الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

حدث خلف الرازي.. هدم المنازل فوق رؤوس الأطفال والسكن البديل مازال مؤجلاً!

الاقتصاد اليوم:

لم يمض أسبوعان على تحقيق تم نشره تحت عنوان «دون سابق إنذار.. محافظة دمشق تهدم أبنيةً مأهولةً بحجة قانون المخالفات»، حتى جاء الخبر «المفجع» بالنسبة لسكان منطقة خلف الرازي.
 
طفلان يسيران باتجاه منزل جدهم، لكن ذلك لم يشفع لهم بأن يكونا ضحية عدم المبالاة بحياتهم، وهدم جدار أحد المنازل فوق رؤوسهم، أثناء سيرهم بأمان، بحسب شهادات سكان الحي.

«الطفل عبد الرحمن عمره 10 سنوات، أصيب بكسر منخسف في الجمجمة، وهبوط في الرجل اليسرى، بينما أصيب الطفل أحمد (8 سنوات) بكسر مركب بالفخذ، وكسر خطي بالجمجمة، وجروح خطيرة» كما قالت إحدى ساكنات المنطقة، وكما أظهرت التقارير الطبية التي حصلت «قاسيون» عليها.

بحجة المرسوم؟

صور الطفلين «مؤلمة حقاً» ولها أبعاد أوسع من قضية إهمال سائق الآلية، التي هدمت المنزل من الداخل إلى الخارج، دون تأمين المكان، وعدم اكتراث المهندس المرافق للسائق، واللذان لاذا بالفرار بعد مشاهدة ماحدث، رغم تنبيه الأهالي لهم بوجود أطفال خلف الجدار المراد هدمه.

هذه المرة، بحجة المرسوم 66 لتنظيم منطقة بساتين الرازي في المزة، حدثت الكارثة، فالمرسوم  الذي تأمّل أهالي المنطقة هناك أن ينصفهم، ويعيد لهم ولو القليل من حقوقهم، التي أخذت منهم في الاستملاكات الماضية على حد تعبير أحد السكان، مفضلاً عدم ذكر اسمه، لم تطبقه المحافظة بحذافيره، «بل اختارت ما تريد وأهملت كل ما يهم السكان ضمن تفاصيله».

يقول المصدر الأهلي: أنه «وبعد مرور 5 سنوات على صدور المرسوم التنظيمي 66، وبسبب الأخطاء والتجاوزات الكثيرة في تنفيذه، من قبل الإدارة المعنية في محافظة دمشق، وخصوصاً تجاوز المادة 45، المتضمنة تأمين السكن البديل لأهالي المنطقة، والذي كان من المفترض أن يستلموه منذ حوالي العام، ازدادت المشاكل ومآسي السكان، ما أدى في النهاية إلى حدوث كارثة الطفلين، اللذين لا ذنب لهما سوى زيارتهما لمنزل جدهم، غير القادر على تأمين سكن للإيجار بدلاً من المنزل الذي يسكن فيه».

البدء من النهاية

المفترض بحسب الأهالي: «تأمين السكن البديل لهم قبل البدء بعملية الهدم والإخلاء، لكن محافظة دمشق بدأت من المرحلة الأخيرة، وكل همها اخلاء المنطقة وهدم المنازل».

وهنا طرح بعضهم سؤالاً: «لماذا استطاعت المحافظة البدء بعملية الهدم وشق الطرقات والبنى التحتية، وعجزت عن البدء بتنفيذ بناء السكن البديل بشكل موازي»؟

بحسب المصدر «إدارة المشروع تتحجج  بعدم تأمين السكن البديل، والذي فاقم معاناة أهالي المنطقة، بأنها تقدم بدلات إيجار، علماً أن بدل الإيجار زهيد وتصرفه المحافظة مرةً واحدة لمدة عام، ولا يكفي لأغلب العائلات كبدل إيجار لعدة أشهر فقط، وخاصة إن كانت العائلة أكثر من 5 أفراد».

