    اليابان بلد نائي ومعزول جغرافية بينما سوريا تحتل موقع جغرافي هام جداً يربط بين ثلاث قارات ومعبر اجباري بين عدة
اسواق كبيرة
•    
تعرضت اليابان لدمار شبه كامل في البنية التحتية الصناعية والسكينة والخدمية بينما لاتزال التجمعات السكانية الكبرى في سوريا وعدد كبير من المدن الهامة بمنئى عن الدمار والخراب وتعيش مستوى من الاستقرار والامان ولايزال عدد كبيرمن المصانع يعمل أو في حالة تؤهله لاعادة العمل ومستوى القطاع الزراعي جيد نسبيا
             الدروس المستفادة من التجربة اليابنية

إن أي تجربة نهوض لشعب من شعوب العالم ما هو إلا نتيجة لتظافرعدد من العوامل التاريخية و التفاعلات الحضارية وانعكاس لطبيعة المجتمع الثقافية والسياسة وبالتالي لست من دعاة تطبيق أي نموذج عالمي على الواقع المحلي بشكل مجرد ودون مراعاة الظروف والعوامل المحلية إلا أني أوجه الدعوة إلى الاستفادة من ايجابيات أي تجربة ناجحة فذلك ليس عيباً خصوصاً إذا علمنا أن اليابان نفسها استفادت كثيراً من تجربة النهضة العلمية والتقانية الاوربية وتفوقت عليها مع نجاحها في المحافظة على خصوصية المجتمع الياباني والتعامل مع ضغوط العولمة بحنكة بالغة. لذلك سنركز على بعض النقاط التي يمكن الاستفادة منها في أي تجربة نهضة اقتصادي في سورية

1- دمج وزارتي الصناعة والتجارة الخارجية أو تنسيق عملهما بأي طريقة كانت و لذلك لتوحيد استراتيجيات التصنيع والتصدير وجعل التجارة الخارجية في خدمة الصناعة والصناعة ملائمة وداعمة للتصدير .

2- تنسيق جاد وفعال وعالي المستوى للعلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص يشكل يوحد الجهود باتجاه بناء قدرة صناعية ذات قوة تصديرية وقيمة مضافة عالية وتفعيل عوامل الجودة  والبحث العلمي و الوظيف التقاني .

 3- دراسة سياسة التقشف الحكومي من خلال تحديد اولويات الانفاق في الموازنة العامة للدولة بحيث يتم ترشيد جدي وفعال للانفاق  الجاري الاستهلاكي واعادة زيادة الانفاق الاستثماري تدريجيا وباتجاه دعم القطاع الصناعي العام ودراسة جدية لزيادة الاجور بشكل يسهم في زيادة الطلب الكلي للطبقات الفقيرة والمتوسطة

 4- جعل سياسة ترشيد الاسيراد اكثر جدوى و تسخيرها في خدمة الانتاج بشقيه الزراعي  والصناعي  من خلال تسهيل تام لتدفق المواد الاولية ومستلزمات الانتاج والآلات والاعلاف ووضع خطط قطاعية واقليمية لتنشيط الانتاج الزراعي والصناعي وفتح الاسواق العالمية المجدية وخصوصا لدى الدول الصديقة لسوريا (روسيا - الصين - الهند - افريقيا - امريكا الجنوبية -  الدول العربية الداعمة لسورية والمؤيدة لموقفها(

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك