تعدّد الجهات المسؤولة عن الكشف المخبري للبضائع الواردة يفرز ازدواجية بنتائج التحليل
الاقتصاد اليوم:
ثمّة مشكلات تعترض عمل المخابر التحليلية في الحرم المرفئي تتمثل بتعدّد الجهات المعنية بالكشف المخبري، منها كلا المرفأين طرطوس واللاذقية، والمديرية العامة للجمارك، ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، فكل هذه الجهات تتوزع عليها مسؤولية سحب واختبار العينات على البضائع المستوردة، الأمر الذي يؤدّي بالمحصلة إلى تراخٍ وإهمال وفساد، ولا يحتاج هذا الموضوع إلى دلائل حيث تفضح نفسها “الأدوية المزوّرة، والإسمنت المغشوش، والأطعمة الفاسدة، والزيوت المخلوطة وغيرها من المواد المهرّبة”، الموجودة في الأسواق المحلية، وما دامت معابر الدخول متعدّدة فإن وجود هذه المواد المغشوشة في الأسواق لا يتحمل مسؤوليته جهة دون أخرى..!.
تضارب
اللافت أن مديرية المخابر المركزية في مرفأي اللاذقية وطرطوس، هي المسؤولة عن تحليل العينات العائدة للبضائع الواردة والمصدّرة من وإلى المرافئ، ومطابقتها للمواصفات القياسية السورية أو الدولية حسب المرسوم التشريعي رقم 20 لعام 2006 المتضمّن إحداث المنافذ الحدودية البحرية، إلا أن الجهات الأخرى المتمثلة في مخبر الجمارك والتجارة الداخلية تقوم بمصادرة وسحب عينات البضائع من مديرية المرفأين، وأحياناً بتحويل هذه العينات إلى مخابر خاصة، ولاسيما أنه يمكن فحص هذه العينات في مخابر المرفأ، الأمر الذي يظهر العشوائية في العمل المخبري. والغريب أن تحليل بعض العينات المسحوبة من البضائع للمادة نفسها تختلف أحياناً نتائجه من مخبر إلى آخر وبنسب عالية، الأمر الذي يحتم ضرورة تفعيل الرقابة وتوحيد العمل المخبري بشكل مركزي والابتعاد عن المصلحة الشخصية في اعتماد نتائج العينات.
دمج
مدير النقل البحري في وزارة النقل المهندس حسام الدوماني أشار إلى ضرورة دمج المخابر المركزية وتجهيزاتها مع بعضها وحصرها بإدارة موحّدة هي إدارة المرفأ، بينما يرى مدير عام الجمارك فواز أسعد أنه في حالة الدمج يفضّل أن تؤول إدارة عمل هذه المخابر إلى الجمارك لقدرتها على رسم البند الجمركي وبالتالي تحديد الرسم الجمركي على البضائع. وحول هذه الإشكالية في الأحقية علينا أن نسأل كيف يكون للجهة صاحبة الصلاحية الإفراج عن البضاعة أو عدم الإفراج عنها في إحالة العيّنات إلى المخابر وتحليلها..؟
ويطالب الدوماني بضرورة اعتماد التعرفة الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء كتعرفة موحّدة لجميع المخابر العاملة في تحليل العينات للبضائع الواردة والصادرة عبر مرفأي طرطوس واللاذقية، موضحاً أن التعرفة المخبرية الجمركية تتكون من 7 بنود فقط، ولا تتضمّن قرائن تحليلية تفصيلية، بينما التعرفة المخبرية المرفئية تتضمن 750 قرينة تحليلية تفصيلية، ومنها في مخبر الجمارك، مشيراً إلى أنه سواء حللت للعينة قرينة واحدة أو أكثر فإن البدل ثابت، بينما تحفّظ أسعد على توحيد التعرفة مكتفياً بالقول: إن مخابر الجمارك تلتزم بتحليل العينات وفق متطلبات المواصفة القياسية السورية.
إشكالية
بينما تبقى الإشكالية الأكثر جدلاً هي المتعلقة بإحالة العينات من الجمارك إلى المخابر العاملة سواء داخل الحرم المرفئي أم خارجه، لأن العملية لا تتم بشكل منتظم من الجمارك حسبما سمعناه من القائمين، مؤكدين أنه وعلى سبيل المثال يتم تحويل حوالي 90% من العينات في مرفأ طرطوس إلى المخبر المركزي للمرفأ، بينما يتم تحويل حوالي 45% فقط في مرفأ اللاذقية، أما ما تبقى فيتم تحويله خارج الحرم المرفئي، وشكّك أسعد بالنسب المذكورة، وأبدى الدوماني اقتراحاً لعله المخرج لهذه الحال يتمثل بإحالة جميع العينات المراد تحليلها إلى المخابر المركزية لمرفأي اللاذقية وطرطوس، وفي حال الاعتذار عن التحليل تتم إحالتها إلى مخابر أخرى، مؤكداً ضرورة إحداث هيئة ناظمة لعمل المخابر تقوم بتحليل المواد الواردة والصادرة عبر المرفأين تتبع لوزارة النقل على أن تقوم لجنة حيادية بتقييم المخابر تابعة لوزارتي النقل والتجارة الداخلية، والجمارك، مع توجيه المخابر العاملة خارج الحرم المرفئي بضرورة التقيّد بعمل المخبر المركزي مع الأخذ بعين الاعتبار وضع المخابر التابعة لوزارة الصحة والزراعة للعمل ضمن الحرم المرفئي.
تشكيل
أما دور مديرية المخابر المركزية في المرافئ فهي مؤلفة، حسب الدوماني، من 4 دوائر: التحاليل الغذائية، التحاليل المعدنية، التحاليل الكيميائية، بالإضافة إلى دائرة تجريب المواد. وعدد العمال حوالي 85 عاملاً، أكثر من نصفهم من المهندسين من مختلف الاختصاصات المرتبطة بعمل المخابر، يعملون كمحللين، بالإضافة إلى حملة شهادات المعاهد المختلفة كمساعدي محللين، ومجموعة من المجازين في اختصاصات مرتبطة، ومجمل الكادر أجرى دورات تدريب لاستخدام الآلات والأجهزة الحديثة والدقيقة والمعايرة ومن الشركات العالمية المورّدة، وهي أجهزة عالية التقنية والحساسية وتحديداً التي تعمل في القسمين الغذائي والكيميائي، مشيراً إلى أن الخشب والورق من أكثر المواد التي ترد إلى المرفأ في المرحلة الحالية بالإضافة إلى الحديد والمواد الغذائية، وعلى الرغم من جاهزية مخبر تجريب المواد لتحليل عينات الورق والخشب إلا أنها لا تصل إلى المخبر أبداً، مؤكداً أن مخبر المعادن يعمل بشكل كامل تقريباً، وتجهيزاته متوفرة، كما يشير العاملون في مخابر المرفأ إلى أن مخبر المعادن وتجريب المواد هو من أكثر المخابر عائدية اقتصادية نتيجة عدم الحاجة إلى مواد تستخدم في التحليل، كما في مخبر الغذائية حيث تبلغ فواتير شراء المواد المطلوبة للتحاليل مئات آلاف الليرات يومياً، ومع ذلك فإن الحديد هو أكثر المواد التي تنقل إلى مخابر أخرى.
اتفاق
حسب مرسوم التأسيس لعمل المخابر المركزية في كلا المرفأين، وحسب المراسلات والاتفاقيات بين الجهات المعنية وتوصيات اللجان الاقتصادية، فإن اعتماد المخبر المركزي للشركة العامة لمرفأ طرطوس هو الأساس لأنه يملك الخبرة والتقنيات اللازمة لاعتماده في تحليل المواد، وترى توصيات اللجنة أنه لا مانع من إحالة عينات المواد اللاغذائية المستوردة لتحليلها واعتماد نتائجها.
المصدر: صحيفة "البعث"
تعليقات الزوار
|
|