«بدلات الإيجار التافهة التي تقدمها المحافظة وصلت إلى 200 الف ليرة سنوياً فقط لأغلب الأسر، بينما حصلت عدة أسر فقط، لم تتجاوز العشرة، على مليون أو800 ألف، وذلك التقييم يعود لتقدير المساحات، فغالب المنازل هناك بمساحات صغيرة»، وفقاً لحديث المصدر الأهلي، الذي تابع: «في آخر لقاء مع المحافظ، طالبنا برفع الإيجارات كل عام، نتيجة ارتفاع تكاليف الحياة المستمر، ومنها بدلات الايجار، لكن جواب المحافظ كان بالرفض».

لو!

لو أن إدارة المشروع نفذت المادة المتعلقة بالسكن البديل في وقتها؛ لوفرت على الأهالي العناء الكبير في البحث عن منازل للإيجار في ظلّ هذه  الظروف الصعبة، وكانت قد وفرت على الخزينة الكثير من الأموال، وربما الكثير من الأضرار الجانبية، كالحادثة المأساوية التي تعرض لها الطفلان.

وبدوره، قال مصدر أهلي آخر: أنه «من الأخطاء والتجاوزات التي قامت بها إدارة المشروع، هي الإخلاءات الجماعية للمنطقة والتي تفاجأ بها الأهالي، فبعد أن كانت قد وضعت الإدارة خطةً للإخلاء تتضمن 6 مراحل، تفاجأ الأهالي بتغيير هذه الخطة دون علمهم، ليبدأ تطبيق الإخلاء في فصل الشتاء، متناسين ظروف الطقس والأطفال والمدارس»، مضيفاً «المفاجئ أن الكثير من الأهالي لم يحصلوا على انذارات، وتم هدم منازلها».

تطفيش

وتابع: «بدأت عمليات الهدم بشكل عشوائي دون تنظيم، مع قطع الخدمات كافةً عن الأهالي من كهرباء ومياه وهاتف»، مشيراً إلى أنه «حوالي 70% من المنطقة حالياً دون أية خدمات منذ حوالي الشهر، بينما قطعت خدمة الهاتف منذ مدة أطول، وهي عبارة عن سياسة (تطفيش)».

مصير السكن البديل لسكان بساتين الرازي مازال مجهولاً، بعد أن حصلوا على وعد من المحافظة من تاريخ 12/1/2017 أن يحصلوا على قرارات التخصيص بالسكن البديل خلال 3 أشهر، إلّا أنّ جواب المحافظة حتى اليوم، بأن الموضوع قيد الدراسة.

استخفاف ودونية بالتعامل؟

بالعودة إلى البداية، من المعروف أنه عند تنفيذ أي مشروع له علاقة بالإخلاءات والهدم، أن تتم مراعاة عدة شروط فنية أو إنسانية. فعلى الأقل كان يجب أن يتم وضع حاجز، أو سواتر تعطي مسافة أمان لمنع اقتراب أحد خوفاً من الأذى، لكن في مشروع بساتين الرازي «الهدم على أبو جنب وبشكل عشوائي» على حد تعبير أحد السكان.

وأضاف: «المحافظة تستخف بالسكان وتعاملهم معاملة دونية، وكل ما يهمها هو الهدم والإخلاء فقط، وهذا ما نجم عنه إصابة الطفلين، إثر الاستهتار وعدم تأمين المكان، والرد على صراخ الناس بوجود أطفال أثناء قيام سائق التركس بالهدم».

مأساة مفتوحة الاحتمالات!

عائلة الطفلين أخلت منزلها منذ مدة، وكانت في طريقها لزيارة إلى المنطقة ثم منزل العائلة، لأخذ أوراق الأولاد من المدرسة ونقلها إلى مدرسة في جديدة عرطوز، لكن زيارة منزل العائلة لم تتم، وتحول الطريق إلى زيارة طويلة في مشفى الرازي، ما فاقم معاناة العائلة المنكوبة.

والخوف من أن يصاب الأطفال بإعاقة تزيد من نكبة الأب والأم، وتستمر معهما مأساة لا ذنب لهم أو لأطفالهم بها، كضريبة لقاء الإهمال والتسيب واللامبالاة والاستهتار، سواء على المستوى الشخصي، من قبل السائق والمهندس المشرف، أو على المستوى المؤسسي الرسمي، من قبل المحافظة وإدارة المشروع، والجهات المنفذة.

نقلا عن صحيفة قاسيون المحلية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك