الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

بقلم الباحث محمد رويم: التخطيط الاقتصادي في مواجهة الازمة..رؤى ومقترحات

الاقتصاد اليوم ـ خاص:

يعرف التخطيط الاقتصادي على انه توجيه الدوله للاقتصاد مركزياً تحقيقاً لاهداف عامة تتعلق بالانتاج والاستهلاك والتوزيع والاستثمارخلال فترة زمنية معينة وذلك عن طريق تعبئة الموارد المادية والمعنوية للمجتمع والافراد وذلك لاشباع حاجاتهم.

ويتدرج التخطيط الاقتصادي من حيث شدته بحسب النظام الساسي والاقتصادي للدولة من تخطيط بيروقراطي شديد المركزية ( الاتحاد السوفييتي منذ عام 1920) إلى تخطيط تاشيري وتوجيهي حيث يكون تدخل الدولة في حدوده الدنيا وبشكل غير مباشر(الدول الرأسمالية في اوروبا الغربية بعد ازمة الكسادالكبير عام 1929).

وفي سوريا توالت الخطط الخمسية منذ عام 1970 وصولاً إلى الخطة الخمسية الحادية عشرة  وألتي غطت الفترة للأعوام (2011-2015) والتي يصعب الحديث عن اي تقييم او مراجعة للاهداف والمؤشرات الواردة فيها في ظل انهيار كل تلك المؤشرات والاهداف امام وطأة الازمة التي عاشتها البلاد ولا تزال.

 فالحديث عن معدل النمو (7%) ومعدل بطالة أقل من (10%) ومعدل تضخم دون (5%)   والمحافظة على استقرار العملة الوطنية ودعم ميزان المدفوعات وزيادة الاستثمار بات ضرباً من الخيال في ظل تراجع معدل النمو الى (-19%) في عام 2015 وارتفاع معدلات التضخم والبطالة إلى مستويات خيالية وتدهور سعر صرف العملة الوطنية من (47ل.س) للدولار عام 2010 إلى ما يفوق (400 ل.س ) للدولار في عام وهذا أمر طبيعي إذا ما علمنا أن تلك الخطة تم إعدادها في عام 2010حيث لم يكن  لاحد أن يتنبأ  بما سيحدث لاحقاً.

 ولكن إذا كان التغاضي عن التخطيط الاقتصادي ونتائجه  مبرراً خلال السنوات الماضية  نظراً لصعوبته فإن ذلك لم يعد ممكناً من الآن فصاعداً إذ يتوجب على الحكومة استئناف عملية التخطيط الاقتصادي  ذلك لاسباب التالية :

 التقدم الكبير والانتصارات التي حققها جيشنا الباسل على الارض واتساع رقعة الاراضي العائدة الى حضن الوطن وآخرها في حلب القلب النابض للاقتصاد السوري يحتم علينا العودة الى إدماج تلك المساحات والقطاعات في الاقتصاد الوطني من خلال تخطيط منظم.

 عودة عجلة النشاط الاقتصادي الى الدوران وتحسن مجمل المؤشرات الاقتصادية في عام 2016 وحالة التكيف العام للاقتصاد مع ظروف الازمة يحتم ضرورة العودة الى العمل التخطيطي لدفع تلك العجلة وضعها على مسارها الصحيح .

 عودة الحراك الدبلوماسي والسياسي الدولي باتجاه دمشق والاعتراف الضمني  بفشل الدول المعادية في اسقاط الدولة السورية ينبئ بقرب عودة الانفتاح الاقتصادي والتخفيف من حدة المقاطعة والعقوبات على أقل تقدير يحتم على الدولة السورية الاستفادة من تلك العودة لإستعادة دور سوريا  في التجارة الدولية ومحاولة إعطاء دفعة لحركة التصدير بما يدعم عجلة الانتاج المحلية.

 بيان عمل الحكومة الجديدة المقدم  إلى مجلس الشعب مؤخراً يحمل مجموعة من الرؤي الاقتصادية الواقعية والعملية والتي تحتاج الى عمل تخطيطي رديف يساهم في انجازها على أرض الواقع وبالشكل والمستوى المطلوبين.

 مقترحات حول المبادئ  التوجيهية العامة للتخطيط الاقتصادي في المرحلة الحالية
   يقدر حجم الضرر الذي لحق بالبنية التحتية المادية بما يزيد على 75ملياردولار عدا الضرر الذي لحق بالممتلكات الخاصة كما أنه يجري الحديث عن حاجة الاقتصاد السوري الى استثمار اكثرمن180ملياردولار للعودة بمعدل نمو الناتج المحلي إلى مستوى ماقبل الازمة وفي ظل صعوبة تأمين هكذا مبالغ خلال الفترة الحالية والمستقبل المنظور لذلك لايجب التعويل كثيراً على دور الموازنة العامة والمالية العامة أو وسائل التمويل المحلية في عملية التخطيط الاقتصادي ويجب تعويض هذا القصور من خلال الاعتماد على المبادئ التوجيهية التالية :

الاستثمار الامثل للموارد المتاحة : (- الموارد البشرية الفكرية والعضلية من إطلاق عملية جاده للاصلاح الاداري والاستفادة من الكفاءات الادارية ورفع مستواها وتشجيع المبادرة الفردية في العمل ودعمها وتشجيع المشاريع الانتاجية ذات الكثافة العمالية الخاصة والعامة)  (- الموارد المالية تشجيع الادخار وثقافة الادخار المصرفي للاستفادة من هذه المدخرات في تمويل المشروعات العامة والخاصة عن طريق سندات الخزينة  ومشاريع الشركات المساهمة العامة والخاصة) (-الموارد والثروات الطبيعية من خلال افتتاح مشروعات زراعية وسكنية في الاراضي غير المستثمرة والاستفادة من الثروات المائية المهدورة في بعض المناطق وتشجيع مشاريع إنتاج مواد البناء والاسمنت والسماح بتصديرها وزيادة الاستثمار في الثروة السمكية والحيوانية والدواجن ومشتقاتها ومشاريع الطاقة البديلة ومشاريع إعادة التدوير.

 زيادة انتاجية الموارد المذكورة اعلاه (- الموارد البشرية من خلال مراجعة سياسية التوظيف والاجور والتحفيزفي القطاع العام بحيث يتم ربط الحافز المادي بزيادة الانتاج) (- الموارد المالية من خلال تشجيع المشاريع ذات الاستخدام العالي للتكنولجيا والمكننه والاستفادة من مزايا إقتصاد الكم في المشاريع الكبرى التي تسهم في توفير الكلف المادية للانتاج وتوسيع الشق الاستثماري في الموازنة العامة لصالح المشاريع الانتاجية وتحسين الاجور ) (-الموارد الطبيعة زيادة انتاجية الاراضي ضمن وحدة المساحة والتخطيط  العمرانيى الذي يحقق اعلى إستغلال لوحدة المساحة وزيادة كفاءة الموارد المائية)

 تقليص الاعتماد على التخطيط الشامل نظراً لصعوبات الحصول على مؤشرات تحديد الواقع وصعوبة تحديد الاهداف والمؤشرات المستقبلية الشمولية للاقتصاد وصعوبة التحكم بوسائل التنفيذ والاستعاضة عن ذلك بأساليب تخطيط اكثر نجاعة في ظل الاوضاع الراهنة ومن ذلك :

- اعتماد التخطيط القطاعي
القطاع الزراعي ( الزراعات الصناعية - الزراعات الغذائية الاساسية - الزراعات العلفية)


القطاع الصناعي العام ( مبدأالانتاج المكثف للمواد الغذائية الاساسية - حيوانية دواجن ومشتقاتها )

القطاع الصناعي الخاص ( مبدأ الانتاج ذو القيمة المضافة العالية والقوة التصديرية)

القطاع الخدمي (سياحة - نقل- خدمات مالية ومصرفية....الخ(
 
اعتماد التخطيط الاقليمي في اطار التخطيط القطاعي أي توزيع الخطة القطاعية اقليمياً بشكل يراعي المزايا النسبية لكل اقليم ( المناخ - البعد والقرب من التجمعات السكانية الكبرى- مدى توفر البنى التحتية الخدمية - توفر البنى التحتية الصناعية و حجم التكوين الرأسمالي)

وأخيراً نقول إن حالة التوازن والتكيف عند نقاط جديدة للاقتصاد السوري تقتضي منا مضاعفة الجهود للإستفادة من حالة التعبئة التي يشهدها والانطلاق نحو المستقبل ولكن على مرتكزات جديدة اكثر قوة وصلابة من خلال عمل تخطيطي واقعي ومحترف يحول كل التهديدات إلى فرص والعثرات إلى دروس ثمينه ويسخر كل طاقات المجتمع المادية والفكرية لتحقيق المعجزة السورية في ظل قيادة حكيمة وحمى جيش باسل وجهد وفكر شعب مكافح عظيم لم يعرف الانكسار يوماً.

محمد الرويم - باحث إداري واقتصادي
mroaim@gmail.com

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك