الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

تطويرالرقابة الادارية...رديف استراتيجي للاصلاح الاقتصادي وضرورة تفرضها الازمة

الاقتصاد اليوم: ـ خاص:

بقلم: محمد الرويم

 تكتسب الرقابة الادرية اهمية بالغة في ضمان حسن سير العمل الاداري وتوجيه التخطيط الاقتصادي في مساره الصحيح وتزداد اهمية تطوير العمل الرقابي في ظل الازمات أياً كان نوعها وعلى الأخص في أوقات الحروب  حيث تؤدي الخلخله التي تعتري هيكل الدول الاداري وضعف السيطرة في بعض القطاعات الى فتح شهية الفاسدين وزيادة جرأتهم على المال العام والاقتصاد الوطني معتقدين انها الفرصة الملائمة لملئ الجيوب والتهرب من المسائلة والعقاب.

من هنا تأتي اهمية تطوير مفاهيم العمل الرقابي واساليب ممارسته في أوقات الازمات فضلا عن أن هذا التطوير مطلوب اصلا وبشكل دائم في الاوقات الاعتيادية وفي كل زمان ومكان.  

  انواع الرقاية الادارية :

1.الرقاية الخارجية : وهي الرقاية التي تمارس من قبل أجهزة خارجة عن الادارة أو المؤسسة وتحدد اختصاصاها وآلية عملها بموجب قوانين وانظمة ثابته ويمارس هذا النوع في سوريا من قبل جهتين أساسيتين هما
-الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش
-الجهاز المركزي للرقاية المالية
ومن عيوب هذا النوع من الرقابة أنه يتسم بالروتين الشديد والنمطية واقتصاره على الرقاية الورقية ,والمستندية مع أن الفساد بمعضمه يقع خارج المستندات والاضابير . فضلاً عن محدودية إمكانات هذين الجهازين من حيث حجم ونوع الكوادر البشرية العاملة فيهما ومن حيث الاختصاصات العلمية والفنية خاصة في ظل تشعب مؤسسات الدولة وإداراتها وكثرة وتنوع وتعقيد اختصاصاتها.

2- الرقابة الداخلية : وتمارس من قبل الادارة نفسها على نفسها من خلال دائرة أو مديرية تسمى مديرية الرقابة الداخلية  ومن عيوب هذا الاسلوب أنه يعطي حق الرقابة للجهة نفسها على ذاتها الأمر الذي يجعل العمل يسير بإتجاه التراخي والاطمئنان إلى أن الادارة ستحاول التستر على أخطائها وأخطاء موظفيها الامر الذي يضعف الحافز بإتجاه التطوير وتصحيح المسارات وعدم تدارك الخلل حين وقوعه.

3- الرقابة الرئاسية : وهي الرقابة التي يمارسها الرئيس الاداري على مرؤوسيه في جميع درجات السلم الاداري ومن عيوب هذا النوع من الرقابة أنه عرضه للشخصنة والمزاجيه في ممارستها خصوصاً إذا كان من يمارس الرقابة غيرمدرك لأهميه موقعه الوظيفي ودوره في الحفاظ على حسن سير العمل الاداري . فيتم التغاضي عن الموظفين ذوي الحظوة لدى المدير حتى لو كانوا مخطأين في حين يتم معاقبة ولوم الموظفين غير المرضي عنهم على أتفه الاسباب وأدنى الهفوات .

4- الرقابة الذاتية : هي الرقابة التي يمارسها الإنسان على نفسه بشكل عام وفي كل تصرفاته ومنها عمله الوظيفي وهذا النوع يحتاج إلى الضمير الحي والوازع الداخلي الذي ينبع من ذات الموظف وأخلاقه وتربيته الاجتماعية وكفاءته .

مقترحاتنا لتطوير مفهوم وآلية الممارسة الرقابية:
- رفد الاجهزة الرقابية بالكوادر البشرية الكافيه من حيث العدد والمؤهلة من حيث الاختصاص وعدم إقتصارها على الحقوقيين والاقتصاديين لتشمل إختصاصات فنية وهنسية بما يمكنها من مواكبة تطور أعمال المؤسسات والادارات العامة من حيث الكم والنوع.

- الانتقال من رقابة الاجراء إلى رقابة الاداء : فرقابة الاجراء تهتم فقط بالمستندات والاوراق ونحن نعلم أن اخطر الفاسدين لا يتركون ورائهم اخطاء ورقية أو إجرائية تدينهم أما رقابة الاداء فتعني ان يكون المدير أو المسؤول الاداري مسؤول عن نجاح مؤسسته أو ادارته وتطورها ومدى تحقيقها لأهدافها بغض النظر عن سلامة أو عدم سلامة الاجراءات الورقية.

- ربط الرقابة بمبدأ الثواب والعقاب فالرقابة بمفهومها الصحيح تهدف ليس فقط إلى قمع الخطأ بل تهف بشكل أساسي إلى تشجيع المسار الصحيح والجيد ودعمه معنوياً على الاقل.

- ترسيخ الهدف الاصلاحي للرقابة وليس الهدف العقابي والابتعاد عن عقلية التشفي والتنكيل بالموظفين فالهدف هو حسن سير العمل وليس مجرد البحث عن أخطاء لنعاقب عليها.

- ترسيخ مبدأ شمولية العمل الرقابي ليضم كافة المستويات الادارية وعلى قدم المساواة بحيث لا تقتصر وطأته على صغار الموظفين والذين غالباً ما تنالهم أشد العقوبات في حين يكتفى بمجرد توجيه اللوم أو الاعفاء من المهام للمستويات الادارية العليا.
- ترسيخ مبدأ مسؤولية الاشراف بالاضافة إلى مبدأ مسؤولية التوقيع . فالعمل الاداري مسؤوليه وجداره لذلك لا يجوز إلغاء مسؤولية المدير لمجرد أن موظفين أدنى وقعوا قبله على المستند وإلا فوجود ذلك المدير من عدمه سواء.

- ترسيخ مبدأ الرقابة الوقائية بحيث يتم وضع معايير شفافه ونزيهه في التوظيف والترقية وإسناد الوظائف والمسؤوليات تضمن وصول الاشخاص ذوي الكفاءة والنزاهه إلى مواقع العمل والمسؤولية وبالتالي إزاحة الفاسدين والمهملين قبل وصولهم إلى مواقع يسيؤون إليها ويشغلون الاجهزة الرقابية بها (أي وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ) وهذا المبدأ هو أفضل أنواع الرقابة وأكثرها جدوى.

وأخيراً بقي أن نقول أنه لارقابة تعلو على رقابة الضمير.

محمد الرويم
باحث إداري وأقتصادي
رئيس دائرة الاستثمار في المنطقة الحرة- وزارة الاقتصاد
اجازة في الحقوق - شهادة عليا في الادارة العامة INA

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك