خبير اقتصادي: استقرار سعر الصرف هشّ... وأي صدمة قد تدفع الليرة إلى تراجع حاد
الاقتصاد اليوم:
بين الأستاذ الجامعي والخبير المالي والمصرفي د. فراس شعبو أن السوق الخاص بسعر الصرف يتحرك اليوم استناداً إلى التوقعات والانطباعات أكثر من اعتماده على أسس اقتصادية ثابتة، والمزاج العام والتوقعات بشأن تخفيف الضغط الاقتصادي قد يساهمان في خلق نوع من الاستقرار الظاهري، لكن ذلك لا يُترجم إلى تحسن حقيقي في الأداء المالي والإنتاجي.”
وفيما يتعلق بالوضع المحلي، يشير د. شعبو إلى أن التحسن في بعض المؤشرات الاقتصادية لا يعني بالضرورة تحسناً في الطلب المحلي، بل قد يكون نتيجة لتبدلات موسمية أو عمليات تخزين من قبل التجار تحسباً لتقلبات الأسعار في المستقبل. فمع انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، يصعب الحديث عن انتعاش حقيقي للأسواق.
قدرة شرائية ضعيفة
ويشير إلى أنه “لا تزال القدرة الشرائية للمواطنين عند أدنى مستوياتها، مما يعكس ضعف الطلب المحلي الذي يقف عائقاً أمام أي تحسن حقيقي في الاقتصاد.”
وحول العقوبات وتأثيرها المستمر على الاقتصاد السوري، يوضح قائلاً: “على الرغم من أن الحديث عن العقوبات الاقتصادية تراجع في الآونة الأخيرة، إلا أن تأثير قانون قيصر لا يزال يشكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد السوري.
وينوه الخبير المالي والمصرفي بأن “التسهيلات التي ظهرت مؤخراً، مثل زيادة الحوالات أو فتح قنوات تجارية محدودة، لا تمثل تحوّلاً استراتيجياً في الاقتصاد، بل هي استثناءات ظرفية قد تختفي في أي وقت.”
ومع ذلك، والكلام للدكتور شعبو، تظل الحوالات المالية من السوريين في الخارج مصدراً مهماً لدعم سعر الصرف، لكن معظمها يذهب إلى الإنفاق الاستهلاكي مباشرة، مما يحد من تأثيرها الإيجابي على الوضع الاقتصادي بشكل عام.
إدارة أزمة أم إصلاحات حقيقية؟
إن السياسة النقدية الحالية التي يتبعها المصرف المركزي السوري، كما يراها د. شعبو، لا تتجاوز كونها إدارة أزمة ولا تقدم الحلول الهيكلية اللازمة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي.
كما أن “المصرف المركزي يستخدم أدوات تدخل محدودة مثل تحديد سعر الصرف الرسمي أو ضبط السيولة، ولكن في غياب قطاع مصرفي متماسك وبنية مالية مستقرة، لا يمكن لهذه الأدوات أن تُحدث فرقاً حقيقياً في الأمد المتوسط أو الطويل.”
مبيناً أنه في ظل الظروف الحالية، يظل القطاع الخاص في موقف المراقب، بعيداً عن اتخاذ أي خطوات استثمارية جادة، ويرجع ذلك، برأي الخبير المصرفي، إلى غياب بيئة استثمارية آمنة ومستقرة، بالإضافة إلى المخاطر السياسية المستمرة وعدم وضوح السياسات الاقتصادية.
ورغم تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية بشكل مؤقت، يشدد على ضرورة أن تُعتمد إصلاحات اقتصادية هيكلية وعميقة في الاقتصاد السوري، تركز على تعزيز الإنتاج المحلي، وتحفيز الاستثمار، وإعادة بناء الثقة في السياسة النقدية.
ويقول: “التحسن الحالي، إن صح تسميته بذلك، لا يمكن أن يستمر دون تبني سياسات اقتصادية شفافة ومبنية على أسس إنتاجية حقيقية.”
نقطة الصفر بالنسبة للتوقعات المستقبلية، يُحذّر د. شعبو من أن الاستقرار النسبي الذي قد يشهده سعر الصرف في الفترة المقبلة، يبقى هشاً بطبيعته، وأي صدمة قد تؤدي إلى تراجع حاد في سعر الليرة، مما يعيد الاقتصاد السوري إلى نقطة الصفر.
ويختتم حديثه بالقول: “التحول الاقتصادي الحقيقي لا يُقاس بانخفاض مؤقت في سعر الدولار، بل بقدرة الدولة على خلق بيئة اقتصادية إنتاجية ومستدامة، وهذا ما لم يتحقق بعد.”
وفي نهاية المطاف، رغم التحسن الطفيف الذي شهدته الليرة السورية، فإن الاقتصاد السوري مازال بعيداً عن التعافي الحقيقي.
الثورة
|
تعليقات الزوار
|
|















