الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

تعمير الباص الأخضر ارتفع من 500 ألف إلى 5 ملايين ليرة.. وفي حلب احتراق 400 باص!

الاقتصاد اليوم:

قبل أن تنتج عن هذه الحرب صعوبات اقتصادية أدت إلى إفقار المجتمع السوري برمته، اعتاد السوريون عامة وأصحاب الدخل المحدود خاصة التنقل بحافلات صغيرة “السرفيس” وسيارات الأجرة “التكسي” الصفراء التي تجلد جيوب المواطن جلداً إذا ما نوى أن يستقلها في ظل تأخر “باص البلدية” الاسم الذي عرفت به حافلات النقل الداخلي بين الأوساط الاجتماعية التي تشهد إقبالاً كبيراً عليها من المواطنين، فمع اندلاع الأحداث في البلاد منذ ست سنوات ونيف تمت الاستعانة بهذه الحافلات لنقل عناصر حفظ النظام لمناطق التوتر، ما جعل المسلحين يستهدفونها ويكيلون الشتائم عليها بسبب هذه التهمة.

ولأن المثل يقول “كما تدين تدان” عادت هذه الباصات لتقل المسلحين أنفسهم، عندما تم إخراجهم من أحياء مدينة حمص القديمة وحلب الشرقية ومن بلودان ومضايا والزبداني ووادي عين الفيجة وغيرها من المناطق التي عادت إلى سلطة الدولة.

منذ ذلك الحين، ومرفق النقل الداخلي سواء في دمشق أو غيرها من المحافظات مستهدف كمعظم المرافق الحيوية في البلاد التي تعرضت إلى تخريب ممنهج على أيدي المجموعات المسلحة، فقد كشف المهندس سامر حداد مدير عام الشركة العامة للنقل الداخلي بدمشق أن الأضرار التي لحقت بالشركة بسبب الحرب التي تتعرض لها البلاد قدرت بحوالي 9 مليارات ليرة سورية، بالإضافة إلى 23 شهيداً.

وأضاف حداد في تصريح خاص لــ”الأيام”: مرآب في منطقة السبينة وآخر في منطقة الزبلطاني بالإضافة إلى رحبة في حي القابون وأخرى في منطقة عدرا العمالية خرجت عن الخدمة لوقوعها في مناطق ساخنة، حيث دمر وحرق ما فيها من باصات نقل داخلي ونهبت جميع المستودعات التي تحوي القطع التبديلية، ناهيك عن تدمير وسرقة مبنى الإدارة العامة في رحبة عدرا العمالية التي تبلغ مساحتها 10 دونمات.

ولفت إلى أن عدد الباصات في الشركة يبلغ نحو 375 باصاً، في حين إن نسبة الآليات التي خرجت عن الخدمة تجاوزت الـ 70 % من الآليات الموجودة لدى الشركة، حيث تعرضت لحرق وتدمير بالإضافة إلى ما هو مجهول المصير في القابون وما هو مفقود في دوما وحرستا وداريا، فقد شوهد بعد عودة داريا كيف أن المجموعات المسلحة أقدمت على حرق باصات النقل الداخلي هناك.

واعتبر حداد أن عام 2015 كان في أدنى حالاته بالنسبة للشركة، حيث إن عدد الباصات الموضوعة في الخدمة لا تتجاوز 10 إلى 15 باصاً فقط، فمعظم الباصات كانت تحت تصرف المجهود الحربي وما يقرب من 150 باصاً موجودة في رحبة باب مصلى مدمرة تدميراً كاملاً فضلاً عن الباصات التي فقدت في المناطق آنفة الذكر، وهناك باصات مدمرة في بعض المحافظات مثل حماة واللاذقية وحلب تعود ملكيتها لشركة النقل الداخلي بدمشق.

ولفت إلى أنه خلال تنفيذ المهام الموكلة إلى شركة النقل الداخلي بإرسال باصات إلى قريتي كفريا والفوعة، وأثناء تنفيذ المهمة في شهر كانون الأول من عام 2016 حاصرت المجموعات المسلحة هناك 14 باصاً مع سائقيها وظلت هذه الباصات محاصرة إلى منتصف شهر حزيران من العام الحالي، وفي طريق عودتها وهي تنقل مهجري قريتي كفريا والفوعة تعرضت ثلاثة باصات إلى تدمير كامل أثناء التفجير الإرهابي الذي وقع في حي الراشدين.

وقال حداد: إن الحكومة أعطت مرفق النقل الداخلي أهمية عندما وجهت مؤخراً الى شراء 1000 باص نقل داخلي حصة دمشق وريفها 400 باص فيما سيتم توزيع الــ600 باص على المحافظات وقد تم التوجيه للتواصل مع الشركات الموردة في الدول الصديقة، حيث عقد وزير الإدارة المحلية والبيئة عدة لقاءات مع سفراء روسيا والصين والهند وإيران وبلاروسيا بحضور المعنيين بالنقل الداخلي تمهيداً لإبرام العقود اللازمة لتوريد الباصات، وقد أبدت تلك الدول الصديقة استعدادها لتقديم الدعم اللازم في هذا الشأن، لافتاً إلى أنه وبالتوازي مع ذلك وجهت الحكومة لدراسة واقع الأضرار التي تعرضت لها شركة النقل الداخلي بدمشق حيث تم تكليفها بإعادة تأهيل 100 باص من الباصات المتوقفة ووضعها في الخدمة خلال العام الحالي، مشيراً إلى أن لجنة فنية تدرس وتضع البرنامج الزمني للإصلاح وحاجة الشركة من القطع التبديلية، وخاصة أن هناك صعوبة في تأمين القطع التبديلية، فالباصات الصينية الــ 100 التي تم توريدها على دفعتين عامي 2015 – 2016 ليس لها قطع تبديلية، إضافة إلى الباصات القديمة الموردة عامي 2007 – 2008 مع الإشارة إلى أن قيمة الباص الواحد 63 ألف دولار.

وأشار حداد إلى أن الفريق الفني في الشركة قد بذل جهوداً مضنية في إعادة تعمير وإصلاح ما يقرب من 80 باصاً من الباصات المتوقفة التي خربتها ودمرتها المجموعات المسلحة، ويعول على هذا الفريق إنجاز المهام الملقاة على عاتقه ألا وهي إصلاح المزيد من الحافلات المتوقفة بهدف زجها في ميدان العمل، مشيراً إلى أن تكلفة إصلاح الباص الواحد تتوقف على ما يحتاجه من قطع تبديلية وجميعها عن طريق الاستيراد، بالأمس كانت 500 ألف ليرة تعمر باصاً أما اليوم 5 ملايين ليرة غير قادرة على تعمير باص.

مؤكداً أن الشركة تحتاج إلى 400 باص نقل داخلي للقيام بواجباتها، فالمتوفر حالياً 80 باصاً لا تفي بالغرض وخاصة بعدما تم فتح عدة خطوط والتي وصل عددها إلى 23 خطاً يتم تخديمها بباصات شركة النقل الداخلي وإلى جانبها 5 شركات خاصة تعمل بطاقة سنوية 150 – 200 يوماً موزعة على الخطوط وحسب العقود المبرمة معها.

أما محافظة حلب التي أعادت تشغيل باصات النقل الداخلي في شوارع المدينة خدمة للمواطنين بعد توقفها في بعض الأحياء لم تكن أحسن حالاً من شقيقتها دمشق، فهي الأخرى دفعت ثمناً باهظاً بسبب تصديها ومواجهتها المجموعات المسلحة التي ارتكبت أفظع الجرائم بحق البشر والحجر.

ففي تصريح لــ”الأيام” قال المهندس حسين سليمان مدير عام شركة النقل الداخلي بحلب: إن الشركة خسرت خلال الحرب 400 باص ما بين محروق ومفقود وقدرت خسائرها المالية بــ 7،5 مليارات ليرة وقدمت 22 شهيداً، منوهاً بأن الشركة فقدت في قريتي كفريا والفوعة 22 باصاً عندما أقدمت المجموعات المسلحة على حرقها، وأن الباصات التي تعمل اليوم على الخطوط الداخلية والتي يبلغ عددها 113 باصاً لا تكفي المدينة وريفها حيث إن حاجة المحافظة 200 باص، وأن هناك خطة استثمارية لتعمير الباصات المتوقفة.

محافظة حمص التي تتنفس اليوم الصعداء بعد خروج المجموعات المسلحة منها، والتي أقدمت على تخريب وتدمير 60 باصاً حرقت منها 3 باصات بشكل كامل.

هذا ما ذكره لــ”الأيام” المهندس علي الحسين عام شركة النقل الداخلي في المحافظة، مشيراً إلى أن الشركة قدمت 5 شهداء وتعرض اثنان من عملها للخطف.

وأن عدد الباصات الموضوعة بالخدمة 97 باصاً والمحافظة تحتاج إلى 200 باص لتغطية النقص الحاصل في عدد الباصات، وأن نقص اليد العاملة أبرز ما تعانيه الشركة اليوم.

في حين قال المهندس طلال حورية مدير عام شركة النقل الداخلي باللاذقية لــ”الأيام”: إن الشركة تمتلك 142 باصاً بقياسين متوسط وكبير وذات مواصفات جيدة، وقد أثبتت جدارتها في ميادين العمل خلال ست سنوات ماضية رغم الخسائر التي تكبدتها إذ قدرت بــ 60 مليون ليرة، لافتاً إلى أن باصات الشركة في اللاذقية تنقل ما يقرب من 1،5 ملايين مواطن شهرياً، وأن هناك حاجة ماسة لتأمين 50 باصاً كانت قد طلبت في مذكرات سابقة لتغطية النقص الحاصل في عدد الباصات.

صحيفة الأيام

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك