الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

تصدير الأغنام..وحلم اللحوم لذوي الدخل المحدود!

الاقتصاد اليوم ـ صحف:

أصدر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، همام الجزائري، قراراً، سمح بموجبه بتصدير 4 آلاف رأس من ذكور الأغنام، وذكور الماعز الجبلي (الجدايا)، وهي الدفعة الثانية التي يتم الموافقة على تصديرها خلال الشهر الجاري، إذ كانت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، وافقت الشهر الماضي على تصدير 4 آلاف رأسٍ من ذكور الغنم العواس، والماعز الجبلي، أسبوعياً، ضمن ضوابط، وشروط محددة، تُراعى فيها أسعار السوق، وتربطها بوسطي سعر اللحوم.

مؤخراً عقد اجتماع في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية لدراسة إمكانية تعديل قرار وزارة الاقتصاد الخاص بتصدير ذكور الأغنام وذكور الماعز الجبلي الجدايا، وخرج الاجتماع بالموافقة على السماح بتصدير 2000 رأس من ذكور الأغنام من محافظة حلب، بسعر تصديري وصل إلى30.2  ألف دولار، إضافة إلى أنه وصل السعر التصديري للأغنام المراد تصديرها من محافظة ريف دمشق وعددها 2000 رأس إلى30.5  ألف دولار، وذلك بناءً على عملية المفاضلة التي تم إجراؤها للطلبات المقدمة، وبالطبع هذا القرار أثار حفيظة العديد من المتابعين، كما هو الحال في كل عام، لأن التصدير من شأنه أن يرفع أسعار المادة في السوق المحلية كما هو الحال في الخضار والفواكه التي جنت أسعارها بشكل غير منطقي، إلا أن وزارة الاقتصاد في تصريح لها مؤخراً أشارت إلى أن الوزارة اعتمدت ضوابط جديدة لتصدير الأغنام بهدف مراعاة أسعار السوق وربط التصدير بوسطي سعر اللحوم في الأسواق المحلية، وإقرار مؤونة التصدير المقررة بالليرات السورية، من خلال تنظيم تعهد القطع الأجنبي لمصلحة مصرف سورية المركزي، لتحسين سعر الصرف في السوق المحلية، وستقوم وزارة الاقتصاد بتقييم الضوابط بما فيها الكميات المصدرة أسبوعياً وزيادة هذه الكميات أو إنقاصها بحسب وضع الأسعار في السوق المحلية، وحجم الإنتاج من خلال لجنة فنية قبل رفعها إلى اللجنة الوزارية العليا لإقرار التعديل المناسب.

ويأتي هذا الإجراء وفقاً لمصدر في وزارة الاقتصاد بهدف الحد من تهريب الثروة الحيوانية وتحفيز المربين على الاهتمام بتربية الحيوانات والتركيز على الحفاظ على الإناث منها مع الاستفادة من قطع التصدير.

وبالطبع في حال عدنا إلى العام الماضي أو الذي قبله أيضاً، فإن وزارة الاقتصاد أكدت أن قرار السماح بتصدير ذكور الأغنام والماعز الجبلي، لن يؤثر في الأسعار المحلية للمادة، (على اعتبار أن التصدير كان متوقفاً في الفترات الماضية ولم تسلم اللحوم من ارتفاع أسعارها)، بمعنى أن أسعار اللحوم مرتفعة في الأسواق المحلية سواء جرى تصدير الأغنام أم لم يجر، ولهذا لن يؤثر على الأسعار، وهنا نسأل: كيف اعتُمد قرار التصدير؟ وهل سيؤثر على أسواقنا المحلية، وخاصة أن مادة اللحوم الحمراء أصبحت مادة يحلم بها ذوو الدخل المحدود بأن تكون على سفرهم، فكيف هو الحال في حال التصدير وارتفاع أسعارها أكثر؟!

هناك من رأى أن القرار إيجابي ولن يؤثر على أسعار اللحوم أو الثروة الحيوانية في سورية، وأنه سيدعم المربي ويجلب القطع الأجنبي للبلاد، في حين بالمقابل هناك من رأى أنه بمجرد دراسة هذا القرار وليس إصداره ارتفعت أسعار اللحوم في الأسواق، وأن السوق المحلي متعطش للحم العواس ولذلك لا تزال أسعار هذه اللحوم مرتفعة، وأن القرار من شأنه أن يؤثر على الثروة الحيوانية في سورية.

متابعون وجدوا أن الأسعار التي اعتمدت في تصدير رؤوس الأغنام تهدف لدعم المربي، وخاصة أن الأغنام في سورية لا يوجد لها مثيل في العالم واصفاً إياه بأنه (وردي) وعليه طلب كبير جداً في الأسواق الخارجية، إلا أن الحكومة تقنن الطلب عليه خارجياً وتفتح الاستيراد في فترات معينة لدعم المربي.

وأشاروا إلى أن قرار التصدير لن يؤثر على أسعار اللحوم في السوق المحلية، لأن الكمية محدودة وليست كبيرة، مؤكدين أن تصدير الأغنام يعمل على مساعدة البلاد أيضاً، لأنه سيعمل على توريد قطع أجنبي لها، مما يعني قضاء حوائج أخرى بذا القطع الأجنبي سواء في استيراد مواد غذائية أو  استيراد الأعلاف وتطوير تربية الثروة الحيوانية أكثر في سورية.

وأشاروا إلى أن التهريب موجود ولا يتوقف أبداً، والذي يقوم بالتهريب يجني أرباحاً خيالية ومخيفة، ولكن عمليات التهريب لا تعود على الخزينة العامة بأي فائدة، لذا فإن التصدير من شأنه أن يقلل من عمليات التهريب، وهو يعتبر أيضاً أفضل من التهريب، لأن عوائده ستكون لخزينة الدولة.

في حين أكد البعض الآخر أن الثروة الحيوانية في سورية، تمر بمرحلة حرجة جداً، لذا من الأجدى عدم تصدير رؤوس الأغنام خلال هذه الفترة، لحين انتعاش الثروة من جديد، وأشاروا إلى أن وقف تصدير الثروة الحيوانية يجب أن يستمر على أقل تقدير لنحو ثلاث سنوات.

وأشار أحد المختصين، إلى أن وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي لا تملك إحصائية دقيقة عن الثروة الحيوانية في سورية، وهي تبني تقديراتها على أرقام تعود لسنوات سابقة، وبالطبع أرقام الثروة الحيوانية تغيرت كثيراً في ضوء الأزمة الحالية، فأصبح هناك تحرك للقطعان ونقص في عدد الرؤوس، وارتفاع في تكاليف التربية، وتهريب للقطعان أيضاً إلى الدول المجاورة، مما يجعل إحصاء الثروة الحيوانية في سورية من الأمور الصعبة جداً في ظل الظروف الحالية، وبالتالي فإن السماح بالتصدير اعتماداً على أرقام سابقة يعتبر إجراء اقتصادياً غير دقيق، وقد يؤثر على الثروة الحيوانية، على الرغم من أن التصدير يدعم المربي، ولكن أيضاً يمكن دعم المربي بأمور أخرى غير التصدير من خلال تأمين أعلاف له بأسعار مقبولة خلال فترة الشتاء، لأنه في الصيف يعتمد على المراعي، مع الإشارة إلى أن المراعي لا تكفي وحدها في تعليف الثروة الحيوانية، فلا بد من وجود الأعلاف، وللأسف فإن أسعارها مرتفعة جداً.

كما لفت إلى أن أسعار اللحوم حالياً قد تشهد ارتفاعاً إضافياً في أسعارها، لأن التصدير سيرفع أسعار كيلو لحم العواس الحي، وسيتجه معظم المربين للتصدير، لأنه أربح من البيع في السوق المحلية، وبالتالي سينعكس ذلك على السوق المحلية من حيث الأسعار.

وختم قائلاً: التصدير يعتبر أمراً ضرورياً كونه يحافظ على أسواق خارجية ويجلب القطع الأجنبي للبلاد، ولكن بالطبع أي عملية تجارية يجب أن تقوم على إحصائيات دقيقة وليس على أرقام أصبحت مخالفة للواقع، كما يجب دراسة حاجة السوق المحلية قبل دراسة حاجة الأسواق الخارجية أيضاً، وإحداث نوع من التوازن بين متطلبات السوقين بحيث لا يؤثر أحدهما على الآخر.

وهنا نسأل: هل ستوقف وزارة الاقتصاد تصدير الأغنام في حال ارتفعت أسعارها في الأسواق المحلية؟.. في حال ستقوم باتباع هذا الإجراء فإن أسواقنا ذات حساسية عالية، فقبل صدور قرار التصدير ترتفع الأسعار..فكيف ستواجه الاقتصاد هذا الأمر، وهل ستنجح في ذلك؟. ومن سيتابع أسعار الأسواق؟ وأخيراً هل الأسعار الحالية للحوم مناسبة لذوي الدخل المحدود؟.

يشار إلى أن التقديرات العامة تشير إلى وجود 20 مليون رأس غنم عواس في سورية تقريباً، لكن هذا الرقم تراجع في السنوات الماضية بنسبة 40%، ولاسيما سنوات الأزمة بسبب تهريبه إلى الخارج، لذلك تطرأ ارتفاعات دائمة على سعره بسبب عدم قدرته على تغطية حاجات السوق المحلية دائماً.

المصدر: صحيفة النور السورية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك