الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

دراسة بأرقام صادمة..خسائر سورية خلال 5 أعوام..(الجزء الثاني)

الاقتصاد اليوم:

استكمالاً للدراسة التي أعدها الباحث الاقتصادي الدكتور عمار يوسف عن خسائر سورية بسبب الحرب الظالمة التي تشن عليها، والتي بلغت نحو 1170 مليار دولار...نبين في الأسطر التالية تفاصيل الدراسة التي طالت بقية القطاعات..

- القطاع المصرفي:

بين الباحث الاقتصادي الدكتور عمار يوسف في دراسته، أن القطاع المصرفي يعتبر من أشد القطاعات تأثراً بالحرب في سوريا لعدة أسباب وفقا لموقع "سينسيريا"

1- فقد خرج الكثير من المصارف العامة والخاصة وخاصة في مناطق التوتر عن الخدمة وتوقفت عن أداء خدماتها للمتعاملين. 2- إضافة لكمية السرقات الهائلة الجارية على إيداعات المصارف. 3- توقف المصارف عن الغاية الأساسية التي أنشأت من أجلها وهي إقراض المتعاملين الأمر الذي توقف منذ بداية الأزمة لاعتبارات كثيرة أهمها عدم وجود الضمانات في ظل المتغيرات الأمنية وتغير سعر الصرف.

4- كمية هائلة من الكتلة النقدية المقترضة سابقاً أصبحت في حكم الديون المستهلكة نتيجة عدم إمكانية السداد سواء لدى الجهة المقترضة لدمار المنشأة أو المسكن المسحوب عليه القرض وسوء الوضع المالي للمواطن السوري بشكل عام وعدم إمكانية تحصيل الأموال في المناطق المتوترة بالنسبة للمصرف.

5- انخفاض القيمة الشرائية للعملة الوطنية تجاه المتغيرات الاقتصادية من الخارج الأمر الذي يجعل التحصيل غير ذي جدوى. 6- منع التعامل والعقوبات المالية المفروضة على المصارف السورية .

كل هذه الظروف أدت إلى خسائر غير مسبوقة في القطاع المصرفي وصلت وحسب الإحصائيات إلى ما يزيد عن 9 مليارات دولار تسعة مليارات دولار.

تشمل الديون المهتلكة والخسائر المصرفية الداخلية والخارجية نتيجة العقوبات الاقتصادية.......

- القطاع الإداري:

تجسد أثر الحرب والتدمير على القطاع الإداري وفقاً للمراحل التالية:

1- ما تكلفته الدولة من نقل لعدد كبير من دوائرها.

2- الكم الهائل من الموظفين المنتقلين من أماكن عملهم المتوترة إلى مناطق أخرى حيث أغرقت الدوائر في المناطق الآمنة بأعداد كبيرة من الموظفين بدون عمل.

3- العدد الكبير من الموظفين الإداريين الذين ما زالوا محاصرين في المناطق المتوترة ومازالت الدولة ملتزمة بدفع رواتبهم بدون أي إنتاجية .

4- الكم الهائل من دوائر الدولة المدمرة والجهات الإدارية التي خرجت من الخدمة تدميراً وسرقة لمحتوياتها من تجهيزات مكتبية والكترونية وأرشيفية والتي وصل حجم التدمير فيها إلى ماما نسبته 100% مائة بالمائة في المناطق المتوترة والمحافظات الخارجة عن سيطرة الدولة.

تقدر خسائر سوريا في القطاع الإداري بمبلغ 4 مليارات أربعة مليارات دولار على مدى خمسة سنوات وتحتاج إلى ما يزيد عن 6 مليارات ستة مليارات دولار لإعادة البنية الإدارية التحتية إلى ما كانت عليه قبل الحرب مع إعادة هيكلة القطاع الإداري من جديد وفق خطط وبرامج لتأمين سير مرافق الدولة الإدارية.

- قطاع الشؤون الاجتماعية :

برزت الخسائر نتيجة الحرب في الأمور التالية :

1- ما تكبدته الدولة من تكاليف أنشاء مراكز الإيواء للمهجرين من المناطق المتوترة.

2- الحجم الهائل للمستفيدين من المعونات والسلل الغذائية والمساعدات العينية.

3- تكاليف غير مسبوقة لتأهيل الأشخاص المهجرين من مناطقهم وإعادة تأهيلهم مع تأمين المسكن والمآكل والمشرب.

4- ما تتكلفه الدولة من خلال ما تم صرفه على العدد الكبير من معاقي الحرب والذين أفرزتهم الحرب والذي وصل عددهم إلى رقم صعب المعالجة في ظل هذه الظروف خاصة محاولة تأهيلهم و إعادتهم إلى سوق العمل.

ويقدر خسائر الدولة السورية في هذا الاتجاه بأكثر من 7 سبعة مليارات دولار تشمل المنشأت المدمرة والمعونات الغذائية ومعالجة ما خلفته الحرب من معاقين وأصحاب احتياجات خاصة .

خسائر قطاع النقد

وهو الأمر الأهم على صعيد حياة المواطن الأساسية.

وهنا يحصل نوع من الاندماج في فقدان قيمة الليرة السورية لقدرتها الشرائية مع خسائر البنك المركزي السوري نتيجة الحرب.

من المسلم به أن الليرة السورية فقدت حوالي 90% من قيمتها الشرائية تجاه العملات الأجنبية لظروف الحرب بدلاً أن يكون الدولار يعادل 50 ليرة سورية أصبح بشكل مستقر يعادل 500 ل.س خمسمائة ليرة سورية بعد خمس سنوات من الحرب الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمواطن إلى عشرة أضعاف ما قبل الحرب ولعل التطبيق الأمثل لهذا الأمر هو إزالة الصفر الأخير من سعر أي مادة حيث يتم إعادة السعر إلى ما قبل الأزمة.

ومن المعروف أنه وفي بداية الأزمة صرح المصرف المركزي أن احتياطي العملات الأجنبية يبلغ 20 مليار دولار عشرون مليار دولار ولا يوجد اليوم أي تقدير لهذا الاحتياطي بشكل رسمي لكن من الواضح أن انخفاض قيمة العملة السورية مقابل العملات الأجنبية يوضح أن هذا الاحتياطي قد تضاءل إلى حد كبير واعتماد المعيشة على الليرة السورية والانخفاض غير المسبوق للقدرة الشرائية لليرة كان من ابرز نتائج هذه الحرب وخاصة على المواطن السوري ومعيشته ويقدر خسائر المصرف المركزي في هذا المجال وفي سعيه للحفاظ على مستوى معين لليرة السورية عن طريق التدخل في سوق القطع وبأساليب متعددة إلى ما يزيد عن 40 مليار دولار أربعون مليار دولار.

وهذه القيمة هي قيمة ما كان لدى المصرف المركزي من احتياطي.

وما تم استجراره من خلال مجموعة من المعاملات المصرفية من الدول الداعمة لسورية ومن خلال الخطوط الائتماني التي أنشأتها الحكومة السورية مع مجموعة من الدول الصديقة.

وتقدر كلفة إعادة الليرة السورية إلى سابق عهدها في حال قررت الحكومة إعادتها أي بسعر 50 خمسون ليرة سورية والاجراءات التي ستقوم بها من اقتصاص الكتلة النقدية الفائضة وإعادة التوازن من سوق الصرف إلى ما يزيد عن 70 سبعون مليار دولار وهذا في رأينا أمر غير ذي جدوى اقتصادية .

ولا يجب أن ننسى هنا ما تم أخراجه من عملة صعبة في السنوات الأولى من الحرب من القطع الأجنبي من سوريا عن طريق مجموعة من التجار للاستثمار في الدول المجاورة من خلال الحلم بالاستثمار في تلك الدول والتي وصال حجمها وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة وجهات أخرى إلى ما يقارب 22 مليار دولار اثنان وعشرون مليار دولار تعتبر فاقد وخسائر للاقتصاد السوري بالنتيجة النهائية .

تضاف إلى قيمة ما خسره الاقتصاد السوري نتيجة الحرب القائمة.

- الهجرة السورية للخارج :

تعتبر أحد أهم خسائر سوريا نتيجة الحرب فهي أي الهجرة كانت نزيف مركب للاقتصاد السوري من خلال عدة عوامل:

أولها ما خرج من طاقات بشرية لا يمكن تعويضها في القريب العاجل في ظل ظروف الحرب الحالية فهي طاقات بشرية تراكمية صفنها الدولة السورية على مدى عقود طويلة عن طريق التعليم أو التدريب أو التأهيل لهذه الكوادر مع ما تحتاجه من تكاليف لإنتاجها.

إضافة إلى ما خرج مع هذه الكوادر من عملات صعبة كانت خسائر للاقتصاد الوطني في النتيجة النهائية إضافة إلى ما تحتاجه الدولة السورية من وقت وتكاليف لإعادة تأهيل كوادر تعادل تلك الخارجة منها والتي تحتاج إلى مبالغ هائلة ووقت ليس بالقصير.

وخاصة أن تلك الكوادر تصبح حاجة أساسية في مرحلة إعادة الإعمار ويقدر حجم العملة الصعبة التي خرجت مع تلك الكوادر حتى تاريخه ما يزيد عن 8 ثمانية مليارات دولار ويبلغ خسائر الدولة من خلال نزيف الطاقات المهاجرة من سورية وما تكلفته الدولة على تأهيلهم ما يزيد عن 7 سبعة مليارات دولار حتى تاريخه أما إعادة تأهيل مثل هذه الكوادر والطاقات للمساهمة في إعادة الإعمار فيصل إلى ما يزيد عن مبلغ 25 خمسة وعشرون مليار دولار.

الأمر الذي يرفع خسائر سوريا من الهجرة إلى مبلغ 40 مليار دولار أربعون مليار دولار.

- معيشة المواطن وأثر الحرب عليها :

تنقسم حياة المواطن السوري وحسب سنوات الحرب إلى مراحل تبدأ بالبحبوحة ثم الكفاية ثم الحاجة ثم الفاقة ثم الفقر وبعدها الفقر المدقع وعلى مدى سنوات الحرب تحول المواطنين السوريين إلى خط الفقر المدقع بغالبيتهم ووصل نسبه المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع إلى ما نسبة 89 % منهم.

وهذا كان المنعكس الأخطر للحرب على سوريا فنسبة لدخل المواطن السوري مقابل تكاليف المعيشة نرى ان نسبة الدخل للغالبية العظمى من المواطنين السوريين لاتصل إلى نسبة 20% عشرون بالمائة من حجم الدخل.
الأمر الذي يجب البحث في معالجته بشكل سريع وأي علاج لهذا الموضوع لابد من رفع الأجور والدخل للمواطن السوري بنسبة ثمانية أضعاف على الأقل ليصل المواطن السوري إلى معيشته قبل الحرب وهذا الأمر يحتاج من الدولة إلى رفع للأجور والرواتب إلى ما مقداره ثمانية أضعاف على الأقل.

وهذا الأمر يحتاج إلى خطة متكاملة ومثل هذه الخطة ستكلف الدولة السورية ما يقابل 30 ثلاثين مليار دولار ثلاثين مليار دولار على الأقل.

من خلال حزمة من الإجراءات تستهدف أولاً الرواتب والأجور وثانياً تثبيت لأسعار المواد الغذائية الأساسية وبشكل عام تعديل مستوى معيشة المواطن السوري ليصل إلى حد الكفاف إن لم يكن البحبوحة.

- القطاع التعليمي :

تم استهداف القطاع التعليمي منذ بداية الحرب لما هنالك من عداوة تقليدية بين العلم وهذه المجموعات الإرهابية القائمة على الجهل و التي تعتاش عليه وتتطور في غياب العلم فكان استهداف القطاع التعليمي من خلال تدمير المنهج للمدارس والمنشات التعليمية وقطاع التعليم والجامعات وكان هدف الحرب الأول إعادة السوريين إلى حالة الجهل والقرون الوسطى وكذلك تم استهداف الجسم التدريسي من معلمين وأساتذة جامعيين وكوادر تعليمية سواء من خلال القتل والاستهداف أو دفعهم للهجرة القسرية ويقدر عدد المدارس التي تم استهدافها والمنشات التعليمية ما نسبه 30% من القطاع التعليمي في سوريا بل واتخذ الإرهابيون تلك المنشات كمقرات عسكرية لهم نتيجة التحصين في هذه المدارس وبلغ حجم الدمار واحتياجات إعادة الإعمار للقطاع التعليمي ما يقارب 16 مليار دولار إضافة إلى جيل كامل من أطفال سورية نسبته 40 % من مجموع الطلاب تم تجهيلهم و إبعادهم عن المدارس بشكل مقصود لإنتاج جيل غير منتمي يرفل في الجهل ويكون أداة طيعة بيد الإرهاب الأمر الذي يكلف أعباء إضافية للدولة لإعادة تأهيل هذا الجيل قد يصل تكاليفه إلى مبلغ 5 مليارات دولار.

- القطاع الصحي :

تم استهداف القطاع الصحي في بداية الحرب باعتباره أحد أسباب الصمود لدى الشعب السوري لما كان القطاع الصحي يتمتع به من حرفية عالية إضافة إلى شبه مجانية وما يحققه من اكتفاء ذاتي بالنسبة للأمن الدوائي وسمعة الدواء السوري التصديرية حيث وصل في ما قبل الحرب إلى مستويات قياسية عالية.

تم استهداف القطاع الصحي على كافة مستوياته فتم تدمير المستشفيات وخاصة العامة منها كما تم استهداف الكادر الطبي والتمريض سواء بالقتل أو بالخطف لإجبارهم على العمل على المصابين من الإرهابيين أو بدفع هذا الكادر إلى الهجرة خوفاً من القتل والخطف ولو نظرنا نظرة خاطفة على الواقع الصحي الحالي لوجدنا ما نسبته 45% من المراكز الصحية في سوريا خارجة عن الخدمة أما تدميراً أو تهجيراً وأن سوريا خسرت ما مقداره 37% من كوادرها الصحية أما قتلاً أو خطفاً أو هجرة وهو معدل غير مسبوق في أي دولة من دول العالم مع ما كانت تحويه المراكز و المستشفيات المدمرة من تجهيزات حديثة تم سرقتها وتدميرها وتقدر خسائر القطاع الصحي بمبلغ 12 مليار دولار وتحتاج سوريا لإعادة هذا القطاع إلى سابق عهده لتقديم الخدمات التي كان يقدمها إلى ما يزيد عن مبلغ 25 مليار دولار.

شاملة إعادة بناء المشافي والمراكز الصحية وتجهيزها وتأمين الكادر الطبي فيه للوصول إلى ما كانت عليه قبل الحرب.

- قطاع النقل:

نال قطاع النقل ما ناله من الخسائر لجهة عدد السيارات والآليات التي دمرت خلال الحرب إضافة إلى ما تم سرقته من هذه السيارات من قبل العصابات المسلحة وخاصة الحكومية منها.

إضافة إلى تدمير عدد كبير من مديريات النقل والطرق العامة والجسور والبنى التحتية المتعلقة بقطاع النقل وتقدر أضرار قطاع النقل في سوريا بما لا يقل عن 5 مليارات دولار ويلزم لإعادة الحال إلى ما كان عليه إلى 6 مليارات دولار.

- القطاع البيئي :

وصل تدمير الغابات في سوريا إلى حدود غير مسبوقة نتيجة للحرائق التي حدثت في المناطق المتوترة وخاصة مناطق الغابات الساحلية إضافة إلى الحرائق في المنشات النفطية وقطع أشجار الغابات للتدفئة وتدمير الغابات لتحويلها إلى أرض زراعية وتدمير الغطاء النباتي بشكل عام الأمر الذي يوصل الخسائر وإعادة الحال إلى ما كان عليه إلى ما يصل إلى 17 مليار دولار.

- قطاع النفط:

وصلت خسائر القطاع النفطي إلى ما يزيد عن 29 مليار دولار وهذه الخسائر تمثلت بعدد كبير من الآبار النفطية التي خرجت عن الخدمة إضافة إلى كميات هائلة من النفط الذي سرق وبيع عن طريق الأتراك ضمن مافيا منظمة إضافة إلى العقوبات الغربية التي منعت تصدير النفط السوري أو الاستفادة منه وتعتبر الخسائر النفطية هي خسائر في الاتجاهين:

أولهم عدم إمكانية الاستفادة من النفط الوطني

والثاني اضطرار الدولة إلى استيراد حاجة سوريا من النفط من الأسواق العالمية وكذلك عدم إمكانية استثمار الحقول النفطية والغازية المكتشفة حديثاً فحصلت في سوريا خسائر مركبة وتراكمية أوصلت حجم الخسائر إلى الرقم المذكور وهو 29 مليار دولار ويشمل الخسائر إضافة إلى ما يحتاجه هذا القطاع للتعافي من جديد.


في الخاتمة:

لم يمر على بلد في العالم وعلى مدى التاريخ ما مر على سوريا سواء لجهة اجتماع ما يزيد عن 70 دولة بهدف تدميرها أو ما أجتمع على أرضها من أعداء للإرهابيين كان هدفهم قبل تدمير الأرض والبناء والاقتصاد تدمير المواطن السوري بحد ذاته والذي يحتاج إعادة أعمار ليس للنقود فقط بل لسنوات طويلة من إعادة التأهيل.

وبجمع كافة الخسائر في الوطن السوري يصل إلى رقم مرعب مقداره 1214 ألف ومائتان وثلاثة وأربعون مليار دولار.

هو حجم الخسائر وما يتطلبه إعادة الإعمار في سوريا في جزء كبير من القطاعات الاقتصادية والخدمية وهنالك الكثير من الخسائر الجانبية التي لا يمكن إحصائها ولا يمكن تقييمها بمال ولعل الشهداء والمصابين في هذه الحرب هي أبرز مظاهرها.

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك