الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

جدل حول قرارات المركزي.. بين متوافقة مع المتغيرات وافتقادها للديمومة

الاقتصاد اليوم:

تصدّر مصرف سورية المركزي بقراراته المتتالية والمتسارعة ساحات الجدال، بين من أدرجها ضمن سياق إرساء أسس لسياسة نقدية فعالة، وآخرون اعتبروها قرارات ارتجالية وغير مدروسة، وخاصة أن المركزي تراجع خلال الفترة الأخيرة عن عدد من القرارات بعد إصدارها بفترة وجيزة كقرار اعتماد رصيد مكوث في مصرفي التسليف والتوفير لتمويل القروض الشخصية والذي رافقه ضجة كبيرة من أصحاب القرار ومعظم فئات المجتمع، وليس آخرها قرار لاستثناءات تحدد قيمة الحوالات الخارجية وطرق تسلمها ثم تعديله لاحقاً. لتبدو ملامح السياسة النقدية أمام هذا المشهد أمام احتمالين إما أن المركزي يبدي مرونة بالتعاطي مع مقتضيات المرحلة، أو أن ما يحكمها هو ردود الأفعال.

انقسام

لقد أظهرت قرارات المركزي انقسامات في آراء وصفوف الاقتصاديين إذ بين أحد الخبراء الاقتصاديين أن المركزي يسعى لإرساء أسس لسياسة نقدية صحيحة تتناسب مع الظروف الراهنة وما يرافقها من عدم استقرار على كافة الصعد، وأنه على خطا حماية مصالح أكبر شريحة من المجتمع، وأشار الخبير الذي فضل عدم ذكر اسمه في معرض حديثه إلى أنه لا يوجد مصرف مركزي في العالم يقوم برسم سياسة نقدية تصيب في قطاع معين على حساب قطاع آخر، وبالتالي فالسياسة النقدية يجب أن تكون مجتمعية ليساهم المجتمع في تنفيذها.

تأمين

ومن خلال قراءته لخلفية القرار الأخير للمركزي، الذي أنهى بموجبه كافة الإجراءات الاستثنائية التي تحد من سقف الحوالات المصرفية الخارجية، بين الخبير أن هذا القرار يهدف إلى تأمين قطع أجنبي من أجل عمليات تمويل مستوردات القطاعين الخاص والمشترك وفق أنظمة القطع النافذة، لاسيما أن القرار أعطى الحق لصاحب التحويل بتحويل حوالته الشخصية إلى شخص آخر ضمن أي بنك في سورية، مما يعطي مزيداً من الحرية للمتعاملين لجهة تحويلها فيما بينهم، كما أنه يمكن لأي مستورد الاستفادة من هذه المرونة في سداد قيمة مستورداته.

إعادة الدور

كما رأى الخبير أن المركزي فسح المجال من خلال قراره إعادة الدور الحقيقي للمصارف السورية الذي أسست لأجله، والذي عملت على إلغائه السياسة السابقة للمصرف المركزي، والاعتماد على مؤسسات معنية آنذاك، مما أدى إلى استنزاف الاحتياطي من القطع الأجنبي، وإتاحة المجال لعمليات تهريب بطرق غير قانونية، وبذلك يكون المركزي وضع حداً لتلك الإجراءات التي طالت مصالح المواطن والبلد. مبيناً أن السماح للمصارف أن تبيع كل الحوالات العائمة المشتراة للمصرف المركزي بسعر تسلم الحوالات الشخصية الواردة في متن نشرة المصارف والصرافة بتاريخ ورود الحوالة مضافة إليها هامش 1%، بالإضافة إلى قيامه بشراء حوالات واردة من الخارج، وفتح المجال بذات الوقت لكافة المصارف بشراء تلك الحوالات من شركات ومكاتب الصرافة، ومعاملتها معاملة الحوالات الخارجية، إذ يتم وضعها ضمن مركز القطع التشغيلي، أن هذه الإجراءات تؤكد عمل المصرف المركزي على إعطاء إمكانيات كبيرة للمصارف من خلال رفع أرصدة المركز التشغيلي للقطع، لتمكين هذه المصارف من منح تسهيلات لكل الفئات بالقطع الأجنبي ضمن أحكام قوانين القطع، وبالتالي أصبحت المصارف تستطيع تغطية قيم بوالص الشحن واعتمادات الاستيراد، وختم الخبير كلامه بأن حملات المضاربين المشككين بصوابية قرارات المركزي، كانت بعيدة كل البعد عن النظم المصرفية وأعرافها وقوانينها، وإن دلت على شيء فإنما تدل على تضارب مصالحهم مع تلك القرارات.

متناقضة

بالمقابل يرى بعض الاقتصاديين أن السياسة النقدية في سورية ومنذ عشر سنوات أو أكثر لم تخل من اجتهادات، وأن بوصلة المصرف المركزي تعمل وفق القوى المتحكمة في السوق، بعيدة عن أية نظريات اقتصادية من شانها أن تؤسس لسياسة نقدية أو مالية، ومنهم من أكد أن حاكم سورية المركزي الحالي والسابق وقعوا في نفس المطب بالرغم من أنهم من مدخلين مختلفين لجهة عدم التعاطي المطلوب مع تطورات سوق القطع، إذ بين الدكتور شفيق عربش أن قرارات المركزي متناقضة ولم تتم بالتنسيق مع الجهات الأخرى، وخاصةً لدى هبوط سعر الصرف في الفترة الماضية، وما رافقه من تصريحات عديدة لمسؤولين في مواقع التنفيذ، إذ سارعوا للتأكيد بأن هبوط سعر الصرف لن يؤثر على أسعار السلع، ما أتاح المجال أمام التجار التحكم في السوق. كما اعتبر عربش أن القرارات والتصريحات المترافقة لتذبذب سعر الصرف، وتحديد أو فتح سقف الحوالات الخارجية، تشي بعدم وجود أسس علمية تمتن أواصر السياسة النقدية كما يجب بحيث تعطيها صفة الديمومة لتؤتي نتائجها على أرض الواقع لضمان استقرار سعر الصرف والحد من التضخم.

البعث

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك