الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

تقرير: السوق السورية مغرقة بأصناف دوائية (مشبوهة)

الاقتصاد اليوم:

بعد أن فقدنا أكثر من عشرة آلاف صنف دوائي سواء المصنّع محلياً أم المستورد، خلال السنوات الأربع الماضية بدأت الشكوك والشبهات تجتاح سوقنا الدوائي، ولاسيما بعد أن تصدّرت واجهات الصيدليات العامة والخاصة أصناف من المستحضرات الدوائية التي تفتقر إلى أبسط مقوّمات الإرشاد الطبي والسلامة الدوائية..!.

تؤكد المعطيات المتوفرة لدينا بهذا الخصوص “وهي من أصحاب الاختصاص” وجود حالة من إغراق السوق المحلي بأصناف دوائية مشبوهة ومشكوك بمصادرها، وذلك بعد أن استغلت زمرة من أصحاب النفوس الضعيفة الظروف الراهنة وبدأت بالمتاجرة، موهمة الجهات المعنية من "وزارة الصحة" وغيرها بشرعية وقانونية تلك الأصناف والمستحضرات، وفي هذا السياق يؤكد الصيدلي العامل في "نقابة صيادلة دمشق" "محمد الحمزاوي" وجود مستحضرات وزمر دوائية مشكوك بأمرها أبرزها “fetomax collagen pwantum calcidium” وجميع هذه المنتجات تنتجها شركة يقال إها أمريكية تحمل اسم “archon vitamins corporation”، مشيراً إلى أنه يتم استيرادها تحت بند متمّمات غذائية (فئة من المنتجات الصيدلانية لغرض طبي)، ومبيّناً أن طريقة بيع هذه الأصناف مخالفة للمرسوم التشريعي الخاص بتنظيم وتجارة الأدوية البشرية والمواد الكيميائية ذات الصفة الطبية، حيث إنها تباع دون كرتونة ودون نشرة داخلية، كما أنه لا توجد على العلبة أية معلومة تفيد بعنوان الموقع الإلكتروني للشركة وغير ذلك من المعلومات الأخرى التي تدلّ على مصدر الشركة المُنتجة لها، وغير ذلك من معلومات تقي المريض أعراض الدواء ومخاطر تناوله في غير أوقاته..الخ.

شكوك..!

ولم يخفِ الحمزاوي شكوكه عندما تساءل حول كيفية تغاضي "وزارة الصحة" عن هذا الأمر، علماً أنه يشكل بنداً أساسياً لترخيص أي دواء في العالم، ولاسيما أن هناك متممات غذائية أوربية مشهورة تسوّق بشكل علب نظامية كرتونية وفيها بليستر، وكذلك توجد نشرة داخلية للمنتج وعلى العلبة مكتوب عنوان الشركة بالتفصيل وموقعها الالكتروني مثلما هو متعارف عليه في جميع الأدوية العالمية..!، مضيفاً: هناك مجموعة من صيادلة دمشق (والحمزاوي من ضمنهم) قامت بالبحث والتقصي عن الشركة المذكورة، وكانت النتيجة عدم إيجاد أي صنف من الأصناف التي تباع في سورية على موقع الشركة الإلكتروني، بل إن نتائج البحث أفضت إلى ما تطرحه هذه الشركة من منتجات دوائية لا تتوفر في أسواق الشرق الأوسط على الإطلاق ولا حتى في الأسواق الأوروبية..!، ما يشير إلى أن هذه الشركة وهمية بامتياز، وقد نجحت في استغلال الظروف وقدّمت الأصناف الدوائية باسم الشركة الأمريكية الأصلية بدليل -والكلام لفريق الصيادلة- أن الشركة الأمريكية الأصلية والأساسية تقدّم أدويتها بأسماء علمية، بينما تقدّم الشركة الوهمية (المُنتحلة لاسم الشركة الأصلية) منتجاتها المذكورة في صيدلياتنا بأسماء تجارية..!.

إجراءات ولكن..!

ويتساءل فريق الصيادلة هل هذه الأصناف موثقة ومثبتة في هيئة العقار والغذاء الأمريكية المسمّاة “fda” وحاصلة على شهادة “nsf” وشهادة “oal” وشهادة “ahpa”، مشككاً بجميع الوثوقيات التي تحملها "وزارة الصحة" لتلك الأصناف، وأوضح الفريق أن إجراءات التسجيل لأي صنف دوائي تعتمده الوزارة تقوم على تقديم ثبوتيات ورقية للتسجيل من معلومات عن الشركة وشهادة الجودة والتسجيل في بلد المنشأ، دون التحقق من مصداقية الأوراق، مكتفين فقط بتصديق وختم السفارة السورية من بلد المنشأ، وهذا لا يعني حسب الفريق سوى التصديق على الختم المخول إصدار هذه الوثيقة ولا يعني التصديق على المحتوى..!.  كما توصّل الفريق إلى أن الشركة المذكورة بالفعل هي أمريكية ولكن منتجاتها المصرّح بها على موقعها الالكتروني ليست مطابقة للأصناف التي يتم تداولها في سورية، وهذا يثير الشكوك بجدية وحيوية تلك الأصناف ومنشئها..!. وأظهر فريق الصيادلة أن المستحضر “feromax” هو مستحضر تنتجه عدة شركات هندية وفيتنامية وليست له علاقة بالشركات الأمريكية من قريب ولا من بعيد، في حين يسوّق في صيدلياتنا على أساس أنه أمريكي ولشركة “acv”..!.

أرقام خطيرة..!

الخبير في الشؤون الدوائية الدكتور محمد حديد أشار إلى أن العائدات السنوية من تجارة الأدوية المزوّرة والمهرّبة تصل على مستوى العالم إلى 35 مليار دولار سنوياً، وحصة سورية منها تتجاوز المليار دولار وهذا ما أوردته تقارير منظمة الصحة العالمية، معتبراً وصول الرقم إلى أعلى معدلاته أمراً خطيراً يجب الانتباه إليه والتعامل معه بدقة ومتابعته من الجهات المعنية، ولاسيما أن عوامل عديدة ساعدت على تضخم الرقم منها الظروف القاهرة التي تعيشها البلاد وخروج العديد من المصانع الدوائية المحلية عن الخدمة..!.

بين الصحة والنقابة

رئيس "نقابة صيادلة دمشق" الصيدلي "أحمد بدران" اعتبر أن هذا الأمر من اختصاص "وزارة الصحة" وليس النقابة، دون أية توضيحات تذكر في هذا الخصوص!.

مديرة الدراسات الدوائية في "وزارة الصحة" الدكتورة "خزامه العلي" أوضحت أن شركة archon vitamins corporation هي شركة أمريكية تصنع المتممات الغذائية فقط ولا تصنع الأدوية، وقد تم تسجيلها أصولاً عام 2007 وفق شروط تسجيل الشركات الدوائية الأجنبية المعتمدة حينها لدى "وزارة الصحة"، وبخصوص المستحضرات التابعة لهذه الشركة بيّنت العلي أنها مسجّلة أصولاً في الوزارة لأنها محققة لشروط تسجيل المتمّمات الغذائية، وفيما يتعلق بأنها تباع دون نشرة داخلية ولا كرتونة خارجية أوضحت العلي أنها مستحضرات غير دوائية، حيث تدوّن المعلومات المطلوبة من الوزارة على لصاقات العبوات، وهذا إجراء متّبع عالمياً، ويوجد العديد من المُشابهات في الأسواق المحلية تُباع بهذا الشكل.

لا شرط ملزماً

وبخصوص ما يكتب على هذه المنتجات من عبارة (يباع في سورية فقط) ومدى مخالفته للأنظمة والقوانين المعمول بها التي تؤكد ضرورة أن يُسوّق أي دواء كان في ثلاث دول أوروبية على الأقل، بيّنت العلي أنه بناء على تعميم "وزارة الصحة" رقم 23685 تاريخ 30/10/2012 فإن ما يسجّل في "وزارة الصحة" للمستحضرات المستوردة يُلزم المستورد بكتابة عبارة (مستورد للجمهورية العربية السورية لمصلحة مستودع…)، مضيفة: لا يوجد شرط يُلزم بتسويق الأدوية أو المتممات الغذائية في ثلاثة بلدان أوروبية، وإنما الشرط الساري على الأدوية في ثلاثة بلدان على الأقل، دون تحديدها وبالتالي لا ينطبق هذا الأمر على المتممات الغذائية.

من الآخر…

نعتقد أن الكرة الآن في ملعب "وزارة الصحة"، وعليها متابعة هذه القضية بكل ملابساتها، لأن الأمر مرتبط بشكل وثيق بالصحة العامة بالدرجة الأولى، وبالاقتصاد الوطني والصناعة الدوائية من جهة أخرى، مع الإشارة إلى ضرورة ترميم سوق الدواء المحلية إثر ما أصابها من تصدّعات نتيجة الأزمة الراهنة..!.

المصدر: صحيفة "البعث"

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك